أحدث الأخبار
  • 07:26 . هنية: اتفقنا مع رئيس وزراء قطر على استكمال المباحثات حول الوضع في غزة... المزيد
  • 11:31 . المركزي: احتياطيات بنوك الدولة تتجاوز نصف تريليون درهم بنهاية فبراير 2024... المزيد
  • 11:30 . "الإمارات للاتصالات" تنفي إجراء مفاوضات للاستحواذ على "يونايتد غروب"... المزيد
  • 11:26 . أبوظبي وطهران تعقدان أول اجتماع اقتصادي منذ 10 أعوام... المزيد
  • 11:24 . مصرف الإمارات المركزي يبقي على أسعار الفائدة "دون تغيير"... المزيد
  • 11:15 . رويترز: ضغوط أمريكية وغربية على أبوظبي بسبب التجارة مع روسيا... المزيد
  • 11:06 . "إذا ماتت فلسطين ماتت الإنسانية".. رئيس كولومبيا يقطع علاقات بلاده مع الاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 08:50 . بسبب مخاوف حول حقوق الإنسان.. رفض أمريكي لانتخاب رئيس أرامكو السعودية مديرا ببلاك روك... المزيد
  • 08:46 . رونالدو يقود النصر السعودي لنهائي كأس خادم الحرمين... المزيد
  • 08:44 . دورتموند يفوز على سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا... المزيد
  • 11:31 . وفاة الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان والإمارات تعلن الحداد سبعة أيام... المزيد
  • 11:15 . هبوط مؤشرات معظم البورصات الخليجية مع تراجع أسعار النفط... المزيد
  • 09:09 . الدولار يهبط قبيل صدور بيان اجتماع المركزي الأمريكي... المزيد
  • 09:06 . لابيد يقرر زيارة أبوظبي في خضم الخلافات الإسرائيلية... المزيد
  • 07:56 . تركيا تنضم إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام العدل الدولية... المزيد
  • 07:33 . إلى أين تتجه القوة العسكرية الإماراتية العابرة للحدود؟.. مركز دراسات يجيب... المزيد

دور المركزيات في تفتيت المجتمع

الكـاتب : أحمد عبد الملك
تاريخ الخبر: 21-08-2014

في بلدان لا تتضح فيها معالم الديموقراطية الحقة، تزداد «فحولة» المركزيات بشكل لايعيق تقدم وتطور المجتمعات فحسب، بل بتنافر أفراد المجتمع الواحد! وتقوى العصبيات الدينية والاجتماعية والقبلية، ويكون لأصحاب (المركز) اليد الطولى في تسيير مقاليد الأمور، حتى لو كان الطريق يؤدي إلى المجهول.

وفي مناخ كهذا تضيع الحقوق وتسود سطوة (أهل المركز) ما يتسبب في نشوء جماعات مهمشة قد تنأى بنفسها عن مجريات الأمور، وتنكفئ على ذاتها، وقد تتطور الأمور لتأخذ منحى عنيفاً نحو المطالبة بالعدالة وإعادة الحقوق المغتصبة، والانتقام من أهل المركز.

وعلى مدى التاريخ، وبعد قيام الخلافة الإسلامية، بدأت (المركزيات) في التبلور، خصوصاً بين مؤيدي الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ودولة الخلافة.

وبرزت الأمور جلية في حرب كربلاء، حيث نشأت فكرة التشيّع، وبرزت كحركة جهادية ضد دولة الخلافة في الشام، استمرت حتى هذا اليوم.

بل نشهد اليوم تكرر «المشهد الكربلائي» حالياً في العراق والمتكئ على أُسسٍ مذهبية، حيث مؤشرات «الانتقام» بين أبناء البلد الواحد غدت جلية.

واستطاع (أهل الهامش) من السُنة الظهور مجدداً ومعارضة النظام (الشيعي)، الذي عوّل كثيراً على المركزية العقائدية التي شطرت المجتمع العراقي على أُسسٍ مذهبية، فضاعت تنمية ووحدة العراق.

وطبقاً لذلك، ظهرت حركات – على شكل عنيف – من المناوئين للمركز وبدأت تطالب بتغيّر النظام بالقوة، بل وبالعنف ضد الآخر مهما كان قربه من المركز.

