افترش آلاف اللبنانيين وهم يلوحون بالأعلام ويرددون شعارات "سلمية سلمية" رداً على محاولة وحدات من الجيش تنفيذ أوامر بفتح الطرق المغلقة في اليوم السابع من حراك شعبي غير مسبوق يطالب برحيل الطبقة السياسية.
وبدت الحكومة، التي أقرّت رزمة اصلاحات "جذرية" غير مسبوقة، عاجزة عن احتواء غضب الشارع المتصاعد، بينما أفادت وسائل اعلام محلية عن نقاش رسمي في الكواليس حول إمكانية اجراء تعديل وزاري يرضي الشارع، ويضمن عدم استقالة الحكومة في ظل ظرف مالي واقتصادي وسياسي دقيق للغاية.
ونفّذ الجيش اللبناني الأربعاء انتشاراً غير مسبوق منذ انطلاق الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية، لفتح الطرق الرئيسية في مختلف المناطق بالقوة، تنفيذاً لما وصفه مصدر عسكري لفرانس برس بـ"قرار لفتح الطرق العامة وتسهيل تنقل المواطنين".
واصطدمت محاولاته هذه شمال بيروت برفض مطلق من المتظاهرين الذين افترشوا الطرق ورددوا النشيد الوطني اللبناني، وتضاعفت أعدادهم تدريجياً خصوصاً في محلتي الزوق وجل الديب. وأفاد مصور لفرانس برس عن حالة من الهرج والمرج وتدافع بين المتظاهرين والعسكريين لم تدم طويلاً.
وهتف المتظاهرون "سلمية سلمية" موجهين التحية لجنود الجيش بعدما التصقت أجسادهم ببعضها البعض، ورددوا النشيد الوطني. وبدا جنود عاجزين إزاء هذا المشهد وذرف بعضهم الدموع تأثراً.
وعقد المتظاهرون من نساء ورجال وأطفال حلقات رقص ودبكة مرددين شعار "ثورة ثورة"، وقدموا الورود لعناصر الجيش، مؤكدين أنهم يقفون معهم في "خندق" واحد.
وأكد رئيس الحكومة سعد الحريري في بيان "ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار والحرص على فتح الطرق وتأمين انتقال المواطنين بين كافة المناطق".
ويشهد لبنان منذ ليل الخميس تظاهرات حاشدة غير مسبوقة في تاريخ البلاد على خلفية قضايا معيشية ومطلبية، يشارك فيه عشرات الآلاف من المواطنين من مختلف الأعمار من شمال البلاد حتى جنوبها مروراً ببيروت.
وبدأ المتظاهرون في وقت مبكر الأربعاء عملية قطع الطرق الرئيسية وحتى الداخلية في محاولة لمنع السكان من الالتحاق بمراكز عملهم، بينما أبقت الجامعات والمدارس والمصارف أبوابها مقفلة الأربعاء.
وفشلت الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) في القيام بإصلاحات بنيوية وتأهيل المرافق العامة وتحسين الخدمات والبنى التحتية. ويجد اللبناني نفسه مضطراً لأن يدفع كلفة الخدمات الأساسية مضاعفة.