أحدث الأخبار
  • 10:57 . رئيس وزراء قطر: نعمل على وضع رؤية عربية مشتركة تجاه أزمات المنطقة... المزيد
  • 09:04 . مدعي الجنائية الدولية يطلب اعتقال الحاكم العسكري في ميانمار... المزيد
  • 07:32 . حزب الله يستعد لتشييع حسن نصر الله... المزيد
  • 07:01 . طحنون بن زايد يبحث مع "إيه إم دي" فرص تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي... المزيد
  • 06:38 . أبطال أوروبا.. ليفربول يسعى لتحقيق فوزه الأول على ريال مدريد منذ 15 عاماً... المزيد
  • 06:28 . الإمارات ترحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان... المزيد
  • 06:25 . رئيس الدولة يترأس الاجتماع السنوي لمجلس إدارة "أدنوك"... المزيد
  • 06:19 . الولايات المتحدة تتجه لوقف الحرب في غزة... المزيد
  • 06:04 . تل أبيب ممتنة لأبوظبي على تعزيتها في مقتل الحاخام الإسرائيلي... المزيد
  • 02:48 . تركيا تقلص صفقة شراء مقاتلات إف-16 من أمريكا... المزيد
  • 12:49 . الذهب حبيس نطاق ضيق قبل صدور بيانات التضخم الأمريكية... المزيد
  • 11:47 . النفط يستقر وسط تركيز على وقف إطلاق النار في لبنان وسياسة أوبك+... المزيد
  • 11:36 . هواوي تطلق أحدث هواتفها بنظام تشغيل خاص خالٍ من أندرويد... المزيد
  • 11:27 . بايدن يعلن عن جهود مشتركة مع قطر وتركيا ومصر لوقف العدوان على غزة... المزيد
  • 11:01 . أبوظبي تعزي عائلة الحاخام الإسرائيلي وتشكر تركيا على تعاونها في القبض على الجناة... المزيد
  • 10:48 . السعودية تعتمد ميزانية 2025 بعجز متراجع لـ27 مليار دولار... المزيد

