طالبت 15 منظمة حقوقية فرنسية ودولية الإمارات والسعودية بوقف عملياتهما العسكرية في الحديدة اليمنية بالتزامن مع دعوة لفرنسا لوقف تصدير الأسلحة بشكل كامل إلى أبو ظبي والرياض اللتين تستعملانها في قتل المدنيين في اليمن.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته تلك المنظمات في مقر منظمة أطباء بلا حدود في باريس الثلاثاء، ناقش الحرب في اليمن والأزمة الإنسانية التي يعيشها الملايين من المدنيين بسبب المعارك والحصار المطبق الذي تفرضه السعودية والإمارات على مدينة الحديدة.
ودعت المنظمات الحقوقية فرنسا إلى ممارسة دور فعال من خلال الضغط على قوات التحالف السعودي الإماراتي لوقف عملياته العسكرية في ميناء الحديدة، الذي يعتبر الرئة التي يتنفس من خلالها مئات الآلاف من اليمنيين.
وفي مداخلته، قال مدير "العمليات الخارجية" في منظمة أطباء بلا حدود جان فرانسوا كورتييه إن السعودية والإمارات تنتهجان أسلوب العقاب الجماعي للمدنيين، وتعرضان حياة الملايين منهم لمجاعة ممنهجة ومتعمدة.
التدخل الفوري
وطالب كورتييه حكومة بلاده بالتدخل فورا والضغط على كل من الرياض وأبو ظبي لوقف عملياتهما العسكرية في الحديدة، التي تمثل شريان الحياة بالنسبة لملايين اليمنيين من خلال مينائها الذي يستقبل أكثر من 70% من واردات البلاد من الخارج.
وكشف المسؤول الحقوقي أن الحكومة الفرنسية قررت إلغاء الندوة الدولية حول الأزمة الإنسانية في اليمن التي كانت مرتقبة الأربعاء من دون ذكر الأسباب، وتقرر تحويلها إلى اجتماع مغلق بحضور خبراء ومسؤولين عن الحكومة الفرنسية والأمم المتحدة.
وعبر كورتييه عن استغرابه من عدم دعوة الحكومة الفرنسية للمنظمات الحقوقية الدولية لحضور الاجتماع المذكور.
في السياق ذاته، قالت عضو منظمة العفو الدولية-فرع فرنسا رشا معاوية إن كلا من السعودية والإمارات تجوع ملايين اليمنيين بمنعهما دخول المواد والسلع الأساسية كالوقود والمواد الغذائية والطبية، الأمر الذي يعرض -بحسبها- بشكل مباشر ملايين المدنيين لخطر الموت بعد تفاقم الأزمة الإنسانية وتفشي الأمراض والأوبئة.
جريمة حرب
بدورها أكدت المتحدثة باسم منظمة هيومن رايتس ووتش بنيدكت جان رو في تصريح للجزيرة نت أن السعودية والإمارات تمنعان بشكل غير قانوني وصول الإمدادات والمساعدات الإنسانية إلى ملايين المدنيين، مضيفة أنهما تتعمدان تفتيش وتأخير وصول تلك المساعدات إلى الموانئ، وهو ما يعتبر جريمة حرب في القانون الدولي.
وأوضحت جان رو أن العفو الدولية وثقت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها قوات التحالف العربي بينها إعدام مئات المدنيين من خلال القصف العشوائي للمناطق السكنية والمستشفيات والمساجد.
وحثت المسؤولة الحقوقية كل الأطراف المتحاربة على توفير ممرات لآلاف المدنيين، والسماح لهم بالخروج نحو مناطق آمنة، إضافة إلى توفير المساعدات الإنسانية والطبية لهم دون قيد أو شرط.
الانتقادات السابقة نفسها وجهتها مديرة منظمة "كار" الإنسانية-فرع فرنسا آن هيري لقوات التحالف العربي التي تمنع بحسبها المنظمات الإنسانية من دخول اليمن، مما يحول دون تقديم المساعدات العاجلة لآلاف الجرحى الذين يكابدون من أجل البقا ء على قيد الحياة في ظروف مأساوية بسبب الأسلحة الفتاكة التي أصيبوا بها.
وأكدت هيري في تصريح للجزيرة نت أن بحوزتها تقارير تؤكد استهداف الطيران الحربي للسعودية والإمارات للمستشفيات ومقار المنظمات الإنسانية من أجل ترهيبها ودفعها لمغادرة اليمن كي لا تكون شاهدة على الفظائع والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها في حق اليمنيين العزل، حسب تعبيرها.
تواطؤ فرنسي
وكان لمسؤولة العلاقات الخارجية في منظمة "آكات" الدولية لحقوق الإنسان هيلين لوجيه رأي آخر، إذ اتهمت حكومة بلادها بالتواطؤ في قتل مئات المدنيين اليمنيين عبر الأسلحة الفرنسية التي تستعملها السعودية والإمارات في حربهما في اليمن.
وكشفت لوجيه أن عددا من نواب البرلمان كانوا قد طالبوا بلجنة تحقيق في ملف بيع الأسلحة لكل من الرياض وأبو ظبي، إلا أن الحزب الفرنسي الحاكم والحكومة لا يزالان يعيقان الخطوة بسبب خشيتهما فقدان الشركات الفرنسية صفقات عسكرية بمليارات الدولارات.
وفي السياق نفسه، دعا الباحث في "المركز الفرنسي للتسليح" توني فورتان فرنسا إلى حظر بيع الأسلحة بشكل كامل إلى كل من السعودية والإمارات بسبب الانتهاكات الفظيعة التي تمارسانها منذ ثلاث سنوات.
وأكد فورتان للجزيرة نت أنه لا يوجد أدنى شك في أن الرياض وأبوظبي استخدمتا الأسلحة الفرنسية الفتاكة ضد المدنيين مثل دبابات لوكلير والطائرات الحربية.
كما أنها استعانت بقوات فرنسية من أجل مساعدتها في حربها ضد الحوثيين في الحديدة، وهو ما يعرضها للمساءلة القانونية أمام المحاكم الدولية بالتواطؤ في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، حسب تعبيره.