أحدث الأخبار
  • 12:39 . زيادة بأسعار الوقود خلال نوفمبر في الإمارات... المزيد
  • 12:29 . قطر تشتري زوارق مسيرة من تركيا... المزيد
  • 12:02 . نحو ألف شهيد في العملية الإسرائيلية المتواصلة على شمال غزة... المزيد
  • 11:50 . توتنهام يرسل مانشستر سيتي خارج بطولة كأس الرابطة... المزيد
  • 10:29 . استشهاد فلسطينيين اثنين في نور شمس مع تجدد الاشتباكات بالمخيم... المزيد
  • 12:59 . فيضانات إسبانيا تخلف 95 قتيلاً والحكومة تعلن الحداد... المزيد
  • 12:12 . بسبب حرب السودان.. أرسنال الإنجليزي متهم بتبييض صورة أبوظبي... المزيد
  • 10:58 . مركز حقوقي: اعتقال النشطاء الإماراتيين أثر على مواقف المجتمع من القضية الفلسطينية... المزيد
  • 08:05 . الإمارات تُسير سفينة إغاثة لغزة تحمل أكثر من 5100 طن من المساعدات... المزيد
  • 07:11 . السعودية تدعو لقمّة عربية إسلامية حول غزة ولبنان... المزيد
  • 06:41 . في أول ظهور له كأمين عام لحزب الله.. انقطاع البث خلال كلمة نعيم قاسم... المزيد
  • 01:09 . الإمارات تدين قرار الاحتلال حظر أنشطة "الأونروا"... المزيد
  • 01:03 . أمير قطر يدعو للاستفتاء على التعديلات الدستورية الثلاثاء المقبل... المزيد
  • 12:41 . الذهب عند أعلى مستوى نتيجة مخاوف تتعلق بالانتخابات الأمريكية... المزيد
  • 12:35 . وفاة الفنان المصري مصطفى فهمي عن 82 عاما... المزيد
  • 12:20 . قطر ومصر تبحثان جهود الوساطة لوقف الحرب على غزة... المزيد

المنطقة تشتعل .. وأميركا تتخلى عن دور الإطفائي!

الكـاتب : عبد الله خليفة الشايجي
تاريخ الخبر: 30-11--0001

عُرف القرن العشرون ومطلع القرن الحادي والعشرين بحق باسم «القرن الأميركي»، وقد وصفت الولايات المتحدة بـ«شرطي العالم»، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأثناء الحرب الباردة، وبعدها، في فترة النظام أحادي القطبية الذي تربعت فيه من دون منازع في موقع زعامة العالم. وهذا لقب استحقته واشنطن بجدارة.. ولكن ذلك الدور الأميركي تآكل لاحقاً بسبب تراجع أميركا النسبي وصعود قوى أخرى وظهور أدوار لفاعلين منافسين من الدول ومن غير الدول.. وبدأت أميركا تكتسب تدريجياً صفة «إطفائي العالم» لدورها في منع واحتواء الأزمات قبل تفجرها.. أو التدخل ومنع الأزمات المتفجرة سلفاً من التفاقم.. وقد رأينا ذلك في أكثر من حالة، كما رأينا أيضاً استخدام القوة لإنهاء الأزمات، وقد وصل ذلك النهج قمته بقيادة الولايات المتحدة لتحالف دولي لتحرير دولة الكويت في عام 1991. ورأيناه أيضاً في توسط وقيادة أميركا للجهود الدولية الهادفة لوقف حرب إسرائيل على لبنان و«حزب الله»، بعد عدوان إسرائيل على لبنان في سنة 2006 وكذلك عدوانها على غزة في عهد حكومتي أولمرت ونتيناهو 2008-2009 و2012 تم التوصل إلى اتفاق الهدنة بين إسرائيل و«حماس» في نوفمبر 2012.

