أحدث الأخبار
  • 12:56 . ترامب يدرس تعيين مدير مخابرات سابق مبعوثا خاصا لأوكرانيا... المزيد
  • 12:31 . إصابة كوادر طبية ومرضى باستهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لمستشفى في غزة... المزيد
  • 11:51 . إعلام عبري: انتحار ستة جنود إسرائيليين قاتلوا لفترة طويلة في غزة ولبنان... المزيد
  • 11:28 . الشارقة يستعيد صدارة الدوري وتعادل مثير بين الوحدة والوصل... المزيد
  • 11:02 . جوارديولا يمدد عقده مع مانشستر سيتي لمدة عامين... المزيد
  • 10:59 . القادسية يقلب الطاولة على النصر ويجرعه الخسارة الأولى في الدوري السعودي... المزيد
  • 10:56 . وصول أربع قوافل مساعدات إماراتية إلى غزة... المزيد
  • 10:47 . الرئيس الإندونيسي يصل أبوظبي في "زيارة دولة"... المزيد
  • 10:33 . "أدنوك" تدرس بيع حصة بشركة الغاز التابعة لها... المزيد
  • 10:29 . أمريكا تحقق في صلة بنك "جيه.بي.مورغان" بصندوق تَحَوُّط في الإمارات يُسوِّق النفط الإيراني... المزيد
  • 10:26 . تقرير: أبوظبي دربت قوات "الدعم السريع" بذريعة القتال في اليمن... المزيد
  • 11:07 . الكويت تسحب الجنسية من 1647 شخصا... المزيد
  • 11:05 . "مصدر" و"صندوق طريق الحرير" الصيني يتعاونان بمجال الطاقة المتجددة... المزيد
  • 11:04 . أبوظبي تنفي تمويل مشروع إسرائيلي للمساعدات في غزة... المزيد
  • 08:39 . بلجيكا: سنعتقل نتنياهو إذا جاء لأراضينا... المزيد
  • 08:38 . الإمارات وألبانيا تطلقان لجنة اقتصادية مشتركة لتعزيز التجارة والاستثمار... المزيد

هل يقدح "كورونا" زناد أزمة التركيبة السكانية ويثير نزاعات عمالية في الإمارات؟!

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 16-04-2020

مشكلة التركيبة السكانية في الإمارات والخليج مزمنة وقديمة، وقضايا العمال وحقوقهم لا تتوقف. لم تبدأ بما طرحته الفنانة الكويتية حياة الفهد مؤخرا من تصريحات اعتبرها البعض عنصرية، ولم تقتصر على نفي الحكومة القطرية لاتهامات حقوقية بإبعاد عمال من أراضيها في أزمة كورونا، ولن تنتهي عند إعلامي إماراتي حاول التفرقة بين الجاليات المقيمة في الدولة بطريقة تعارض نظرة الإماراتيين وتوجهات الدولة الرسمية. التخوفات تزداد وتتشعب، والصعوبات في مواجهة الوباء وتداعياته تتعقد، الحكومات والشعوب مأزومة، وسمو الشيخ محمد بن راشد أكد مؤخرا على أهمية الصحة أكثر من السياسة والاقتصاد. فهل ستظل الإمارات نموذجا يتغنى بوجود 200 جنسية على أراضيها، أم أن للفيروس تصريفات أخرى؟!

ما هو واقع التركيبة السكانية في الدولة والواقع العمالي؟

يختل ميزان التركيبة السكانية في الإمارات ودول الخليج عموما بصورة كبيرة في العقود الأخيرة، لصالح العمالة الوافدة من مختلف دول العالم. ولطالما طُرحت هذه المشكلة للنقاش، ووُضعت لها الحلول إلا أنها لا تزال مستمرة ومتفاقمة. ففي دولة الإمارات، يبلغ حجم الأجانب نحو 88%، مقابل 12% هم المواطنون الإماراتيون، ليبلغ عدد السكان الإجمالي   9.4 ملايين نسمة، حسب إحصاء عام 2018. ويوجد أكثر من 200 جنسية تقيم وتعمل في الإمارات، وتعد الجالية الهندية أكبرها، تليها الباكستانية، والبنغالية، ثم تأتي الجنسيات الآسيوية الأخرى، والأوروبية، والأفريقية.

