شكَّلت زيارة رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح التابع لحكومة المشير خليفة حفتر بالشرق الليبي إلى العاصمة الأردنية عمان أبعاداً ودلالات سياسية وأمنية، خاصة أن الزيارة جاءت بدعوة من العاهل الأردني الملك عبدالله بعد أيام من عودته من الإمارات ولقاء ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
الأمر الذي قد يفتح باباً للربط بين دعوة عقيلة صالح لزيارة الأردن والاجتماع المغلق الذي عقده الملك مع بن زايد.
استمرت زيارة رئيس البرلمان الليبي بالأردن ثلاثة أيام، التقى خلالها برئيس مجلس النواب الأردني، ورئيس الاتحاد البرلماني العربي عاطف الطراونة، وتباحثا في أُطُر العمل البرلماني المشترك.
وفي سياق متصل، أكدّ فتحي المريمي، مستشار رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، أن زيارة صالح الأخيرة لكل من المغرب والأردن تأتي في إطار التحشيد العربي للوقوف بجانب ليبيا في سبيل حل الأزمة السياسية في البلاد وطرد من سماهم "المستعمرين الأتراك".
ضغوط أبوظبي الكبيرة
وكشف مسؤول رفيع المستوى لـ"عربي بوست" ـ رفض ذكر اسمه ـ أنّ الأردن والعاهل الأردني والحكومة الأردنية يتعرضون لضغوط كبيرة جداً من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لإقحامهم في الملف الليبي لتغيير موقفهم من الأزمة الليبية لدعم قوات خليفة حفتر.
كما كشف المصدر أن بن زايد يستغل ما يعيشه الأردن من ظروف اقتصادية صعبة وسيئة، مشيراً إلى أنّ مصنع "كادبي" الأردني لتصنيع الآليات والمعدات العسكرية الخفيفة والثقيلة المصنع الوحيد لدى البلاد، وتعد أبوظبي الشريك الوحيد والممول والداعم لهذا المصنع.
ويقول المصدر المسؤول إن زيارة عقيلة صالح الأخيرة إلى الأردن تأتي ترجمة لزيارات سابقة قام بها مسؤولون ليبيون إلى الأردن، هدفت بالدرجة الأولى لتزويد حكومة حفتر بالسلاح بتكليف وتمويل كامل من الإمارات، عبر مصنع "كادبي" الذي يُمول بالكامل من أبوظبي.
ويؤكدّ المصدر المطلع أنّ الأردن سيزيد من تدخله في الأزمة الليبية ويكثف من دعمه العسكري واللوجيستي لقوات حفتر بعد زيارة عقيلة صالح إلى الأردن، مشدداً على أنّ ذلك يأتي في ظل تعرض الأردن لضغوط كبيرة جداً لأجل إجبار الأردن على تغيير مواقفه السياسية تجاه الأزمة الليبية.
ويكشف المصدر أيضاً في السياق نفسه أنّ الأردن رفض عروضاً إماراتية – سعودية سابقة لإنهاء وتصفية جماعة الإخوان وإنهاء وجودها بشكل كامل مقابل 40 مليار دولار، إلا أن العاهل الأردني والأجهزة الأمنية الأردنية رفضوا هذا العرض في البداية.
لكن الملك بعد الأزمة الاقتصادية التي سببتها جائحة كورونا مؤخراً اضطر إلى مسايرة الموقف الإماراتي والقيام بإجراءات وتحركات ضد الإخوان ونقابة المعلمين، بالإضافة إلى استمرارية وتكثيف الجهود الأردنية في دعم حفتر وقواته عسكرياً ولوجستياً على الأرض، وهذا ما أكدته بالفعل زيارة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح.
زيارة عقيلة صالح إلى الأردن فتحت ملفات أكبر وأكثر من مجرد مساعٍ لتوافقات سياسية، إلى توجيه إشارات تمهد لاحتمال تغير موازين القوى في المعارك العسكرية التي قد يقودها حفتر في ليبيا ضد التدخل التركي وحكومة الوفاق.