أحدث الأخبار
  • 11:40 . غانتس يمهل نتنياهو حتى 8 يونيو لإيجاد رؤية حول غزة والأخير يهاجمه... المزيد
  • 11:23 . فتح وحماس تحذران من الرصيف الأميركي بغزة... المزيد
  • 11:12 . دراسة: قضاء سبع ساعات يوميا على مواقع التواصل يزيد خطر التدخين... المزيد
  • 11:10 . العاهل السعودي يخضع لفحوصات طبية إثر وعكة مفاجئة... المزيد
  • 10:41 . أمير الكويت يوجه الحكومة بتحديد أولوياتها وفق خطة وجدول زمني محددين... المزيد
  • 10:40 . ولي العهد السعودي يستقبل سوليفان لبحث الأوضاع في غزة... المزيد
  • 10:17 . الإمارات ترسل أول طائرة مساعدات إغاثية لمتضرري الفيضانات في البرازيل... المزيد
  • 10:13 . ميلان يواصل نتائجه السيئة في الدوري الإيطالي... المزيد
  • 10:08 . الترجي التونسي يتعادل مع الأهلي المصري في ذهاب نهائي أبطال أفريقيا... المزيد
  • 09:36 . باير ليفركوزن أول فريق ألماني يحرز "الدوري الذهبي"... المزيد
  • 09:35 . أمبري: تعرض ناقلة نفط ترفع علم بنما لهجوم قبالة اليمن... المزيد
  • 07:27 . القضاء المصري يرفع اسم أبو تريكة و1500 آخرين من قوائم الإرهاب... المزيد
  • 07:24 . خالد مشعل: لدينا القدرة على مواصلة المعركة وصمود غزة غير العالم... المزيد
  • 07:20 . الأرصاد يتوقع انخفاضاً جديداً بدرجات الحرارة في الإمارات غداً... المزيد
  • 07:02 . "الموارد البشرية" تعلن عن 50 فرصة عمل بالقطاع الخاص للمواطنين... المزيد
  • 06:49 . القسام تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا شرقي رفح... المزيد