ولا تفتأ الدولة تؤكد ليل نهار على احتضان الإمارات 200 جنسية، كدليل على "تسامحها".

هذا الوصف الفني للتركيبة السكانية ليس كل شيء. فقد اقترن دائما مع ظهور هذه الإشكالية انتقادات حقوقية كبيرة لواقع هذه العمالة بدءا من عدم كفاية حقوقها المالية إلى حقوق اجتماعية وسياسية ومدنية أخرى، فضلا عن الحديث عن "الاستعباد" والاستغلال والاتجار بالبشر.

ولا تزال حقوق العمال وتطويرها محل نزاع بين حكومة الإمارات وبين المنظمات الحقوقية الدولية الرسمية والأهلية. ولأننا، اليوم، أمام مشكلة محددة، فلن نستطرد كثيرا بين المطالب العمالية المشروعة وحق الحكومة بالرد وتوضيح "التقدم" الذي أحرزته في هذا الجانب.

كيف تعاملت دولة الإمارات والحكومة خصوصا مع الأجانب في ظل الوباء؟

خلال هذ الأزمة المتواصلة، اتخذت الإمارات عدداً من الخطوات تجاه العمالة الوافدة؛ أبرزها تمكينها من مغادرة الدولة والعودة إلى البلد الأم بعد حصولهم على "إجازة مبكرة"،  تشمل "حجز تذكرة سفر العامل (ذهاب وعودة)، مع استمرار العلاقة التعاقدية بين صاحب العمل والعامل، واعتبار  الإجازة المبكرة إجازة غير مدفوعة الأجر، مع احتفاظ العامل بما تبقى له من مستحقات مقررة وفق قانون علاقات العمل.

وأطلقت جهات حكومية وأهلية في الإمارات عددا كبيرا من المبادرات الاجتماعية إزاء السكان وخاصة المقيمين، تمثلت بالحث على إعفائهم من إيجارات منازلهم طوال الأزمة، بل ودعمت ماليا وغذائيا عشرات الآلاف، وساهمت في دفع أقساط رسوم المدارس الخاصة للمقيمين، وأعلنت جمعية الشارقة الخيرية وغيرها تعليق عملها الخيري والإغاثي خارج الدولة لتركز اهتمامها على الاحتياجات الداخلية نتيجة كورونا.

وإضافة إلى ذلك، أوقفت الدولة الأعمال التي ينهمك فيها ملايين الموظفين والعمال، ورفضت التعامل بنظرية "مناعة القطيع" لأسباب عديدة منها، بواعث أخلاقية وفق ما نقلته صحيفة "الإمارات اليوم" عن خبراء محليين ودوليين، ومنها أسباب قد تثير الرفض والاستياء في أوساط العمالة غير الماهرة والتي تعد بالملايين، وهو ما من شأنه وقوع اضطرابات اجتماعية وميدانية غير محمودة.

مهما يكن من أمر، يقول مراقبون إن دولة الإمارات تعاملت مع هذه الأزمة بمسؤولية وحساسية مقبولة، دفعت الشيخ محمد بن راشد بنفسه إلى تعظيم أهمية الصحة وقيمتها أمام المكاسب السياسية والاقتصادية.

ولكن، كيف تصرفت الجاليات وحكوماتها في ظل الأزمة؟

مثلما فعلت الإمارات ودول خليجية من إجلاء مواطنيها من أصقاع العالم في هذه الأزمة، توقعت أن تفعل الدول  الأخرى مثلها. ولكن نظام السيسي وحكومة رئيس وزراء الهند الحليف القوي لأبوظبي، لم يتخل عن رعاياه فقط وإنما تخلى عن حلفائه الذين نصبوا من أجله مؤخرا أصنام بوذا على الطرق الرئيسية في الإمارة.

