في الثلاثين من نوفمبر يحي الإماراتيون حكومة وشعبا ذكرى يوم الشهيد، مستذكرين مناقب الشهداء وتضحياتهم، مكررين في كل عام مظاهر الاحتفال نفسها، ويلقي المسؤولون الكلمات والخطابات الوطنية ذاتها، وتعيد وسائل الإعلام التقارير عينها. ولكن يبحث أحد لا حكومة ولا مؤسسات ولا وسائل إعلام ولا قطاعات شعبية بماذا وكيف استثمرت الدولة هذه التضحيات والدماء الزكية؟
إماراتيون يعتقدون أنه بوجود "مكتب أسر الشهداء بديوان ولي عهد أبوظبي"، قد أزهرت دماء الشهداء وأن ذويهم قد وجدوا تكريما مبالغا أو على الأقل موازيا لتضحياتهم وآلامهم، وأن "حفل ريهانا" الذي أحيت فيه أبوظبي ذكرى يوم الشهيد قبل عامين لا يزال يشكل سلوى لهم!
اليوم في الإمارات ومنذ الدخول في حرب اليمن هناك نحو 120 شهيدا في اليمن وأفغانستان لم يتم استثمار هذه التضحيات الزكية في أي مشروع وطني آخر رغم الحديث بكثافة طوال العام عن الوطن والوطنية وحقوقهما، وبقليل جدا عن حقوق المواطن.
إمارايتون يعتقدون أن استثمار دماء الشهداء هو بتركيز الدولة جهودها كافة وليس فقط الدبلوماسية في معركة تحرير جزرنا المحتلة إيرانيا منذ 1971، وكأن نظام الملالي تعمد أن يحتل جزءا عزيرا من بلادنا منذ إعلان توحيد الدولة وفي أيام قريبة من هذا الإعلان، ليذكرنا دائما بانتقاص في استقلالنا وسيادتنا، بحسب ما يعتقده ناشطون.
الناشطون أكدوا أن احتلال الجزر ليس قدرا على الإماراتيين التسليم به، خاصة في ظل قوة متنامية للدولة عسكريا وسياسيا وتدخلا في عشرات الساحات العربية والإسلامية، وإمداد حفتر بالسلاح أو كما زعمت وسائل إعلام أمريكية باستئجار أبوظبي مرتزقة لتصفية خصومها السياسيين في اليمن.
والإماراتيون لا يدعون للعنف، بل يدعون للسلام والأمن والاستقرار، ولكن العنف الذي يقال إنه يتنقل بين ساحات وأخرى حتى وصلت قواتنا البرية إلى سوريا مؤخرا، فإن الأولى وطنيا ودينيا وسياسيا أن تطلق الدولة برنامج تحرري في الجزر المحتلة للخلاص من الاحتلال الإيراني.
بذلك، يمكن تكريم أول شهيد إماراتي ليس فقط باعتبار اليوم الذي ارتقى فيه شهيدا هو يوم الشهيد. فالشهيد الشرطي سالم سهيل خميس الدهماني الذي استشهد على تراب جزيرة طنب الكبرى لا يزال فردا يتيما، يتنظر قافلة من الشهداء والتضحيات في مكانها الصحيح وفي المعركة الصحيحة، وليس معركة تضع فيها الأمم المتحدة خيرة قادتنا وكبارهم العسكريين والسياسيين وعلى رأسهم الشيخ محمد بن زايد على لائحة ما يسمى منتهكي حقوق الإنسان وجرائم الحرب في اليمن.
في يوم الشهيد، ينتظر الإماراتيون أن تكرم الدنيا شهداءهم وجيشهم في تحرير جزرنا المحتلة لا أن يصبحوا مطاردين في أصقاع الدنيا كمجرمي حرب، على حد افتراءات منظمات دولية.
أما ذوو الشهداء، فإن تكريمهم إلى جانب المكتب المشار إليه، يكون بالوفاء للقضايا التي ارتقى فيها أعزاؤهم والحفاظ على عهودهم.