تطالب قطر محكمة العدل الدولية في شكواها بالحكم على أبوظبي بـ"تعليق وإلغاء الإجراءات التمييزية المطبَّقة ضدها حالياً على الفور، وأن تدين علناً التمييز العنصري حيال القطريين، وأن تعيد إليهم حقوقهم"؛ إذ تستند الدوحة في دعواها إلى المعاهدة الدولية لإلغاء كل أشكال التمييز العنصري الموقَّعة في 1965، وهي واحدة من أُولى الاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان، وتُعتبر قطر والإمارات من الدول الموقعة عليها، في حين لم توقِّع السعودية والبحرين ومصر عليها.
بحسب خبراء، ومن خلال متابعة جلسات المحكمة الثلاث الأولى، أمام فِرق الدفاع من البلدين، يرى المتابع بوضوحٍ أن دولة الإمارات لم تُفنِّد أياً من ادعاءات الشكوى القطرية، واستخدمت طريقة "الاستهلاك الإعلامي"، في حين أعطى تناقض فريق أبوظبي صورة واضحة لدى أعضاء المحكمة الدولية بأن الإمارات بالفعل قد خرقت الاتفاقيات الدولية المُوقَّعة عليها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وأسهمت آلتها الإعلامية في بث الكراهية والعنصرية والتمييز مع دول أخرى، ليمثِّل هذا الإجراء عاملاً جديداً لانحسار دور الإمارات دولياً وإقليمياً، وأيضاً دافعاً جديداً لانسحاب الشركات العالمية وإغلاق مكاتبها تباعاً؛ بعد انحدار سمعتها بالمحاكم الدولية.
وفي حال أدينت دولة الإمارات ستقر المحكمة الدولية بحسب قانونها، قرارات ثم تحيلها إلى مجلس الأمن لمتابعة تنفيذها، وتجبرها ودول الحصار على رفع الحصار عن قطر مع دفع التعويضات، أو اتخاذ إجراءات دولية بحقها منها حظر بيع الأسلحة وتعليق أو إلغاء الاتفاقيات التجارية أو تجميد عضويتها في الأمم المتحدة، فضلاً عن تراجع سمعتها وصورتها دولياً وإقليمياً.
وأكد الفريق القطري ومتخصصون في "أكاديمية لاهاي للقانون"، أن موقف دولة قطر أمام الإمارات "قوي جداً"، وأن أوراق الدعوى مُحكمة ومدروسة ومضبوطة بشكل يجعلها كـ"الحبل حول عنق الإمارات"، بحسب رئيس الفريق محمد الخليفي.
وزعم الخليفي إن إجراءات الدوحة ضد أبوظبي في المحكمة الدولية ستكون قاسية جداً، معتبراً أن هذه القضية -بحسب فريق الدفاع- منتهية ومحسومة لصالح بلاده، مشيراً إلى أن حسم الدعوى لصالح قطر مسألة وقت.
"إيف ديفيد"، أستاذ القانون الدولي (سابقاً) بجامعة السوربون بباريس، ورئيس أكاديمية لاهاي للقانون الدولي في لاهاي، أكد أن موقف الإمارات "سيئ للغاية"، حيث قدَّمت هيئة الاتهام القطرية أوراقاً وأدلة تحاصر الإمارات بشكل مُحكم جداً، منها مخالفتها المواد الثانية والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة من اتفاقية عدم التمييز الموقَّعة عام 1969، وارتكبت انتهاكات تمثلت في طرد جماعي للقطريين من الدولة بناء على قرار رسمي مُعلن، وقدمت قطر وثائق وتصريحات رسمية بهذا الشأن.
كما حظرت سلطات الإمارات دخول القطريين إلى أراضيها، وانتهكت سلطات أبوظبي بشكل علني أيضاً، حقوقاً أساسية مثل "الحق في الزواج والتواصل مع الأسرة، والحق في الرعاية الطبية، والحق في التعليم والتدريب المهني، والحق في الملكية، والحق في العمل، والحق في المشاركة بالأنشطة الثقافية، والحق في المعاملة المتساوية أمام المحاكم، وهذه الاتهامات أو الانتهاكات (مثبتة وموثَّقة)، ولا يمكن التملص منها"، بحسب الادعاء القطري.
كاترينا بويلي وولكي، عضو فريق الادعاء القطري، وصفت دعوى قطر أمام المحكمة الدولية بأنها "مكتملة ومرتَّبة" وتوضح بشكل جلي، "الدوافع والتدابير والأدلة والضحايا"؛ ومن ثم فالنتيجة "محسومة" تماماً وفق نصوص القانون الدولي واتفاقية مناهضة التمييز العنصري؛ لكون هذا النزاع من النزاعات الواضحة المعالم أو القضايا السهلة، معتبرة أن "الحكم بالتأكيد لصالح قطر بنسبة 100%".
وأضافت ووكلي أن "التمييز واضح تماماً للجميع؛ بل أعلنته الإمارات في بيانات رسمية؛ ومن ثم فسوف تحكم المحكمة بضرورة إلغاء هذا التمييز المعمول به منذ أكثر من عام، ووقف خطاب التحريض والكراهية في إعلام دول الحصار، ومعاقبة مرتكبيه، وفتح المجال أمام القطريين لمقاضاة المسؤولين عن الأضرار التي وقعت عليهم أمام المحاكم الإماراتية، وفسح المجال أمام الأُسر والعائلات المتصاهرة من الدولتين للتلاقي وممارسة حياتهم الطبيعية، وستكون الإمارات مُلزمة أمام المجتمع الدولي بضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات نهائياً، وفي حالة المخالفة سيكون موقفها صعباً بنظر المجتمع الدولي وتكون "دولة مارقة"، وستُلغى الكثير من الاتفاقيات التي وُقِّعت بينها وبين المؤسسات الأممية الدولية.
يشار أن الصحف الإماراتية ملئية بآراء "خبراء" قانون يعتقدون خلاف ما أدلى به هؤلاء الخبراء، ويشيرون أن الشكوى القطرية ليست أكثر من استهلاك إعلامي، ما دفع بوزير الشؤون الخارجية أنور قرقاش لتذكير الدوحة بأن حل الأزمة بذهابها إلى الرياض وليس عبر مثل هذه المسارات.