شكراً.. نقولها من القلب للجزائر التي شرفت كل العرب بهذا المنتخب العالمي، شكراً لمحاربي الصحراء الذين كانوا عند حسن الظن، وأرعبوا الألمان، وجعلونا ولأول مرة في مونديال البرازيل نشعر بأن الماكينات الألمانية لا تعمل، وأن المانشافت ليس هو ذلك البعبع المرعب، لأول مرة نشاهد لاعبي المنتخب الألماني وهم تائهون لا يعرفون كيف الطريق إلى شباك "الحاج رايس" الذي ذاد عن مرماه في لقطات عديدة جعلته نجم اللقاء.

محاربو الصحراء وضعونا ولأول مرة كجماهير عربية في حيرة بالغة، وتضاربت مشاعرنا بعد نهاية المباراة بين الفرح والحزن، أحسسنا بالفرحة تغمرنا لأن هناك منتخباً عربياً قادراً على أن يكون نداً عنيداً ويستطيع مقارعة واحد من أكبر المنتخبات العالمية، وأحد رموز بطولات كأس العالم والمرشح الدائم لكل الاستحقاقات العالمية والأوروبية وهو المنتخب الألماني، المنتخب الذي بعد أن شاهدناه يكتسح المنتخب البرتغالي المدجج بقائمة من النجوم في مقدمتهم كريستيانو رونالدو وناني بأربعة أهداف كاملة، اعتقدنا أنه من الصعب على أي منتخب أن يقف أمامه، لا سيما إذا كان من المنتخبات القادمة من خارج القارتين الأوروبية والأميركية الجنوبية، ولكن الخضر بثقتهم الكبيرة في قدراتهم وضعوا الألمان في مأزق حقيقي لم يخرجوا منهم إلا في الشوطين الإضافيين.

وفي خضم كل الفرح بهذا الأداء العالي والمقنع انتابتنا مسحة حزن بسبب الخروج من دور الـ16، لأن المنتخب الجزائري كان الأقرب لتحقيق الانتصار، لا سيما في الشوط الأول من اللقاء عندما أهدر مهاجموه العديد من الفرص السانحة، وكانت واحدة من هذه الهجمات لو كتب لها النجاح ودخلت شباك الحارس نوير، لتغيرت الأمور تماماً، شعرنا بالحزن لأن الجزائر والعرب كانوا على مقربة من تحقيق إنجاز تاريخي غير مسبوق، بالوصول إلى ربع النهائي، ما قدمه الخضر كان يشفع لهم بالمضي قدماً في مشوار مونديال البرازيل، فهم من سير المباراة بالطريقة التي وضعها لهم المدرب البوسني خليلوزيتش، هددوا وضغطوا الألمان وجماهيرهم، وأهدروا فرصاً سهلة، أحرجوا الماكينات أيما إحراج ما دعا المدرب لوف يشعر بخيبة الأمل من الأداء، كما بشرت الصحافة الألمانية مبكراً بأن الخروج من المونديال على يد الفرنسيين بات أمراً حتمياً بعد الأداء المخيب أمام الجزائر.

يجب على الجزائريين، لاعبين وجماهير، أن يرفعوا رأسهم عالياً فرغم الخسارة والخروج من البطولة إلا أن ما قدمه المحاربون في هذا المونديال، يفوق ما قدمه نظراؤهم في مونديال 1982، حتى وهم يحققون الفوز آنذاك على ألمانيا بالذات، فاليوم كسبت الجزائر الاحترام من الجميع وفي مقدمتهم الفريق الفائز منتخب ألمانيا والصحافة الألمانية والأوروبية التي وصفته بالخاسر الشجاع.