قدم رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح استقالة الحكومة لأمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، قبل أيام من استجواب رئيس الوزراء في البرلمان بشأن اختياره للوزراء وقضايا أخرى.
وتمثل هذه المواجهة بين الحكومة والبرلمان، بعد شهر من تشكيل مجلس الوزراء، أول تحد يواجه أمير الكويت الذي تولى زمام الحكم في سبتمبر أيلول، بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد.
ومن شأن الأزمة تعقيد جهود الحكومة لمواجهة أعمق أزمة اقتصادية ومالية تواجه الدولة المنتجة للنفط والعضو في منظمة أوبك، بسبب تداعيات جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.
وقال حسنين مالك، مدير أبحاث الأسهم في تليمر، في مذكرة إن الحكومة ستضطر إلى اللجوء للاحتياطيات النقدية السيادية من أجل تمويل عجز يتزايد في غياب قانون للديون يواجه جمودا تشريعيا منذ فترة طويلة.
وقدم وزراء الحكومة استقالاتهم لرئيس الوزراء أمس، وأرجعوا ذلك إلى “ما آلت إليه تطورات الأوضاع الراهنة في العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة” بعد أيام من طلب نواب بالبرلمان استجواب رئيس الوزراء.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان أمير البلاد، الذي له الكلمة الأخيرة في شؤون الدولة، سيقبل استقالة الحكومة.
وتقدم ثلاثة نواب في البرلمان، الذي تم انتخابه في ديسمبر كانون الأول وغلب على تشكيله نواب معارضون، بطلب استجواب لرئيس الحكومة في الخامس من يناير كانون الثاني الجاري، يتهمونه فيه بعدم التعاون مع مجلس الأمة.
وحظي الاستجواب الذي تقدم به النواب بدر الداهوم وثامر الظفيري وخالد العتيبي بدعم من نحو 34 من النواب الآخرين، الذين أعلنوا نيتهم تأييد الاستجواب، وهو ما يعني أن 37 نائبا على الأقل من أصل خمسين يؤيدون استجواب رئيس الحكومة.
ولم تحضر الحكومة جلسة مجلس الأمة التي تلت تقديم الاستجواب، وهو ما تسبب في تعطيل انعقاد الجلسة.
وفي سوابق تاريخية كثيرة، أدى تواتر الخلاف بين الحكومة والبرلمان إلى تغيير حكومات متعاقبة وحل البرلمان مما عرقل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تحتاجها البلاد وأصاب الحياة السياسية بالجمود.
ويدور الاستجواب حول ثلاثة محاور أو اتهامات لرئيس الحكومة، الأولى “مخالفة صارخة لأحكام الدستور عند تشكيل الحكومة… باختياره لعناصر تأزيمية في مجلس الوزراء” وعدم مراعاة اتجاهات المجلس الجديد الذي يغلب عليه نواب من أصحاب التوجهات المعارضة.
والمحور الثاني هو “هيمنة السلطة التنفيذية” على البرلمان من خلال دعم الحكومة لرئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ليفوز بهذا المنصب من جديد، في حين صوت 28 من النواب لمرشح آخر بالإضافة إلى “التدخل السافر في تشكيل لجان المجلس” من قبل الحكومة، وفقا لصحيفة الاستجواب.
ويتمثل المحور الثالث في “مماطلة الحكومة في تقديم برنامج عملها لهذا الفصل التشريعي” وهو ما اعتبره مقدمو الاستجواب “إخلالا بالالتزام الدستوري” الذي يفرض عليها تقديم البرنامج فور تشكيلها.
وخسر ثلثا أعضاء مجلس الأمة مقاعدهم في الانتخابات التي جرت في الخامس من ديسمبر كانون الأول وحقق مرشحو المعارضة مكاسب في نتائجها التي يقول محللون إنها قد تعرقل جهود الحكومة لتنفيذ إصلاحات مالية في نظام الرعاية من المهد إلى اللحد في الكويت.
والنظام السياسي في الكويت هو الأكثر انفتاحا في منطقة الخليج حيث يملك البرلمان سلطة إقرار التشريعات واستجواب رئيس الوزراء والوزراء، لكن أعضاء الأسرة الحاكمة يتولون المناصب العليا وللأمير القول الفصل في أمور الدولة.