قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم الأربعاء، إن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) تمكنت من قراءة رسائل البريد الإلكتروني من وإلى مكتب قمة المناخ (كوب 28- COP28) وتم استشارتها حول كيفية الرد على استفسار إعلامي، وهو ما وصفه المشرعون بـ"الفضيحة المدوية".

وقالت الصحيفة، في تقرير لها، إن مكتب "كوب28" ادعى أن نظام البريد الإلكتروني الخاص به "مستقل" و"منفصل" عن نظام أدنوك. لكن تحليل الخبير الفني أظهر أن المكتب شارك خوادم البريد الإلكتروني مع أدنوك.

وأشارت الصحيفة إلى أن مكتب قمة "كوب 28" قام بتبديل خادم مختلف، يوم الإثنين، بعد استفسارات قدمتها له حول الموضوع.

وقال إن الدور المزدوج لسلطان الجابر، الذي يرأس قمة المناخ وشركة أدنوك في نفس الوقت، واجه انتقادات قوية، بما في ذلك من رئيسة المناخ السابقة في الأمم المتحدة كريستيانا فيغيريس، التي وصفت نهجه بأنه "خطير".

وتضمنت الردود على رسالة بريد إلكتروني أرسلتها صحيفة الغارديان إلى مكتب مؤتمر الأطراف (كوب 28) تطلب ردا على هذه التعليقات، النص: "تصنيف أدنوك: داخلي".

وقال عضو البرلمان الأوروبي الفرنسي مانون أوبري: "هذه فضيحة مؤكدة. وجدت شركة نفط وغاز طريقها إلى قلب المنظمة المسؤولة عن تنسيق التخلص التدريجي من النفط والغاز. إنه مثل وجود شركة تبغ تشرف على العمل الداخلي لمنظمة الصحة العالمية ".

"فقدان المصداقية"

وقال أوبري، الذي شارك في قيادة رسالة حديثة إلى الأمم المتحدة من 133 سياسيا أمريكيا وأوروبيا تدعو إلى إقالة الجابر: "لقد فقد مكتب COP28 كل مصداقيته. إذا كنا نهتم بمنع وقوع كارثة مناخية أكثر من حماية أرباح ونفوذ شركات الوقود الأحفوري، فنحن بحاجة إلى الرد الآن".

وقال باسكو سابيدو، من مرصد أوروبا للشركات والمنسق المشارك لتحالف "Kick "Big Polluters Out الذي يضم أكثر من 450 منظمة، إن الكشف كان شائنا وأن تعيين الجابر كان "ضربة كبيرة لمصداقية" لهيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.

وقال سابيدو "من غير المناسب تماما استشارة شركة نفط وهذا يكشف مدى تأثيرها في تشكيل ما يتم تقديمه للعالم الخارجي". "إذا لم تقبل حكومات العالم أن الوقود الأحفوري يجب أن يترك في الأرض وأن جماعات الضغط لديها لم يعد مسموحا لها بكتابة قواعد العمل المناخي، فإن هذا سيستمر في الحدوث."

وقال خبير دولي بارز في سياسة المناخ، طلب عدم الكشف عن هويته: "لقد نصحت العديد من الجهات الإماراتية الفاعلة منذ أن أصبح من الواضح أنها ستستضيف COP28 بأن عليها فصل الرئاسة عن أدنوك. كما تم نصحهم بأن يتنحى سلطان الجابر عن أدواره في أدنوك، حتى لو كان مؤقتا. على الرغم من جولة الاستماع التي استمرت ستة أشهر، لا يبدو أنهم أخذوا لهذه النصيحة".

وكشفت صحيفة الجارديان في أبريل أن الإمارات لديها ثالث أكبر خطط لكسر صافي الصفر للتوسع في النفط والغاز في العالم، وهو ما يخالف "هدف 1.5 درجة مئوية في اتفاقية باريس".

وبالإضافة إلى كونه رئيسا لشركة أدنوك، يرأس الجابر شركة "مصدر" للطاقة المتجددة التابعة لحكومة أبوظبي، وكان مبعوثا للمناخ في دولة الإمارات من عام 2010 إلى عام 2016، وأعيد تعيينه في هذا المنصب في عام 2020. وتلقى دعما من شخصيات بارزة بعد وقت قصير من تعيينه رئيسا لمؤتمر الأطراف (كوب 28) في يناير، بما في ذلك من مبعوث المناخ الأمريكي جون كيري ومسؤول المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانز.

وقالت الصحيفة إنها اكتشفت الروابط بين مكتب Cop28 وأدنوك بعد طلب الرد على انتقادات فيغيريس في منتصف مايو.