نحو 20 ألف باكستاني أيضا يتزاحمون أمام قنصلية بلادهم في دبي يريدون العودة لباكستان، فضلا عن عشرات الألوف الآخرين الذي يسعون للعودة إلى بلادهم أيضا، ولكن بلادهم أغلقت الأبواب في وجوههم، مع ما يعنيه ذلك من تكلفة اجتماعية وأمنية باهظة جدا على دولة الإمارات وشعبها، قد يأتي استحقاقها في أي لحظة تنطوي على سوء تقدير أو خطأ حسابات.

باكستانيون ملتصقون في أزمة كورونا أمام قنصلية بلادهم في دبي

في الأثناء، قال سفير الهند لدى الإمارات "بافان كابور" لصحيفة "غلف نيوز" المحلية اليومية: "إن بلاده لا يمكنها إعادة أعداد كبيرة من رعاياها"، متذرعا بالقيود التي تفرضها حكومته على الهند والسفر إليها.

ومن جهته قال السفير الباكستاني لدى الإمارات "غلام داستجير": "نحن في غاية الحرص على إعادة الباكستانيين، لكننا نحتاج لاستكمال منشآت العلاج والحجر الصحي".

وفي وثيقة نشرتها وسائل إعلام على صلة بالأزمة الخليجية،  أوضح حاكم ولاية كيرالا الهندية "بيناراي فيجايان" أن "أوضاع مواطني ولايته في دولة الإمارات تزداد سوءا"، على حد وصفه.

وأضاف أن جل شكاوى العمال تؤكد أن الإجراءات المتخذة بخصوص الوقاية وأساليب الحجر الصحي المعتمدة بحقهم في دبي "غير فعالة" و"غير ملائمة"، على حد قوله.

وأكد في الرسالة أن حكومة كيرالا "قلقة جدا" بشأن سلامة العمال وظروف عيشهم، مشددا على ضرورة أن تعجل السلطات الهندية بمناقشة المسألة مع حكومة الإمارات لضمان خدمات غذائية وطبية مناسبة في إطار الحجر الصحي لكل الجالية الهندية في الإمارات.

كيف ردت الجهات الرسمية المعنية والأهلية على تعنت هذه الحكومات؟

وزارة العمل واتحاد غرف التجارة والصناعة بالدولة، نددوا بقوة لتلكؤ حكومات هؤلاء العمال باستعادة مواطنيهم، وهددت بفرض عقوبات تتعلق بالتنسيق في ملفات العمل واستقدام العمالة والحصص العمالية. ودعت الوزارة والاتحاد، هذه الدول إلى الإسراع في اتخاذ الإجراءات التي تكفل السماح بعودة رعاياها من العاملين في القطاع الخاص بالإمارات ممن أخذوا إجازات في ظل الظرف الراهن، وعدم مواصلة سياسة التعنت بعدم استقبالهم، حيث سينعكس هذا الأمر بشكل سلبي على مستقبل التعاون بين اتحاد الغرف بالدولة والغرف التجارية في تلك الدول.

أرشيف

وطالب "الاتحاد" بضرورة أن تتحمل الدول المرسلة للعمالة، مسؤولياتها حيال رعاياها العاملين في دولة الإمارات، الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم. وتابعت: "سف لقد وجدنا بعض الدول تضرب بكل المبادئ والقيم الإنسانية والدستورية عرض الحائط عبر رفضها استقبال رعاياها أو عدم تكفلها بنقلهم إليها على الرغم مما تتضمنه دساتيرها وجوازات سفرها وشعاراتها من عبارات تتشدق بحقوق المواطنة في الداخل والخارج، حيث يجب أن تكون هذه الدول ملتزمة بما تحمله من شعارات، حيث أظهرت هذه الظروف أنها شعارات وعبارات رنانة خاوية من الالتزام والاهتمام"، على حد تعبيره غير المعهود، ما يؤشر لخطورة الأزمة وتحول ميزة الـ200 جنسية إلى مهدد محتمل ومتصاعد.

واعتبر الاتحاد"، أن رفض هذه الدول استقبال رعاياها، "سلوك مخالف لمبادئ حقوق الإنسان وللمواثيق والأعراف الدولية والدساتير وحقوق المواطنة".

ومن جهتها، أكدت جمعية المقاولين ومسؤولو شركات وطنية، التمسك بالطاقة العمالية في الإمارات وحرص الجهات الرسمية والقطاع الخاص على ضمان حقوقهم القانونية والصحية، خاصة في هذه الظروف الصحية الاستثنائية التي يمر بها العالم.

