قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إنّ بريطانيا تريد أن ترى دليلاً على أنّ ابنة حاكم دبي الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم المفقودة "على قيد الحياة وبصحة جيدة"، لكنها لن تفرض عقوبات على والدها، في ظلّ غياب أدلة داعمة.
وقال راب إنّ مقاطع الفيديو الجديدة للشيخة لطيفة، بنت الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم (نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي)، التي قالت فيها إنها محتجزة ضدّ إرادتها من قبل والدها "مقلقة للغاية".
لطيفة، التي حاولت الفرار مرّتين من دبي ولكن أُعيدت قسراً إليها، تمكّنت من تسجيل سلسلة من الرسائل السرية باستخدام هاتف مهرّب من داخل فيلا، زعمت أنّها "تحوّلت إلى سجن". وقد أذاعت هيئة الإذاعة البريطانية في برنامج "بي بي سي بانوراما" الشريط الجديد، مساء الثلاثاء.
من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنّه قلق على مصير الشيخة لطيفة، مضيفاً أنه سيتابع القضية. وقال في حديثه إلى وسائل إعلام بريطانية، اليوم الأربعاء: "هذا أمر يثير قلقنا بالتأكيد، لكن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تنظر فيه. أعتقد أننا سننتظر لنرى ما ستفعله، وسنتابع المسألة".
وخلال محاولة الشيخة لطيفة الأخيرة للهروب في يناير 2018، استخدمت زورقاً مطاطياً للوصول إلى يخت يرسو في المياه الدولية. لكن بعد ثمانية أيام، قبالة سواحل الهند، داهمت قوات الكوماندوز الهندية السفينة، وتمّ تسليمها إلى والدها، محمد بن راشد آل مكتوم. ولم تعلّق الهند قط على دورها في القضية.
"أنا هنا منذ ذلك الحين، منذ أكثر من عام في الحبس الانفرادي". قالت لطيفة في إحدى الرسائل الموجّهة إلى الأصدقاء، والتي سجّلتها في الحمام، وهي الغرفة الوحيدة التي قالت إنها تستطيع أن تغلقها. "لا يمكن الحصول على مساعدة طبية، لا محاكمة، لا تهمة، لا شيء...كل يوم أشعر بالقلق على سلامتي والشرطة تهدّدني بأنني لن أرى الشمس مرة أخرى. أنا لست بأمان هنا".
وقالت في مقطع فيديو آخر، إنّها لا تستطيع إقفال باب غرفتها، لا مفتاح له، لذلك تضع زجاجة وبعض الصناديق تحته، لإحداث ضجيج في حال حاول أي شخص فتح المقبض، حتى تنتبه وتتوقف عن الكلام. بيد أنّ رسائل الشيخة توقّفت فجأة في العام الماضي، ما دفع صديقاتها إلى التماس اهتمام وسائل الإعلام. ورداً على سؤال، عبر "سكاي نيوز "، عما إذا كان سيطلب دليلاً من دبي على أنّ لطيفة ما زالت على قيد الحياة، قال راب: "بالنظر إلى ما رأيناه للتو، أعتقد أنّ الناس سيرغبون في التأكّد من أنها على قيد الحياة وبصحة جيدة".
وقال راب، لـ "بي بي سي"، إنّ المملكة المتحدة والأمم المتحدة سوف تتابعان الفيديو الذي لم تتمكن صحيفة "ذا غارديان" من تأكيد تفاصيله بشكل مستقلّ. وتمّ الاتصال بالمكتب الإعلامي لحكومة دبي للتعليق.
في مارس 2020، قضت محكمة بريطانية بأنّ حاكم دبي أمر بخطف اثنتين من بناته، هما لطيفة وشمسة. وحاولت الأخيرة، عام 2000، عندما كان عمرها 18 عاماً، الفرار من والدها، بينما كانت تمضي إجازة في إنكلترا. وبحسب رواية لطيفة، تمّ العثور على الفتاة بعد شهرين من هروبها، وتخديرها، وأُعيدت إلى دبي حيث احتجزت.
ونظر القضاء البريطاني في دعوى بين حاكم دبي والأميرة هيا، التي أصبحت في عام 2004 الزوجة السادسة لمحمد بن راشد، وأحدثت ضجة كبيرة عام 2019، بفرارها إلى لندن بصحبة ولديها.
وفي مقابلة منفصلة مع BBCon، الأربعاء، قال راب: "أيّ مسائل جنائية هي حق للشرطة وعليهم التحقيق فيها من دون خوف أو محاباة".
قبل نشر مقاطع الفيديو، كان آخر ظهور علني للطيفة في سلسلة من الصور التي نشرتها حكومة دبي، والتي تظهر فيها الرئيسة الأيرلندية السابقة ماري روبنسون وهي تؤكد ضمان سلامة الشيخة. لكن روبنسون قالت لبرنامج "بي بي سي بانوراما"، إنّها تعرّضت للخداع آنذاك. وإنّه تم تضليلها، في البداية من قبل صديقتها العزيزة الأميرة هيا، التي تمّ تضليلها هي أيضاً. وأكملت أنّ هيا أوضحت لها أنّ لطيفة تعاني من مشكلة مرضية خطيرة، تعرف باسم ثنائية القطب.
من جهتها، قالت تينا جوهياينن، صديقة لطيفة، لبانوراما، إنّ لطيفة كانت تكافح، وإنها شاحبة اللون للغاية، ولم ترَ ضوء الشمس منذ شهور. وإنّه لا يمكنها سوى الانتقال من غرفتها إلى المطبخ والعكس.
تشكّل اللقطات الجديدة التي يظهرها الفيديو، ضغوطاً على المملكة المتحدة للعمل ضدّ عضو مهم في حكومة تعتبرها شريكاً عسكرياً وتجارياً وثيقاً. ولحاكم دبي اهتمامات كبيرة في السباقات في بريطانيا وغالباً ما يتمّ تصويره مع الملكة.