دروس تعددية الممارسات العولمية

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 13-07-2018

بغياب أيديولوجية أو منظومة فكرية اقتصادية مترابطة ومتناسقة في بلاد العرب حاليا، كما كان عليه الحال بالنسبة للعديد من الأقطار العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، يلح على الذهن هذا السؤال: إذا كانت أنظمة الحكم العربية لا تملك نسقا فكريا اقتصاديا، نابعا من ظروف الوطن العربي، وملبيا لحاجات وتطلعات الأمة، فما الذي يحكم الحياة الاقتصادية العربية؟
في اعتقادي أن الذي يحكم هو الانخراط التابع في الأعراف والممارسات الاقتصادية العولمية التي ابتدعها الآخرون ويفرضونها على العالم منذ بضعة عقود، ونعني بها الرأسمالية النيوليبرالية العولمية بتفاصيلها الكثيرة المتشعّبة.
حسنا، إذا لا يستطيع العرب أن يعيشوا خارج العالم المحيط بهم، لكن ألا توجد ضمن تلك الأعراف والممارسات تنوعات في التطبيق، بل حتى في الأهداف المراد تحقّقها؟
والجواب، هو «نعم»، إذ وجدت وتوجد أشكال من التعاملات مع النظام الاقتصادي العولمي السّائد حاليا. فالتعامل الأمريكي، مثلا، هو غير التعامل الصيني، والتعامل الكوري الجنوبي هو غير التعامل الاسكندنافي الأوروبي. لقد كتب عن التجارب والتعاملات الآسيوية، وطالب الكثيرون من الكتاب العرب بدراسة نجاحاتها وتعلّم دروسها التاريخية والحالية. ونبّه الكثيرون إلى أن الدول الرأسمالية الآسيوية الناجحة مارست سياسات حمائية لصناعاتها ومختلف أنشطتها الاقتصادية، وذلك قبل أن تنخرط في المنافسات العولمية، وقبل أن تفتح أسواقها أمام الشركات والرساميل الأجنبية.
وها أن الولايات المتحدة الأمريكية، عرّابة النظام الرأسمالي النيوليبرالي المتوحّش وغير المنضبط، تعود إلى ممارسة الحمائية في أبشع صورها. وهو ما يشير إلى أن النظام الاقتصادي العولمي ليس موضوعا مقدّسا لا يمكن المساس به أو تعديله.
إذا كان المشهد الاقتصادي العولمي بهذه التعدديات التفصيلية، فما الذي يمنع العرب من انتقاء مجموعة من الممارسات الناجحة عند الغير وتوليفها لتكون صالحة ومفيدة للوضع العربي الاقتصادي الذي يعاني الأهوال، سواء في أقطاره الغنيّة أو في بلدانه الفقيرة؟ فاذا كانت التجربة الآسيوية تعطي دروسا في أهمية ممارسة الحمائية للصناعات والخدمات العربية الناشئة، فإن التجربة الاسكندنافية قادرة على إعطاء دروس في أنسنة الرأسمالية النيوليبرالية، وإلباسها القيم الأخلاقية، وجعل سيرورتها لا تتعارض مع التزامات الدولة الاجتماعية تجاه كافة المواطنين، وعلى الأخص الفقراء والمهمشين، في حقول مثل الصحة والتعليم والعمل والسكن.
المطلوب هو دراسة القدرات والسياسات في الدول الاسكندنافية (السويد والدنمارك وفنلندا والنرويج) التي مكنت تلك المجتمعات من جعل مؤسساتها الاقتصادية وشركاتها قادرة على المنافسة الاقتصادية مع الآخرين، من دون أن تفقد تلك المجتمعات روحها الإنسانية الأخلاقية، ومن دون أن تتنازل عن كونها دول رعاية اجتماعية شاملة في حقول التعليم والرعاية الصحية، وتوفير الأعمال ومحاربة البطالة ومساندة ذوي الإعاقة.
نقول ذلك، لأنّ الغالبية السّاحقة من أنظمة الحكم العربية تسير على النّهج الرأسمالي النيوليبرالي المتوحّش، الذي تمارسه دول مثل أمريكا أو بعض دول أوروبا الجنوبية.
إن سير الغالبية الساحقة من الدول العربية نحو التخلّي عن التزاماتها الاجتماعية، التي كانت تلتزم بها في السابق، وتسليم تلك الالتزامات إلى القطاع الخاص يهيّئ مجتمعاتهم لانفجارات واضطرابات، بدأت طلائعها منذ عام 2011. وفي الفترة الأخيرة أضيفت ممارسة جديدة، وهي تحميل المواطنين مسؤولية عدم التوازن في الموازنات الحكومية، والمطالبة المتنامية في زيادة الرسوم والضرائب المباشرة وغير المباشرة. إن كل ذلك يتمّ من دون أي مساس بنمط الحياة السياسية العربية المتخلّف، وبامتيارات هذه الأقلية أو تلك، ومن دون إعطاء أي اعتبارات لظروف الفقراء وذوي الدخل المحدود.
في هذه الأوضاع التي تقود بسرعة هائلة إلى زيادة غنى الأغنياء العرب، وإلى زيادة فقر فقراء العرب، بسبب الارتماء الأعمى في أحضان إملاءات الرأسمالية النيوليبرالية العولمية، كما تمارسها بعض الدول الغربية الفاقدة للبوصلة الإنسانية والأخلاقية، نحتاج، نحن العرب، إلى إبعاد أنظارنا عن الممارسات المجنونة الأنانية المنحازة للأغنياء فقط، والبدء بالنظر إلى والتعلم من ممارسات أكثر إنسانية وعدالة.
لسنا بملزمين على الإطلاق بممارسة أخطاء وخطايا النظام الرأسمالي العولمي الحالي الجائر. لسنا ملزمين بإهمال فضيلة العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة، وبالتالي في اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء واختفاء الطبقة الوسطى.
لسنا مكرهين على قبول تنازل الدولة العربية عن التزامات الرعاية الاجتماعية الأساسية.
ليست الدولة العربية ولا المواطن العربي ملزمين بالدخول في جنون المديونيات، التي تجني أقليات من ورائها المال الوفير على حساب الدول والأفراد. ثم تقوم تلك الدول ويقوم أولئك الأفراد بممارسة ضنك العيش وفواجعه من أجل تسديد تلك الديون. لسنا ملزمين أن نسلّم أمورنا إلى متطلبات الأسواق وأنظمتها، من دون تدخّل الدولة، فالسوق غير المنضبط طريق للفواجع والانفجارات.
لن نكون، نحن العرب، وحيدي زماننا بالنسبة لهذا الأمر، فلقد مارسه بحكمة وشجاعة الآخرون، فلنتعلم منهم.