أثارت عملية الاستحواذ المحتملة لشركة الاتصالات السعودية (STC)على حصة فودافون العالمية في مصر، بعد أيام من دخول بنك أبوظبي مفاوضات للاستحواذ على بنك عودة اللبناني بمصر، تساؤلات عن سر الاهتمام السعودي الإماراتي الكبير بالسوق المصري.
وتركز التساؤل عما إذا كان مصدر هذا الاهتمام هو الرغبة بالاستثمار في واحد من أكبر الأسواق العربية والأفريقية وجني المال وزيادة الأرباح، أم بهدف توسيع نفوذهما الاقتصادي بمصر، في ظل حالة الضعف التي يمر بها الاقتصاد المصري وبدء تعافيه كما تقول الحكومة المصرية.
وتبلغ القيمة المبدئية لصفقة الاستحواذ على حصة فودافون مصر البالغة 55% من أسهم الشركة نحو 2.4 مليار دولار، علما بأن الشركة لديها 40.5 مليون مشترك، وهو الأكبر بين شركات الاتصالات العاملة في مصر.
سوق الاتصالات
الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، وائل النحاس، أعرب عن استغرابه من تقدم شركة الاتصالات السعودية لعرض استحواذ على حصة فودافون في مصر، قائلا "الشركة السعودية كانت تعاني من تعثر مالي خلال العامين الماضيين، ولا نعلم ما الذي طرأ حتى تتوفر لها السيولة اللازمة، هل الموضوع يتعلق بخطة إستراتيجية اقتصادية، أو أن الهدف أن يكون لها ذراع استثمارية داخل دول عربية وشمال أفريقيا؟ لا أحد يعلم".
وأكد النحاس أن مصر غير مستفيدة من هذه الصفقة، والأمر يخص في المقام الأول شركة فودافون، مشددا على أن ما جرى ليس جذبا للاستثمارات بل هو طرد لها، فعندما تخرج شركة عالمية بحجم فودافون ويحل محلها شركة محلية سعودية فهو تدنٍ لمستوى الاستثمارات داخل مصر.
وأعرب عن مخاوفه من استحواذ شركات إماراتية وسعودية على شركات الاتصالات في مصر، وغياب شركة عالمية كشركة فودفون التي كانت تتبع قواعد صارمة في الحفاظ على بيانات وأسرار عملائها، مشيرا إلى أنه كمشترك من الذي يضمن له أن الشركة السعودية دخلت كشركة اتصالات فقط وأن لا تكون لها مصالح أخرى؟
استثمارات ضخمة
وتملك السعودية والإمارات استثمارات بمليارات الدولارات في الكثير من القطاعات الاقتصادية والتجارية، مثل الصحة والبنوك والموانئ والمراكز التجارية، والاتصالات، وكذلك النفط والزراعة والخدمات ومحلات التجزئة والعقارات والسياحة، وغيرها من خلال آلاف الشركات.
وتحتل مصر المرتبة الأولى في استثمارات السعودية عربيا، بإجمالي 54 مليار دولار، منها 44 مليار دولار استثمارات للقطاع الخاص، وعشرة مليارات دولار استثمارات للحكومة السعودية من خلال 5392 شركة، فيما بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين خلال 2018 نحو ثمانية مليارات دولار، وفق مجلس الأعمال السعودي المصري.
على الجانب الآخر، يبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية فى مصر نحو7.2 مليارات دولار من خلال 1114 شركة، ويصل حجم التبادل التجاري إلى نحو 5.3 مليارات دولار، وفق بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وفي نوفمبر الماضي، وقع قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، اتفاقا لتأسيس منصة استثمارية مشتركة بقيمة عشرين مليار دولار عبر شركة أبو ظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي.
ومن المتوقع، أن ترتفع حصة الإمارات في البنوك المصرية إلى ستة بنوك بعد استحواذ بنك أبوظبي الأول على وحدة بنك عودة في مصر، والخمسة الأخرى هي بنك الإمارات دبي الوطني، ومصرف أبوظبي الإسلامي، وبنك الاتحاد الوطني، وبنك أبوظبي الوطني، وبنك المشرق.
وفي القطاع الصحي، تمتلك الإمارات عبر شركة "أبراج كابيتال" سلسلتي معامل "البرج" و"المختبر"، ونحو 15 مستشفى خاصا، فيما تمتلك مجموعة علاج السعودية في مصر، تسعة مستشفيات، ومعامل كايرو لاب للتحاليل الطبية، ومراكز تكنوسكان للأشعة.
أهداف عدة
الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله أرجع زيادة حجم الاستثمارات السعودية الإمارتية في مصر، إلى رغبة البلدين في زيادة نفوذهما الاقتصادي والسياسي، واصفا ما يجري بجزء من الفواتير التي يدفعها نظام السيسي عن طيب خاطر نتيجة مساندتهما له سياسيا وماليا.
لكنه أوضح في تصريحات لوسائل إعلام على صلة بالأزمة الخليجية، أن هناك فرقا في توجهات الدولتين فيما يتعلق بالاستثمار، فالسعودية تهدف غالبا إلى الربحية أما الإمارات فترغب في السيطرة على بعض القطاعات إلى حد كبير فيما يشبه العملية الاحتكارية، كتوجهها نحو السيطرة على القطاع الصحي من خلال شراء سلاسل معامل تحاليل ومستشفيات وصيدليات.
وتابع "أضف إلى ذلك رغبة الإمارات في تأجيل وتعطيل مشروع تطوير محور قناة السويس، والدليل على ذلك أنه عندما استحوذت على ميناء شرق بورسعيد، وميناء العين السخنة تأجل التطوير، ولم تتخذ السلطات المصرية أي رد فعل تجاه هذا التأخير حتى الآن، مما يدل على أن عملية التطوير برمتها قد أفرغت من مضمونها الرئيسي".