في بلدان أخرى ظهرت المركزيات في ثوب قبليّ، وظهرت ثقافة «الأصيل» و«الدخيل»، ومارست سلطة المركز عملية الفصل والتقرب والتغريب بين أبناء البلد الواحد، ما أدى إلى تبلور رأي عام اجتماعي في المركز يرفض مصاهرة أهل الهامش من غير الأُصلاء.

ولقد أدى هذا الأمر إلى وجود حالة من الانشطار في المجتمع الواحد، عززَّها توظيفُ الدين والتراث في عملية أنا وابن عمي على الغريب!؟.

ونتج عن هذه المفاهيم وجودُ أقليات داخل البلد الواحد، رغم كثرة أعدادهم وتأهيلهم العلمي الواضح، تشعر بالظلم والإقصاء عن ممارسة دورها في بناء مجتمعها.

وأيضاً ضمن مؤشرات هذه الحالة حصل انكفاء من البعض والتسليم بالقضاء والقدر لسلطة المركز، بينما حصلت مواجهات عنيفة مع رجال أمن المركز وسقط المئات من أبناء الشعب الواحد نتيجة ذاك الفصل الاجتماعي، والذي ارتبط بالتوظيف وفرص العمل والترقي والحظوة و«المكرمات» المركزية.

وفي هذا الإطار دخلت جماعة الضغط الاجتماعي – ومنهم الفئات الدينية – كي تمد الدعم والعون للسلطة انطلاقاً من مبادئ دينية (لا يجوز لأي كائن الاعتراض عليها)، وإن كانت تخالف مبادئ الدين مثل العدل والمساواة وإعطاء الحريات والأمانة والمسؤولية.

وحصل أن تم « تفصيل» القوانين والدساتير على شكل واقع الحال، لا على ما يجب أن يكون عليه.

المركزية الفكرية أيضاً ساهمت في وجود أقليات داخل البلد الواحد! إذ يوجد من يؤمن بضرورة بناء الدولة بناءً مدنياً عصرياً، يرفض «خرافة» التاريخ والديمومة السياسية لأهل (المركز)، ومجاملة إبن فلان أو ابن علان، حتى لو لم يكن صاحب كفاءة، وبذلك يكون مبدأ تكافؤ الفرص، الذي يُلاك في اللحظة مئات المرات بيد المركز يُحركُه كيفما شاء وأينما شاء !؟ ومن هنا أيضاً حاربَ المركز – المستفيد من استمرار واقع الحال المتكئ على قيم الدين وضرورة إطاعة ولي الأمر، وتحلق أهل المركز حول السلطة القائمة – حاربَ أية محاولة نحو طرح موضوع الدولة المدنية، لأنه ينتقص من مكتسبات المركز ويُضعف ولاءَ من هم حوله، وبالتالي تقلُّ مساحة «الحظوة»، التي يُعوِّل عليه من هم حول المركز ويقل نفوذُهم وسطوتُهم في جميع مجالات الحياة، ولعل أهمها التجارة والمناقصات والعطاءات والضغط الاجتماعي.

وفي واقع كهذا يحصل تفتيتُ المجتمع، وتقوى العصبيات الاجتماعية، وإن كان الجميع يُدين بدين واحد، بل ومذهبٍ واحد، وأنهم يشتركون في التراث والقيم الثقافية والحضارية.

وهذا يسبب تعاضد المستفيدين من المركز مع المركز ويتم إقصاء أهل الفكر الآخر، والذي غالباً ما يتم تأطيره بأنه مرتبط بأجندات خارجية أو أنه يحمل الفكر الإلحادي الذي «يُدمِّر» المجتمع.

وهكذا يحصل الانشطار، ويقع العَسف على مجموعة من المجتمع كل هدفهم تطوير المجتمع، وحثه على الأخذ بمتطلبات واشتراطات الحياة العصرية، اتبّاعاً للقوانين والمواثيق الدولية التي تؤكد «قيمة» الإنسان، ودوره في تطوير المجتمعات، والاستفادة من كل الموارد نحو رخاء وأمن المجتمع، وليس لـ «مدمكة» أركان السلطة.

نحتاج إلى نظرة جديدة حول المركزيات، لأن التطورات الموجودة حولنا تُنذر بتغيّرات جذرية قد لا تجعل من واقع الحال مأموناً في المستقبل، وبجعل الجميع هوامش في رحلة البحث عن دور.