العربي في عالم متغير

الكـاتب : خليفة راشد الشعالي
تاريخ الخبر: 20-08-2014

تائه هذا الإنسان، ضائع بين ما يؤمن به وما يجبر عليه، وما يرهبه مادياً ومعنوياً على القيام به، وقيم وفضائل سمعها في ترانيم أمه صغيراً ورسخها في ذهنه سلوك أبيه وأعمامه وأخواله وذويه وأقربائه مراهقاً، وفي تعاليم معلميه في المدرسة وإمام مسجده . فهو بين قرصي الرحى، غير قادر على الخروج إلى النور، الظلام بالنسبة له لباس تقيه عيون الناس، بعد أن نزعت عنه كل ملابسه، حتى ورقة التوت التي كانت تداري سوءَتِهِ هب عليها طوفان التغيير فذهبت أدراج الرياح . وبين أقراص الرحى لا تسلم حبات القمح من الطحن إلى أن تضيع معالم شخصية الحبوب وتمتزج، فتتحول إلى ذرات بيضاء اختلطت بفعل فاعل، فضاعت هوية الحبة الواحدة، بل اختلت هويات كل الحبوب فصارت كلها طحيناً أبيض ومزيجاً له هوية واحدة قابلة للعجن والخبز والأكل والهضم و . . . .
الإنسان العربي في عالم متغير، ورؤى متناقضة، وتعاليم متعددة، وشخصيات شديدة الازدواجية، يكاد أن يفقد هويته، فهو إما إرهابي أو معتدل، ولكنه لم يعرف بعد معنى الإرهاب الذي يتهم به ولا يعرف الاعتدال الذي يرجى منه، وليس ذلك بغريب على عالم تناقضت فيه المفاهيم والأعراف، وتراكمت أقراص الرحى على حبات الدقيق بغية تحقيق جودة الإنتاج وسرعة الأداء من أجل الحصول على منتج في أقصر فترة زمنية وبأقل تكلفة وفق معايير "جديدة" وضعها مبرمج غربي، وجربت في المعامل والمختبرات والمصانع هناك، وكانت نتائجها هذه الثورة الصناعية التي يمتلكها الغرب الرأسمالي، حيث لم يعد بإمكان الإنسان العربي إلا تلقفها وترديدها والسير وفق مناهجها ورؤاها .
بعض ما يصدره الغرب إلى العرب خطوط إنتاج تحويل القمح إلى طحين وفق معايير الصناعة في أوروبا وأمريكا، وفي الوقت نفسه، يصدرون لنا فكراً خاصاً بإعادة تشكيل السلوك وفق مقتضيات المصالح الخاصة بهم . ولم يكن ذلك لينجح لولا أن ذلك سبقه مسح لهوية الانسان العربي، ذلك الإنسان الذي قَبِلَ أن يُطَبَع بعد أن أُغرِيَ بالحرية والديمقراطية والحياة الكريمة، وليس أدل على ذلك من وعود الغرب للعرب أثناء وبعد الحربين العالميتين، وما نتج عن تلك الوعود من تقسيم وتطبيع وتهويد . والغرب هو نفسه الغرب مع تغير مسميات الدول فيه والعرب هم العرب مع تزايد كبير في دولهم وتنظيماتهم وأنظمتهم، والهدف هو نفسه الهدف القديم الجديد، حيث صراع القيم قائم مع تبدل كبير في موازين القوى لصالح الغرب . إلا أن معضلة تطويع وتطبيع أو تهويد العرب تكمن في أنهم صاروا شعوباً شتى وقبائل لم تفرغ بعد من قتالها وقتلها لبعضهم . ويكمن كذلك في البقية الباقية من تعاليم الدين وجوهره الكامن في بعض العبادات، وممارسات فئة قليلة باقية، نعتقد أن الله استبقاها نموذجاً، وربما، مثالاً لسدنة العقيدة الصحيحة التي تحفظ للعرب هويتهم، وميزاناً يزن عليه أحفادهم أو من يأتي من أصلابهم سلوكهم، وفي ذلك أمل في أن يبعث الله في الأرض من يصلحها وفق ما يريد ويشاء .
لا خير يرجى من مواطن عربي يقع جغرافياً في مجتمعه بين السنادين والمطارق، فهو اليوم إما إرهابي تعد له المقاصل والمذابح والمشانق وإما معتدل نبذ الفتنة وأدار وجهه عنها، فَوضَعَ وفق المعايير الجديدة في دائرة الإقصاء، حيث الإقصاء أشبه بالنفي والإخراج من دائرة الحياة الكريمة - أو معتدلة الكرامة -، أما إذا ما رغب في رغد العيش فإنه لا سبيل له إلا السير في ركب المعتدلين من الصم البكم العمي الذين لا يفقهون، والذين يؤمرون فيأتمرون .
وفق هذا المعيار - المعتدل - فإن الانسان العربي فقد الأمل في الحصول على المواطنة الحقيقية في وطنه، ولهذا استمرأ النظام العربي عملية تأهيل أفراده لينتقلوا من دائرة الرعية إلى دائرة العبودية . وتلك دائرة لا يقرها العربي الأصيل سواء جاع أو شبع، ولهذا فإن اشتداد الأزمة يعني انفراجها، والأنظمة الساعية إلى استعباد شعوبها ستفاجأ في يوم من الأيام أنها غير قادرة على حكمها بالمطلق . وقد تعلمنا من التاريخ أن الافراط في توسيع دوائر الإقصاء والاستبعاد والإبعاد لا يخدم الأمن بقدر ما يضيع التنظيمات السرية المعادية للأوطان، ونعتقد أن في تاريخ العراق في القرنين السابق والحالي مثالاً ساطعاً .