أحدث الأخبار
  • 06:57 . مجلس التعاون الخليجي يدعو لرفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 05:51 . "طيران الإمارات" تمدد إلغاء رحلات بيروت وبغداد... المزيد
  • 02:09 . "موانئ أبوظبي" تستكمل دمج أصول شركة "نواتوم"... المزيد
  • 01:23 . تقارير: زوجة الرئيس المخلوع بشار الأسد تعاني بشدة من سرطان الدم... المزيد
  • 12:38 . فرنسا: إنقاذ 107 مهاجرين خلال محاولتهم عبور المانش إلى بريطانيا... المزيد
  • 12:05 . حاكم الشارقة: أهل الخليج تربوا على الوحدة والترابط والأخُّوة الحقيقية... المزيد
  • 11:42 . الذهب يلمع وسط ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية... المزيد
  • 11:11 . البحرين تبدأ استقبال طلبات السوريين الراغبين بالعودة لبلادهم... المزيد
  • 10:56 . الكويت تعلن إجراءات جديدة لملف سحب الجنسية... المزيد
  • 10:50 . استشهاد خمسة صحفيين وغارات إسرائيلية على مناطق مختلفة بغزة... المزيد
  • 10:41 . أسعار النفط ترتفع قليلا بدعم من آمال التحفيز الصيني... المزيد
  • 10:38 . مقتل 14 من عناصر الداخلية السورية الجديدة على يد "فلول" النظام السابق... المزيد
  • 12:18 . البحرين يفوز على العراق ويتأهل لنصف نهائي كأس الخليج... المزيد
  • 12:17 . الإمارات وتركيا تؤكدان ضرورة تكثيف الجهود لمنع اتساع الصراع في المنطقة... المزيد
  • 10:20 . السعودية تقلب تأخرها أمام اليمن إلى فوز مثير في "خليجي 26"... المزيد
  • 09:07 . صحيفة بريطانية: الإمارات تصبح أكبر مستثمر في أفريقيا وسط مخاوف بشأن حقوق الإنسان... المزيد

محتالان أم حليفان.. مبارك والسيسي رجس علاقات أبوظبي الأمنية واستثماراتها "السيادية" الخاسرة!

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 27-02-2020

نعت أبوظبي وفاة حسني مبارك بصورة ملفتة، بعد أن ظلت علاقاتها مع نظامه مستمرة لعقود. وبعد خلعه بثورة شعبية في فبراير 2011 اشترطت أبوظبي على المجلس العسكري الحاكم آنذاك عدم محاكمته لتقديم دعم اقتصادي للقاهرة. ثم ما لبثت أن دعمت أبوظبي الانقلابي عبد الفتاح السيسي وقدمت له عشرات المليارات من الدراهم في غضون سنوات قليلة. أبوظبي قدمت للشعب الإماراتي، السيسي ومبارك على أنهما "حليفان تاريخيان" لدولة الإمارات، وأن دعمها لهما إنما هو دعم لمصر بشعبها ودولتها. فهل بالفعل كان مبارك والسيسي حليفين لأبوظبي، وهل كانا هما يعتبرانها حليفا أم "مصدر دخل" لهما، وأكياسا من "الرز" بحسب تعبير السيسي وهو يصف ثروة  الإمارات المالية على سبيل جشعه وطمعه، أم أنهما كانا محتالين، أحدهما أقام علاقات مخابراتية حرفت طريق الإمارات منذ عام 1994، والآخر شكل استثمارا خاسرا وعبئا متزايدا منذ 2013؟!

