أحدث الأخبار
  • 06:35 . سلطات غزة تعلن حصيلة الأضرار الكارثية لمنخفض "بيرون"... المزيد
  • 12:11 . إيران تصادر ناقلة نفط في خليج عمان... المزيد
  • 12:11 . ارتفاع حصيلة انفجار "غامض" بحفل زفاف في درعا إلى 33 مصابا... المزيد
  • 11:56 . ترامب يعلن بدء ضربات أميركية ضد عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية... المزيد
  • 11:52 . محكمة تونسية تقضي بسجن المعارِضة عبير موسي 12 عاما... المزيد
  • 11:31 . وثيقة تكشف استيلاء أمريكا على ناقلة نفط قرب فنزويلا قبل انتهاء صلاحية مذكرة مصادرة... المزيد
  • 11:30 . وفد إماراتي–سعودي يصل عدن لاحتواء التوتر في المحافظات الشرقية ودفع الانتقالي للانسحاب... المزيد
  • 01:09 . تحليل: صعود نفوذ الإمارات جنوب اليمن يضع السعودية أمام معادلة أكثر تعقيداً... المزيد
  • 12:45 . "الأبيض" يحلق إلى نصف نهائي كأس العرب على حساب الجزائر... المزيد
  • 10:27 . وزيرا خارجية عمان وتركيا يبحثان تعزيز الشراكة وتطورات المنطقة... المزيد
  • 10:27 . بريطانيا تفرض عقوبات على أربعة من قادة قوات الدعم السريع بينهم شقيق دقلو... المزيد
  • 10:26 . حكومة الإمارات تصدر تعديلات جديدة على قانون الجرائم والعقوبات وسط انتقادات حقوقية مستمرة... المزيد
  • 05:36 . قمة كروية مرتقبة في ملعب البيت.. "الأبيض" يواجه الجزائر في ربع نهائي كأس العرب... المزيد
  • 01:59 . وفاة سبعة فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي... المزيد
  • 01:58 . الإمارات والاتحاد الأوروبي يطلقان مفاوضات لإبرام شراكة استراتيجية شاملة... المزيد
  • 01:57 . أمريكا " تضغط" للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف النار وإلزام الاحتلال بإزالة الأنقاض وإعمار غزة... المزيد

السلطة المتغولة والفيروس القاتل

الكـاتب : ماجد الأنصاري
تاريخ الخبر: 27-04-2020

منذ ظهور الدولة القومية وتغولها على كافة مناحي الحياة، غاب الدور الطبيعي للمجتمعات في كنف التنظيم الحكومي، ومع بقاء بعض مناشط المجتمع حاضرة إلا أنها أصبحت إما في إطار سد النقص حيث تفشل السلطة أو كنشاط كمالي يمارس الرقابة على السلطة أو يعزز دورها الاجتماعي، عالم ما قبل هذه السلطة المتغولة كان بلا شك أصعب بكثير ولكن غيابها عن المشهد الاجتماعي في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد كان يعني أن يقوم المجتمع بدوره من خلال التكاتف وإيجاد الحلول لما يواجهه من أخطار باستثناء الاعتداء الخارجي، وفي فترات الازدهار شكلت المجتمعات ذاتياً نهضة علمية حضارية، في ذلك الحين انحصر دور الكيان السياسي في حفظ الأمن وإنفاذ العدالة وحماية حدود الدولة، تغول السلطة مع زيادة مواردها أدى بلا شك إلى تسهيل حياة الناس في مناحٍ عديدة خاصة في العالم المزدهر، لكن من أهم سلبياته أنه حول المجتمع إلى الاتكال على السلطة لمواجهة معظم التحديات بل وكبلت السلطة يد المجتمع عن كثير من أدواره من خلال المبالغة في التنظيم واحتكار مجالات أساسية، النقاش حول حجم هذا التغول وإلى أي مدى ينبغي أن تتسع رقعة السلطة لن ينتهي ولكن أحداث هذه الجائحة التي نعيشها اليوم أعادت إلى الصدارة أهمية الحراك المجتمعي الحر.

تغول السلطة كان دائماً رهناً بقدرتها على أداء الوظائف التي انتزعتها، فنجد السلطة الشيوعية مثلا تفشل مع نهايات القرن الماضي لأنها أرادت اختزال كل الوظائف في السلطة المركزية مما أدى مع عوامل أخرى إلى انهيارها السريع، أما السلطة الرأسمالية فأخذت دور المراقب المشارك الذي يوفر الخدمات من ناحية وينظمها في القطاع الخاص من ناحية أخرى وبهذا الدور المختلط استطاعت الدولة أن تصمد في الغرب، لكن في المجتمعات الأقل حظاً تراجع دور السلطة التي لم تتوفر لها الموارد وتجلى دور المؤسسات المجتمعية المحلية والدولية، وبالتالي فإن المعادلة هي: متى كان لدى السلطة القدرة والكفاءة والإرادة السياسية تغولت أكثر ومتى فقدت السلطة أحد هذه العناصر تراجع دورها إلى الشكل البسيط الأصلي.

واليوم نشهد السلطة المتغولة في سياقها الناجح نسبياً في الغرب تواجه تحدياً حقيقياً في التعامل مع انتشار فيروس كورونا المستجد، ما جرى في دول ديمقراطية كبرى مثل إيطاليا وأسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وانهيار المنظومة الصحية ولو لفترة فيها هو بكل بساطة فشل للدولة المتغولة في تحقيق أهدافها، فالدولة التي تعهدت بالرعاية الصحية المباشرة مثل إيطاليا أو تلك التي نظمتها عبر سوق حر وقطاع خاص نشط لم تنجح في دورها السلطوي باتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب لحماية الناس فسقط الضحايا حيث كان ممكنا تجنب ذلك، هنا كانت السلطة المسيسة والبيروقراطية عائقاً أمام الحل لا داعماً له، في المقابل خرجت دول أقل ديمقراطية وأكثر سلطوية (وإن كانت نظماً ديمقراطية من حيث المبدأ) مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة –والصين إذا ما سلمنا بالأرقام الرسمية- بسرعة أكبر ووفيات أقل بكثير من خلال إجراءات حاسمة وقرارات سريعة، وهنا يظهر لنا عاملان مهمان في المقارنة بين التجارب المختلفة في التعامل مع الجائحة، مدى اتساع السلطة وطبيعتها.

ما أن تنتهي هذه الأزمة ينبغي على دارسي العلوم السياسية وخاصة في مجال النظم السياسية عقد مقارنات علمية حقيقية بين الاستجابات في مختلف السياقات وتحييد العناصر المختلفة لفهم قدرة الأنظمة المختلفة على التفاعل مع الأزمة، فالدولة القومية الحديثة أخذت على عاتقها حماية المجتمع بالمعنى الشامل لتقف في وجه أعداء الأمة من حرب وجهل وفقر ومرض، ومع أن تجربة الإنسانية مع هذا الشكل من السلطة ليست دوماً إيجابية إلا أنها إذا فشلت في أبسط مهامها كما حدث في إيطاليا فيحق للمواطن أن يسأل هل نحتاج إلى السلطة في مناحي حياتنا كلها؟ أم عليها أن تعود من حيث جاءت.