كان وسيظل هو الموضوع الأكثر تداولاً، الأكثر أهمية، والأكثر عرضة للبحث والاهتمام والاجتهاد، لذلك فإن نصف ما تنتجه شركات هوليوود من أفلام يدور حول الحب موضوعاً وعاطفة ومؤثراً في سير مصائر البشر وكثير من أحداث التاريخ. فلقد تنازل الملك إدوارد الثامن عن عرش بريطانيا لأجل التمسك بزوجته الأميركية السيدة سيمسون، لكن الحفيد الصغير للملكة اليزابيث ملكة بريطانيا الحالية غيّر البروتوكلات الملكية وأخضع قصر باكينغهام العريق لإرادة الحب حين انتصر إصراره على الزواج من الأميركية ميغان في مواجهة تعنت قوانين القصر الملكي!
للحب عبر التاريخ قافلة من الشعراء الكبار حملوه طوال الأزمنة، وله أبطال وبطلات ضحوا بأعمارهم كي يمنحوه سطوته وأسطوريته، ولذلك لا يزال الناس برغم الزمن الذي مر تحت جسور الحياة، يحفظون أسماء وسير أولئك العشاق، كما لا يزالون يقرأون القصائد ويشترون دواوين الشعر، ويذهبون للسينما ليشاهدوا الأفلام التي تروي قصص حب دافئة تمنح تلك الأفلام بعدها الإنساني الذي يجعل الناس على اختلاف ثقافاتهم يمنحونها رضاهم، وتقييماً عالياً، لأنها تريق على أيامهم وهجاً لا يخطئه القلب!
إنك إذا جربت أن تسأل أحدهم: ما الشيء اللافت في أي شخص بحيث يجعلك تقع في غرامه؟ بمعنى آخر: ماذا تشترط أو بمن تفكر قبل أن تحب شخصاً بذاته دون سواه؟ سيقف أمامك هذا الإنسان متردداً لا يعرف بماذا يجيب، وقد يجيبك: ليس للحب شروط، فالحب من يختارنا لا نحن! لكن ثق بأنك ستستمع لهذه الإجابة في النهاية: لقد أحببته لأنه شخص مختلف، ولأنه يمتلك عقلاً مثيراً وحضوراً طاغياً!
فهل أحببنا هؤلاء الذين نحبهم لأنهم مختلفون ويمتلكون عقولاً مثيرة وحضوراً طاغياً، أم لأننا نحبهم نراهم كذلك، بينما يراهم الآخرون أشخاصاً عاديين؟ لا معادلة ثابتة ولا إجابة نموذجية في الحب!
حينما سألت إحدى الصحفيات أطفالاً لا يتجاوزون السابعة من العمر عن ما هو الحب؟ لم يترددوا في استحضار مشاهد ومواقف وجدوا فيها الإجابة عن السؤال، لقد بدت إجاباتهم طريفة ومضحكة، لكنهم تفوقوا على الكبار في تحديد حقيقة الحب، فأن تصنع أمي لأبي قهوة ثم تأخذ منها رشفة بالملعقة لتتأكد أن مذاقها لذيذ قبل أن يشربها تجسيد حقيقي للحب من وجهة نظر طفلة في السادسة، وأن يطلي الجد برغم تعبه الظاهر أظافر الجدة لسنوات عديدة دون تذمر لأنها غير قادرة على الانحناء، هذا هو الحب كما تعتقد ريبيكا ذات الثمانية أعوام!!