ما هي طبيعة "التحالف" والعلاقات مع حسني مبارك؟

فور الإعلان عن وفاة مبارك، نكست  أبوظبي أعلام الدولة في المؤسسات الرسمية لمدة يوم واحد مع سيل من لفتات التأبين والإشادة لما تصفه بمواقفه "التاريخية" مع دولة الإمارات. ولكن، في الواقع، يحتفظ الإماراتيون لمبارك بذاكرة سلبية من سلوكه التحريضي وزياراته المشبوهة لدولة الإمارات طوال مدة حكمه. لقد شكلت زيارة مبارك إلى أبوظبي عام 1994 انتكاسة حقيقة لدولة الإمارات وشعبها على صعيد العلاقات الداخلية بين السلطات والشعب الإماراتي نتيجة استجابة جهاز الأمن لما حملته زيارته المشؤومة آنذاك، والتي لا تزال تداعياتها ونتائجها يعايشها الإماراتيون ويكابدونها حتى الآن، من اضطهاد سياسي وانتهاك حقوق الإنسان وانعدام الحريات، بحسب ناشطين إماراتيين ومراقبين خليجيين وثقوا لعلاقات نظام مبارك الأمني وحكومات الخليج.

كان مبارك في تلك الفترة يتعرض لضغوط إثر صدامه مع جماعات العنف السياسي، ولفشل نظامه بكل قوته وحجمه أمام مجاميع من المتشددين، أخذ مبارك يبحث عن "شماعة" لتعليق إخفاقه في هذه المواجهة، فأجرى جولة خليجية للتحريض على جمعيات النفع العام في الدولة بزعم أنها تمول هذه الجماعات. ولأن أغلقت الكويت الباب في وجه مزاعمه فلقد لاقت هذه الافتراءات آذانا صاغية من جانب جهاز الأمن في الإمارات لتدخل بعدها الدولة منذ ذلك الحين وحتى الآن نفقا من الانغلاق السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري.

وفي جميع بيانات التأبين والتغريدات والتصريحات الإماراتية الرسمية، لا تجد عملا واحدا قدمه مبارك لدولة الإمارات طوال عقود حكمه، ولا موقفا واحدا  وقفه من أجل حليفته. الشيء الوحيد الذي كان يذكره مبارك ، أنه أرسل إلى أبوظبي بعد غزو العراق للكويت عام 1990، بضع مئات من جنود الجيش المصري لحماية منشآت النفط في أبوظبي وبطلب من المغفور له الشيخ زايد، وهو دور محدود يقوم به، مرتزقة من كولومبيا منذ سنوات.

ولكن، أليس السيسي حليفا حقيقيا ومختلفا  عن مبارك؟

في أعقاب الانقلاب عام 2013، اعترف عبدالخالق عبدالله الذي تقدمه وسائل إعلامية عربية على أنه مستشار ولي عهد أبوظبي، أن دعم أبوظبي للسيسي هو عبارة عن "استثمار" سياسي وأمني. السيسي من جهته، والذي يختلف عن مبارك في أنه أقل حذرا وأدبا في التعبير عن أطماعه في أموال الخليج؛ كلما احتاج أموالا، يطلق تصريحين قصيرين جدا ومهمين جدا، تدغدغان مشاعر أبوظبي بصورة لا تستطيع معها مقاومة الدفع نقدا أو عينا. السيسي يقول تحديدا:" أمن الخليج من أمن مصر"، ولو احتاجت أبوظبي والرياض لمصر لمواجهة أي تهديد، فإن وصول النجدة لن يستغرق أكثر من "مسافة السكة"!

على أي حال، ما مدى حظوظ هذين الشعارين من التطبيق، وهل فعلا السيسي هو الحليف المرتجى والذي يستحق الاستثمار فيه؟!

دعونا، نرى!

تخوض أبوظبي والرياض منذ خمس سنوات حربا طاحنة في اليمن، وقصف الحوثيون مطار أبوظبي ودبي، ويهددون بقصف المزيد من المنشآت الاستراتيجية في دولة الإمارات، وقصف الحوثيون آرامكو في السعودية، فماذا قدم السيسي للحرب اليمنية؟! لا شيء. نعم، لا شيء! لم يقدم جنديا واحدا حتى ولو على سبيل تدريب الجيش الإماراتي أو تقديم أي أسلحة أو ذخائر للدفاع عن الدولة. بل إن العكس هو ما حدث. فنظام السيسي يستقبل قيادات حوثية كبيرة في القاهرة تتحرك سياسيا ودبلوماسيا بكل حرية، وإعلام السيسي اتهم أكثر من مرة تحالف السعودية والإمارات بارتكاب جرائم حرب في اليمن، وطالب بمحاسبته.