"كوب 28" يبرر

وعندما سئل عن سبب احتواء ردود البريد الإلكتروني على النص "تصنيف أدنوك: داخلي" ، قال مكتب COP28 إنه "سعى للحصول على مدخلات من العديد من الخبراء المتخصصين فيما يتعلق بالانبعاثات، بما في ذلك أدنوك" وأن علامة التصنيف الداخلية أصبحت جزءا من سلسلة البريد الإلكتروني نتيجة لذلك.

كما سألت الجارديان عما إذا كان مكتب Cop28 قد شارك نظام تكنولوجيا المعلومات مع أدنوك. وذكرت صحيفة "بوليتيكو" في يناير أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أرسلت "سلسلة من الأسئلة للاستفسار عما إذا كانت الرئاسة ستكون مستقلة عن شركة النفط... بما في ذلك ما إذا كان هناك جدار حماية بين المؤسستين؛ وما إذا كان بإمكان أدنوك الوصول إلى اجتماعات COP28 والوثائق الاستراتيجية؛ وإذا ما كان موظفو [COP28] يعتمدون على أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بعملاق النفط".

رد مكتب Cop28 على صحيفة الجارديان في 23 مايو الماضي، حيث قال متحدث باسمه: "يمكن لكوب 28 تأكيد أن محتوى القمة (بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني) يتم الاحتفاظ به في خوادم منفصلة، موجودة في مكاتب كوب 28، على شبكة مستقلة محمية بجدار الحماية، بدعم من فريق IT منفصل".

ومع ذلك، كشف التحليل الخبير الفني لصحيفة الجارديان لرؤوس رسائل البريد الإلكتروني من مكتب Cop28 ومن سلسلة بريد إلكتروني سابقة بين الجارديان وشركة النفط أن خوادم أدنوك كانت متورطة في إرسال واستقبال رسائل البريد الإلكتروني من مكتب كوب 28.

وقال الدكتور ريتشارد كلايتون، في مختبر الكمبيوتر في جامعة كامبريدج البريطانية، وخبير التتبع: "سلم خادم [Cop28] كل شيء إلى خادم أدنوك لإرسال البريد الإلكتروني". "تمكنت أدنوك من الاطلاع على جميع رسائل البريد الإلكتروني التي كانوا يرسلونها".

وأضاف البروفيسور آلان وودوارد، خبير أمن الكمبيوتر في جامعة ساري البريطانية: "تستخدم كل من رسائل البريد الإلكتروني لكوب 28 وأدنوك، نفس خدمة البريد الإلكتروني الأساسية الخارجية. كان سجل MX الخاص بهم - حيث يتم إرسال بريدهم الإلكتروني - هو نفس الخادم".

وردا على اكتشاف أن خوادم أدنوك كانت متورطة في اتصالاته، قال المتحدث باسم كوب 28 في 2 يونيو: "خلال الأشهر القليلة الماضية، كانت Cop28 تستخدم مستأجر Microsoft 365 مخصص وخدمة البريد الإلكتروني. لقد قمنا بترحيل بياناتنا من المضيف السابق إلى الإعداد الخاص بنا ونتوقع أن تكتمل هذه العملية بحلول 5 يونيو".

"فضيحة مدوية"

وقال عضو البرلمان الأوروبي باس إيكهوت، نائب رئيس لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي، إن النتائج التي توصلت إليها صحيفة الغارديان كانت "مدوية".

وأضاف: "إن [رئاسة الإمارات لمؤتمر COP28] هي اندماج للمصالح الاقتصادية لدولة أحفورية مع أجندة انتقالية أساسية يجب أن تكون بعيدة عن هذه الصناعة الأحفورية - وهذا لن يسير على ما يرام، و[هذه الاكتشافات] تظهر بالفعل أنها لا تسير على ما يرام".

وقال إيكهوت إنه يجب استبدال الجابر كرئيس لكوب 28. ولكن مع ضيق الوقت قبل قمة نوفمبر، قال إن أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "يجب أن تسيطر الآن بشكل أكبر على العملية برمتها" وتعكس بشكل أفضل التصريحات التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي حذر من أن أزمة المناخ وضعت العالم على "طريق سريع إلى الجحيم".

ولم ترد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على طلب للتعليق، وفقا للجارديان.

وكان الجابر قد دافع في السابق عن تعيينه، وقال لصحيفة الجارديان في أبريل إن علاقاته ستثبت أنها ميزة في ضمان اتخاذ القطاع الخاص الإجراءات اللازمة بشأن أزمة المناخ.