قال موقع "ستراتفور" (Stratfor) الأميركي، في تقرير له، إن إمارة أبوظبي تعطي الأولوية لنفسها على حساب بقية الإمارات الأخرى بالدولة، الأمر الذي يهدد بتقويض مشروع الحكومة الإتحادية.
وأشار الموقع الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخباراتية (الذي يوصف بالمقرب من المخابرات الأمريكي)، إلى أحدث سياسة تبنتها أبوظبي للتدليل على ما ذهب إليه، قائلا إن دولة الإمارات ككل اتبعت نهجا صارما شديد الإغلاق عندما ضربت الموجة الأولى من فيروس "كوفيد-19" المنطقة ربيع 2020.
ولكن بحلول الخريف، أعادت دبي والإمارات الأخرى فتح حدودها أمام السياح وعادت اقتصاداتها إلى طبيعتها إلى حد كبير.
وفي غضون ذلك، حافظت إمارة أبوظبي، على ضوابط حدودية صارمة في جميع أنحاء البلاد، مستخدمة ما سماها الموقع "جيوبها العميقة" لدعم اقتصادها، حيث لا يستطيع المواطنون الدخول بحرية إلى عاصمتهم وسط تثبيت الحدود الصعبة بين أبوظبي وبقية الدولة لأول مرة منذ عقود.
تهديد الوحدة الوطنية
وتوقع أن تستمر أبوظبي في إعطاء الأولوية لمواطنيها والمقيمين فيها في حالات الطوارئ الوطنية المستقبلية، سواء كانت أوبئة مستقبلية أو كوارث طبيعية أو حروبا أو أزمات اقتصادية، مما يقوّض الوحدة الوطنية.
وقال إن ثروة أبوظبي، المدعومة باحتياطيات نفطية عميقة وصندوق ثروة سيادي تبلغ قيمته حوالي 900 مليار دولار، ستسمح لها بإبعاد نفسها عن التفاعلات التجارية العادية، والتجارة والسياحة التي تعتمد عليها الإمارات الأخرى للحفاظ على استمرارية اقتصاداتها خلال الأزمات.
وسيؤدي إعطاء الأولوية لأبوظبي أثناء الكوارث إلى زيادة التوقعات بين أولئك الذين يعيشون في الإمارة بأنه سيتم حمايتهم مبكرا خلال حالات الطوارئ المستقبلية، لكن المقيمين في الإمارات الأخرى ربما يصبحون أكثر انتقادا لدور أبوظبي أثناء الأزمات، وتسييس المواطنين الذين يرضخون عادة لسيطرة أبوظبي الصارمة على معظم أنحاء البلاد.
سلوك أبوظبي التمييزي أثناء الأزمات
وأضاف الموقع في تقريره، مثالا آخر، وهو الأزمة المالية لعام 2008، قائلا إن أبوظبي استخدمت إنفاقها على مستوى الإمارة للحفاظ على اقتصادها مع السماح لبعض الشركات الصغرى في دبي بالانهيار.
وتلقت الإمارات الأخرى مساعدات أقل حتى الربيع العربي في 2011، عندما دفعت المخاوف بشأن الاضطرابات السياسية إلى تعهدات جديدة بالإنفاق من أبوظبي.
وقال إن دولة الإمارات ظلت تنفذ مشروع هوية وطنية منذ عقود يهدف إلى توحيد إماراتها السبع، والأسر الحاكمة، والعائلات والقبائل المتباينة في دولة قومية واحدة.
وقد تم تصميم مشروع الهوية الوطنية هذا في البداية لمنع تفكك الإمارات العربية المتحدة المحتمل إلى دول مستقلة خلال السنوات الأولى بعد الاستقلال في 1971. ومنذ ذلك الحين، تمت إعادة صياغة المشروع للتأكيد على السمات الوطنية.
ويشدد التقرير أن إعطاء الأولوية لأبوظبي سيؤدي أولا أثناء الكوارث إلى زيادة التوقعات بين أولئك الذين يعيشون في الإمارة بأنه سيتم حمايتهم مبكرا خلال حالات الطوارئ المستقبلية. ويمكن أن تتزايد انتقادات المقيمين في الإمارات الأخرى بسبب سلوك أبوظبي التمييزي أثناء الأزمات.
وفي الإمارات الأخرى، قد يؤدي انتقاد سياسات أبوظبي لا سيما بين المقيمين لفترات طويلة والمواطنين الجدد، إلى جعل المناخ السياسي في البلاد أكثر تقلبا، ما يجبر أبوظبي على تغيير استراتيجيتها السياسية لضمان هيمنتها على النظام الإتحادي للبلاد.