وأكثر من ذلك، كشف مصدر عسكري يمني رفيع يعمل مع الحوثيين، امتلاكهم زوارق حربية متطورة وصلت إليهم من مصر. ونقلت صحيفة "العربي الجديد" اللندنية عن المصدر تأكيده، وجود قنوات اتصال بين الحوثيين والاستخبارات المصرية.

وعندما هوجمت ناقلات النفط الإماراتية في مايو الماضي قرب إمارة الفجيرة وتضرر الناقلات وتعرض الدولة للخطر الشديد لم يصدر عن نظام السيسي موقفا أكثر من موقف دولة "نيكارغوا" التي ربما أدانت الهجمات، بحسب تعليق ناشطين. علما أن الشيخ محمد بن زايد توجه بعد التفجيرات إلى لقاء السيسي في القاهرة ليعرف موقف مصر منها. ويقول مراقبون إنه عاد خالي الوفاض، وهو ما كان السبب في عدم اتهام أبوظبي لإيران بأنها تقف خلف الهجمات عندما لم تجد الموقف المطلوب من "حليفها واستثمارها" السيسي.

وفي يناير الماضي، وبحسب صحيفة "راي اليوم"، فإن إرسال اليونان بطاريتي صواريخ باتريوت إلى السعودية، جاء بعد أن رفض نظام السيسي تقديم هذه البطاريات إلى المملكة، "فقد أحجمت مصر على المشاركة في حرب اليمن حتى الآن رغم حصولها على دعم مالي كبير من الإمارات والسعودية"، وفق تعقيب الصحيفة.

والأكثر من ذلك، وبدلا أن تقود سكة السيسي من مصر إلى الإمارات، ويثبت أن أمن الخليج من أمن مصر، فإن الإمارات والسعودية قادتهم السكة إلى مصر، من خلال تقديم كل أشكال الدعم المالي والعسكري للسيسي في حربه ضد الشعب الليبي وحكومة طرابلس المعترف فيها دوليا، واتضح أن أمن مصر من أمن الخليج، ولكن العكس غير صحيح. إضافة إلى ذلك، فإن أبوظبي تعمل جنبا إلى جنب مع إسرائيل في حرب السيسي على سيناء منذ 2014.

وبدل أن يقدم السيسي جنودا وأسلحة إلى الإمارات والسعودية في الحرب اليمنية، فإن الرياض وأبوظبي مولتا شراء نظام السيسي سفن "ميسترال" من فرنسا، بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية. وأشارت الوكالة أنهما ساعدتا مصر، أيضا، في الحصول على معدات عسكري فرنسية، شملت مقاتلات "رافال".

ليس هذا فحسب، بل إن السيسي افتتح قاعدتين عسكريتين إحداهما جوية (محمد نجيب) والأخرى بحرية، وتعتبران من أكبر القواعد العسكرية في مصر، ليس فقط بحضور الشيخ محمد بن زايد، وإنما بتمويل وشراكة عسكرية بينهما، أشادت بها إسرائيل، وهي تتحدث عن قاعدة "برنيس" البحرية والتي ستخدم الأمن الإسرائيلي أيضا، بحسب التقديرات الإسرائيلية.

وأكدت القناة 12 العبرية: إن "مصر حصلت على مساعدات من السعودية والإمارات لإقامة القاعدة المذكورة".

ولم يرفض نظام السيسي مساعدة الإمارات والسعودية ضد الحوثيين فقط، وإنما رفض أيضا المشاركة في مؤتمر أمني حول العراق عقد في الرياض قبل بضعة أسابيع.  وقال مصدر أمني مصري لصحيفة "رأي اليوم": "إن مصر لديها بعض التحفظات حول عقد هذا المؤتمر في الظروف الراهنة"، وهو ما اعتبره مراقبون رغبة مصرية في عدم إغضاب إيران والشيعة في العراق.

