هتفتْ ورقصت مع جمهور بلادها المنتشي بفوز منتخبه على روسيا، البلد المضيف الحالم بكأس العالم، والذي تكفل الكروات بتحطيم حلمه في ليلة لا تنسى كليالي ألف ليلة، بعد الفوز المجلجل دخلت السيدة كوليندا غرابار كيتاروفيتش إلى غرفة ملابس اللاعبين فشكرتهم واحداً واحداً، وحيّتهم ورقصت معهم ما أعطاهم دفعة أقوى ليعودوا ثانية ويسحقوا أحلام الإنجليز الذين لشدة ثقتهم كتبوا بطائراتهم في سماء لندن قبل يوم من المباراة عبارتهم الشهيرة: «إنه عائد لوطنه»، يقصدون أنهم أهل الكرة وأول مَنْ لعبها وقدّمها إلى العالم، فمن الطبيعي أن يكون الكأس من نصيبهم، إلا أن منتخب الكروات كان له رأي آخر مختلف تماماً!
قبل أن تمحو الريح آثار الجملة المرتسمة في سماء لندن، كان الكروات قد أتبعوا الإنجليز بالروس وقسوا على أحلام الجميع، لتحلّق رئيستهم في سماء الفخر بأبنائها، فكتبت عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك: «شعبي، هذا ممكن! برافو للناريين، برافو لكل المشجعين.. كرواتيا في النهائي». ولتقدم قميص المنتخب إلى زعماء العالم، هكذا يمكن لكرة القدم أن تتحول من حمى تجارة وشغب وهدر أموال وفساد وصراعات، إلى حمى افتخار وطني أصابت أمة بأكملها من قمة هرمها السياسي إلى أصغر أطفال المدارس فيها، من دون أن ننسى أن كرواتيا ليست بلداً متخلفاً ولا عاجّاً بالفساد كبعض دول أميركا اللاتينية أو إفريقيا أو... الذين تشكّل كرة القدم تعويضاً وطنياً لشعوبهم!
لقد فتحت رئيسة كرواتيا الباب على مصراعيه لنبش تاريخها مع السلطة، وتفوّقها، والفارق الكبير الذي أوجدته في طريقة إدارتها البلاد والثروة وعلاقتها بشعبها، «شعبي هذا ممكن».. هذا ما قالته لشعبها، فالنجاح والفوز في السياسة كما في كرة القدم ليس حكراً على أحد، لا السياسة للروس فقط ولا الكرة للبرازيليين فحسب، فها هي كرواتيا في النهائي!
ليس هناك ما يمنع المرأة من تبوؤ أعلى المناصب، طالما توافرت فيها شروط الكفاءة اللازمة، والدليل أن خلطة كرواتيا بزعامة السيدة «كوليندا غرابار كيتاروفيتش» أثبتت أن المرأة والرجل يقفان على مسافة واحدة حين يتعلق الأمر بالقيادة والتمكين، وأن الأمر عائد لمعادلة الكفاءة والإرادة السياسية، والإدارة السليمة المتجنبة للفساد، وليس للجنس دخل في الأمر، والدليل تجارب ألمانيا وبريطانيا ودول أخرى !