افتتحت جيبوتي بدعم من الصين مشروعا ضخما يتمثل في منطقة للتجارة الحرة هي الكبرى في أفريقيا، وبدا المشروع بمثابة "رد على تحركات الإمارات في البحر الأحمر ومحاولاتها محاصرة موانئ جيبوتي وعزلها"، على حد تعبير مراقبين.
ويعتقد خبراء "أنه بافتتاح المنطقة الحرة سيتحول ميناء جبل علي في مدينة دبي إلى شبه ميناء داخلي، وهو ما يعني الإضرار بشريان رئيسي لتجارة الإمارات الساعية لمد نفوذها التجاري والسياسي في القرن الأفريقي واليمن من بوابة السيطرة على الموانئ".
ويأتي افتتاح هذه المنطقة من قبل رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله وبحضور نظيريه السوداني عمر البشير والرواندي بول كاغامي، ورئيسي وزراء إثيوبيا والصومال آبي أحمد وحسن علي خيري، بعد أشهر من إلغاء جيبوتي امتيازا لشركة موانئ دبي العالمية في ميناء "دوراليه" الذي لا يبعد كثيرا عن المنطقة الحرة.
وكانت الشركة الإماراتية تملك 33% في الميناء الذي يمثل نقطة عبور رئيسية نحو إثيوبيا التي ليس لها منفذ على البحر، وقد لجأت للتحكيم بعد إلغاء العقد الذي تبلغ مدته أكثر من خمسين سنة.
لكن الرئيس الجيبوتي وصف القرار بأنه استعادة للسيادة تضع حدا للتعدي على ثروة الجيبوتيين الممثلة في موقع بلدهم، كما اعتبر إلغاء الامتياز ضمن الاستقلال الاقتصادي.
ويدير المنطقة الحرة بالإضافة إلى هيئة موانئ جيبوتي، ثلاثة شركاء صينيين هم مجموعة التجار الصينيين، وهيئة ميناء داليان، وشركة مجموعة التجارة عبر الحدود.
وكانت جيبوتي عملت خلال السنوات الماضية على تحديث وتوسعة مرافقها بكلفة 15 مليار دولار، وشمل ذلك افتتاح ثلاثة موانئ متعددة الأغراض، وسكة حديد تربط أديس أبابا بميناء جيبوتي، مما قلل مدة الرحلة التي كانت تقطع مسافة 752 كيلومترا في ثلاثة أيام إلى 12 ساعة.
مرحلة أولى
وحسب مصادر إعلامية، تمتد المرحلة الأولى من منطقة التجارة الحرة الدولية في جيبوتي على مساحة 240 هكتارا، وستبلغ عند اكتمالها 4800 هكتار، مما يجعلها أكبر منطقة تجارة حرة في أفريقيا.
وقال رئيس مجلس إدارة هيئة موانئ جيبوتي أبو بكر عمر للجزيرة نت إنها تمثل عهدا جديدا من انفتاح جيبوتي ومن ورائها منطقة القرن الأفريقي على مسارات التجارة العالمية والتنويع الاقتصادي، مضيفا أن بلاده ستعمل على جعل المنطقة الحرة مركزا للصناعات التحويلية وإعادة تصنيع المواد الخام القادمة من أفريقيا وتصديرها للأسواق.
ورأى مراقبون في حضور قادة أفارقة افتتاح المشروع رسالة دعم أفريقية لهذه المنطقة الحرة التي ستكون ذات مرود اقتصادي واستثماري على منطقة القرن الأفريقي برمتها.
وأشاروا إلى أن المشروع جزء من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية التي تهدف لإحياء وتطوير طرِيق الحرير التاريخي عبر تشييد شبكات من الممرات البرية والبحرية تربط الموانئ الصينية بأفريقيا.
من جهته، رأى عبد الله حمدوك نائب الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية الأفريقية التابعة للأمم المتحدة أن هذه المبادرة ستساعد على تطوير التجارة البينية بين الدول الأفريقية.
ووفق إحصائيات الرسمية الجيبوتية، فإن موانئ جيبوتي تشهد يوميا عبور تسعين سفينة تشكل السفن القادمة من آسيا 59% منها، في حين تمثل السفن القادمة من أوروبا 21%، ومن القارات الأخرى بما فيها أفريقيا 16%.
والعام الماضي زادت حركة الحاويات في موانئ جيبوتي إلى تسعمئة ألف حاوية، كما بلغ حجم الشحنات الجافة والمنتجات النفطية تسعة ملايين طن متري.