وفتح نظام السيسي لكبار نجوم الفن في بلاده المجال لزيارة مقرات الحشد الشعبي في العراق والتي تندرج في لائحة المنظمات الإرهابية الخليجية، والتقط هؤلاء الممثلون صورا تذكارية مع عناصر الحشد الشعبي ووصفوهم بالأبطال الذين حرروا العراق من الإرهاب!

فنانون مصريون في ضيافة الحشد الشعبي في العراق

و قال موقع "راي اليوم"، إنه علم من مصادر دبلوماسية أن زيارة وزير البترول المصري إلى العراق قبل عامين، استهدفت، البحث عن مصادر بديلة للبترول السعودي، وفتح قنوات حوار مع إيران عبر البوابة العراقية.

ومن جهته، قال مركز الدراسات التابع لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، في ورقة دراسية: إن "مصر السيسي أعربت عن عدم رغبتها في التموضع السعودي تجاه إيران، وأعلنت لحليفتها في الرياض أنها لن تشارك في تحالف شرق أوسطي معادٍ لإيران المسمى "الناتو العربي"،..، كما حافظ السيسي على مسافة بعيدة من تورط الرياض وأبوظبي في حرب اليمن، وعارض سياستهما تجاه الأزمة السورية والرئيس الأسد".

وبعد أن رحبت إيران برفض نظام السيسي المشاركة في "الناتو العربي"، أجمع كل من الخبير العسكري طلعت مسلم، ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط بالأردن جواد الحمد،  والباحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية محمد حامد أن: مساندة مصر دول الخليج ضد إيران، لن تتجاوز الجانب السياسي إلى العسكري، وفي أحسن الأحوال قد تقدم تدريبات عسكرية، مع ترجيح أنها سوف تركز على "الوساطة" بين الخليج وإيران! وهل هناك حليف يرفع تلك الشعارات يقف على الحياد ويأخذ دور الوسيط؟! يتساءل إماراتيون.

والعام الماضي أكد السيسي، أن مصر لا تنظر في اتخاذ أي إجراءات ضد حزب الله اللبناني، رغم دعوات السعودية إلى فرض عقوبات ضده وإخراجه من الحكومة اللبنانية. ودعا السيسي، إلى أن يتم التعامل مع أية مشكلة تتعلق بإيران و "حزب الله" بـ"حذر"، على حد قوله.

ولكن، هل تدرك أبوظبي أن السيسي ليس حليفا؟

بالطبع تدرك. فقد أكد عبدالخالق عبدالله: أن ثمة حالة من "الإحباط والاستياء" الخليجي من أداء نظام السيسي، داخليا وخارجيا، الذي "بات يمثل عبئا سياسيا وماليا يصعب تحمله طويلا"، مشددا في الوقت نفسه على أن "التخلي عن مصر غير وارد حاليا، لما تمثله من أهمية، وهي قادرة على تجاوز عثراتها".

ذلك الاستياء، وبحسب عبد الله، "يمكن رصده في قضايا عديدة، فمثلا في مواجهة إيران، توجد مؤشرات مختلفة وأحيانا متناقضة في سياق غزل ما يدور بين القاهرة وطهران، فضلا عن عدم وضوح موقف مصر بشكل حازم تجاه التمدد الإيراني (في العالم العربي)".

ومن جهتها، انتقدت صحيفة "ذا ناشيونال" الصادرة في أبوظبي والمملوكة لحكومتها، السيسى قائلة،" إن خوف مصر من الهجوم البري باليمن، يتعارض مع الشعارات التي طالما رددها السيسي والتي من أهمها: "مصر مسافة السكة".

وقالت الصحيفة، إن هذه العبارة استخدمها سعوديون عبر وسائل الإعلام الاجتماعية لتسليط الضوء على فشل السيسي في إرسال قوات للانضمام إلى الجيش السعودي في هجوم بري ضد الحوثيين باليمن.

فحليف كالسيسي، كم يوم يستحق من تنكيس الأعلام؟! وهل يكون الحلفاء كهذين، أم أنهما ليس أكثر من محتالين، يتساءل كل الشارع الخليجي، فيما تقول طهران: "الإجابة لدي!".