وأوضحت أن الحكومة أقرت تسهيلات كثيرة لشركات المقاولات، بهدف الإبقاء على العمالة في مواقع مشاريعها، شملت صرف مستحقات مالية والإعفاء من رسوم ومخالفات وأشكال دعم أخرى. وأكدت أن العمالة بقطاع المقاولات والتشييد لن يتم الاستغناء عنها، وغالبيتها عمالة ماهرة تحتاجها المشاريع، وأن الشركات تفي برواتبهم في مواعيدها وأن الحكومة تتابع ذلك عن كثب.

 وأشارت إلى أن التقارير التي تتلقاها من الشركات تؤكد أنها وفرت لهم العلاج الطبي والإعاشة في مدنهم العمالية. وقالت إنها تتابع توفير كافة مستلزمات الحياة خاصة الطعام والشراب أثناء فترات الحجر الصحي، أو تطبيق برنامج التعقيم الوطني الذي يقيد حركة العمالة.

ولكن ما هي الرواية المقابلة والتقديرات الخطيرة لهذا الوضع؟

 قالت صحيفة "نيويورك تايمز": إن ملايين من العمالة الوافدة في دول الخليج وجدوا أنفسهم مجبرين على البقاء في معسكراتهم ودون عمل وعالقين ولا يعرفون مكانا يذهبون إليه.

فبعد وصول فيروس كورونا أصبحت الأمور أكثر سوءا، حيث وجد العمال الأجانب أنفسهم في مساكن لهم مزدحمة ودون وسائل صحية نظيفة وكافية، وحرموا من الدخل، ولا يسمح لهم بالعودة إلى أوطانهم بسبب القيود على السفر.

ويتناقص لدى البعض المال والطعام ويخشون من عدم وجود مكان يذهبون إليه في مجتمعات لطالما نظرت إليهم وعاملتهم وكأنهم طبقة منبوذة من السهل التخلص منها، على حد وصف الصحيفة.

وترى الصحيفة أن التنوع بين المهاجرين وجنسياتهم المتعددة في دول الخليج تعني أن الضرر على صحتهم ووضعهم المالي سيتردد صداه حول العالم. وتقول الجماعات المدافعة عن العمال إن الإجراءات التي اتخذتها حكومات الخليج لحماية اقتصاديات البلاد لا تشمل العمالة الأجنبية.

وتقول الصحيفة الأمريكية، "ورغم إغلاق معظم هذه الدول كل المصالح غير الضرورية وطلبها من السكان البقاء في بيوتهم إلا أن قطاعات البناء والنفط والغاز لم تتوقف مما يعرض العمال لخطر الإصابة بالفيروس. ويعيش العمال في غرف تتسع لعشرة أشخاص، ما يخلق أرضية خصبة للفيروس".

وتقول هبة زيادين، الباحثة بشؤون الخليج في "هيومن رايتس ووتش": "لو انتشر في المعسكرات فسيكون مثل النار في الهشيم". ويقول عامل نفط كيني إنه كان يركب في حافلة تتسع 60 شخصا إلا أن العمال اشتكوا فتم تخفيض عدد الركاب إلى 30، ولكنه لا يزال يعيش في غرفة مع ثلاثة أشخاص وستة حمامات يستخدمها 450 شخصا. وقال: “الازدحام مشكلة وغسل الأيدي ليس واقعيا”. وتقدم شركته الطعام ولكن في قاعة طعام دائما مكتظة و"لا يمكن ممارسة التباعد الاجتماعي.. فقط الله هو الذي يحمي الناس".

يعتقد مراقبون، أن احتواء آثار كورونا وتداعياته لا يزال ممكنا، ويمكن احتمالها لأسابيع قليلة فقط. ولكن، التخوفات تتعلق فيما لو خرجت الأزمة عن السيطرة، وانفجرت قنبلة التركيبة السكانية في الدولة والخليج، فأي سيناريو جهنمي يمكن تصور حدوثه، على حد قول متفاعلين مع الحدث!