منذ يوم أمس الأول، تبنت دائرة الصحة في أبوظبي آلية جديدة لصرف الأدوية المثيلة للمرضى، عوضاً عن تلك ذات العلامات التجارية الشهيرة أو ما أصبحت «ماركة»، ونحن في مجتمع تنشغل شرائح واسعة فيه بقضايا «الماركة» حتى في المرض والدواء، ومكان إيواء المريض، وتوليد الأم إذا كان في غرفة أو جناح ماسي أو ذهبي أو أقحواني!!.
الدائرة لدى إعلانها عن اعتماد الخطوة، أكدت أنها تجيء ضمن جهودها لضمان جودة الخدمات الطبية، والتشجيع على استخدام هذه الأدوية التي تعزز مبدأ «القيمة مقابل المال». وأنها-أي هذه الأدوية- توفر المنافع السريرية ذاتها و«مكافئة حيويا» للدواء الذي يحمل العلامة التجارية الشهيرة، وأنها اطلعت على تجارب مماثلة في العديد من الدول بما فيها الدول الصناعية المتقدمة، حيث وجدت أن 80% من الأدوية الموصوفة في ألمانيا هي «مثيلة»، وفي بريطانيا النسبة 78%.
أثارت الخطوة الكثير من الجدل في أوساط المجتمع على الرغم من أن التطبيق في مرحلة تمهيدية، وذلك بسبب انقسام الآراء حول مؤيد ومتحفظ، فهناك من يرى أن المستفيد الأول ستكون شركات التأمين الصحي التي ستنخفض عليها أعباء فاتورة الأدوية بصورة ملحوظة، خاصة أن الآلية أتاحت للمريض المتمسك بدواء العلامة التجارية الشهيرة، الحصول عليه لقاء دفع الفارق في السعر بين الدواءين. وهناك من رأى في القرار فرصة لتسويق أدوية لم تنل حظها من الترويج وإثبات وجودها في سوق ضخمة على مستوى العالم، فمن المعروف أن سوق الأدوية وتصنيعها تعد الثانية بعد صناعة الأسلحة دخلاً و عوائد للشركات الصناعية العملاقة.
وهناك من رأى أن الخطوة -لا سيما بعد أن فرضت الصناعات الدوائية الوطنية وجودها- بأنها ستتيح لهذه الشركات الارتقاء بمنتجها، وفي الوقت ذاته ستجعل شركات الأدوية ذات العلامات التجارية الشهيرة تراجع سياساتها وأسعارها بحيث تكون في المتناول بدلاً من الفروقات الجارية حد المبالغة. وربما الذي سيتأثر من الخطوة شريحة من أصحاب الأمراض المزمنة ممن يستغرق الأمر بالنسبة لهم بعض الوقت ريثما يتقبل جسمهم الدواء الجديد بعد أن اعتادوا لسنوات طويلة على نوع معين من الدواء.
نتمنى أن تكون المرحلة التمهيدية من تطبيق الآلية الجديدة، مرحلة تقييم شاملة تؤكد ما تهدف إليه دائرة الصحة الحريصة مع شركائها الاستراتيجيين على الارتقاء بالخدمات وتحقيق أعلى مستويات الاستدامة في المنظومة الصحية.