يبدو أن عبدالله بن بيه رئيس ما يسمى "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" الذي أسسته أبوظبي عام 2014، لم يدرك قيمة الحرية التي منحها الله سبحانه، وقد تمثلت هذه الحرية المقدسة بأن الإنسان حر ليس في تعبيره فقط، وإنما في اختياراته كافة، وعلى رأسها حريته بالعقيدة، لقوله تعالى: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
الواعظ بن بيه، وخلال مشاركته في مؤتمر بالأمم المتحدة، ورغم مزاعم مؤسسته بأنه يكافح استغلال السياسيين للدين أو العكس، قام بذات الأمر، وفق ما يرى مراقبون، عندما استغل منبر الأمم المتحدة التي وضعت أبرز مواثيق وإعلانات حقوق الإنسان وحرياته، لانتقاد "حرية التعبير" غير الموجودة أصلا في معظم الدول الخليجية والعربية.
"بن بيه" دعا "إلى ربط مبدأ حرية التعبير الذي أصبح مبدأ مقدساً في الحضارة السائدة بمبدأ المسؤولية عن نتائج التعبير".
مشيراً إلى أن "خطاب التحريض الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام يعتبر من أهم محرضات العنف ومؤججات الكراهية مما يستدعي القيام بمراجعة فكرية لمبدأ حرية التعبير بشكل براغماتي نفعي ينظر إلى التأثير الميداني له".
"بن بيه" لم يتطرق في كلمته إلى الرسوم المسيئة للنبي الكريم (محمد صلى الله عليه وسلم) كمثال على سوء تطبيق حرية التعبير، وإنما يؤكد مراقبون أن السياق الذي قصده الواعظ هو حرية التعبير التي تمارسها الشعوب أو من المفترض أن تمارسها.
وزعم الواعظ "بن بيه" أنه "من المجدي أن يراجع العقلاء والحكماء والساسة والقانونيون مبدأ حرية التعبير بشكل براغماتي نفعي ينظر إلى التأثير الميداني له، خاصة في دول العالم الثالث، حيث يموت مئات الآلاف ضحايا للتضليل الإعلامي، يبحثون عن حرية لم ينالوها وعن سعادة لم يدركوها، فآل الأمر إلى تدمير شاملٍ للدول والشعوب"، على حد زعمه.
وتجاهل "بن بيه" أن الوضع المأساوي الذي قال إن مئات آلاف الضحايا سقطوا بسبب التضليل الإعلامي، سببه انعدام حرية التعبير والحريات كافة ومصادرة الحقوق كافة، وأن الأنظمة البوليسية القمعية في الدول الخليجية والعربية هي التي أوصلت شعوب المنطقة إلى هذا الوضع المأساوي والفوضوي، على ما يتهم ناشطون.
وأكد مراقبون أن "بن بيه" يناقض نفسه عندما يحرض ويطالب بتقييد حرية التعبير، في الوقت الذي يقول "حرية لم ينالوها" وقد كان تعبيره دقيقا، لأن الأنظمة والتشريعات في دول المنطقة تجعل من حرية التعبير جريمة تمس بأمن الدولة حيث العقوبات التي تصل للمؤبد والغرامات المليونية من الدراهم أو الريالات، على ما يقول ناشطون.
ويشير الناشطون إلى أن ما دعا إليه الواعظ متحقق بالفعل في دولة الإمارات، ودول الخليج عامة. فعشرات الناشطين الإماراتيين وأحدثهم ناصر بن غيث وأحمد منصور، يعاقبون لاستخدامهم حقهم في التعبير عن رأيهم، وفق منظمات حقوقية. وفي السعودية والكويت والبحرين عشرات آخرون يحاكمون جراء حرية التعبير بالفعل، والحال في مصر وغيرها أكثر قمعا ودموية على حد قول الناشطين.