ولا يمكن للباحث والمتابع للشأن الإقليمي في الشرق الأوسط، من شمال أفريقيا إلى الخليج العربي وحتى إلى باكستان وأفغانستان، ومع العواصف العاتية التي تتحول كما هي الحال اليوم من غزة الدامية، والعراق المتشظي، إلى سوريا التي تحول الدم فيها إلى شلالات، وصولاً إلى اليمن الذي يطرق الحوثيون أبواب عاصمته صنعاء، بعد سقوط مدينة عمران، لا يمكن للباحث والمتابع إلا أن يلاحظ الغياب الأميركي الكامل عن المسرح الإقليمي، لا بل عن المسرح الدولي.

فحلفاء واشنطن في الخليج والشرق الأوسط ليسوا قلقين فقط من تراجع الدور الأميركي بل أيضاً من تراكم أخطاء وتخبط الولايات المتحدة، وعدم الاستماع لنصائحهم أو الاستجابة لقلقهم، وأبرز تلك الأمثلة واضحة في تعثر عملية السلام، وسوريا، والعراق، وإيران، والبحرين. وقد تحولت هذه الأزمات اليوم إلى وقود يهدد بإشعال المنطقة بأسرها. وإذا أضفنا إلى تلك الأزمات اليمن، حيث يقرع الحوثيون أبواب صنعاء، يكتمل المشهد المأساوي لانحدار المنطقة نحو اشتعال كامل.. ولطالما حذرت دول الخليج واشنطن من نتائج سياستها، ورفع اليد، لأن النتائج ستكون كارثية، وهذا ما يحدث اليوم.

واليوم هناك تساؤلات في واشنطن نفسها: أين أوباما من قيادة المجتمع الدولي، والأمم المتحدة؟ كما أن القلق ليس أيضاً حكراً على حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، بل إن حلفاءها في شرق آسيا، كاليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وتايلند وفيتنام، قلقون كذلك من مما يعتبرونه «بلطجة» صينية ومشاغبة من كوريا الشمالية.. وحلفاء واشنطن في شمال وشرق أوروبا كدول البلطيق وأوكرانيا ومولدوفا وجورجيا يخشون أيضاً الخشونة و«البلطجة» الروسية.. والسؤال، مرة أخرى: لماذا حلفاء واشنطن حول العالم قلقون، وخصومها لم يعودوا يخشونها؟! وهذا تحول استراتيجي خطير يزيد من منسوب القلق وعدم الاستقرار.

ومرة أخرى.. أين واشنطن؟ فما نشهده اليوم هو غياب شبه كلي للولايات المتحدة في العراق، وغزة، وفي سوريا، واليمن، وهذه الأزمات تهدد بتفجير منطقة الشرق الأوسط كلها، وبشكل غير مسبوق. وإلى وقت كتابة هذا المقال صباح السبت، 12 يوليو، وصل عدد الضحايا في غزة إلى 121 ضحية و800 جريح وتدمير 200 منزل! وفي ظل ذلك يتصل أوباما بنتيناهو ويعرض عليه التوسط!.. يعرض التوسط فقط! بينما وزير خارجيته الذي زار المنطقة 14 مرة منذ تعيينه قبل 18 شهراً لتحريك عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل -المجمدة والمنهارة بقرار من نتيناهو- يغيب كلياً في الوقت الذي يبدو فيه حضوره ومشاركته بالغي الأهمية.

وفي الوقت ذاته نتابع جولات كيري في أفغانستان لحل أزمة كبيرة أخرى تهدد مستقبلها بسبب الخلافات الحادة على نتائج انتخابات الرئاسة المثيرة للجدل التي لم تعلن نتائجها بعد، ولكن يبرز تهديد جدي من قبل المرشح عبدالله عبدالله ومناصريه بتشكيل حكومة موازية لمرشح الرئاسة ووزير الخارجية السابق أشرف غاني الذي يعتقد أنه قد فاز، فيما تتحضر واشنطن ومعها قوات حلف شمال الأطلسي للانسحاب في نهاية العام. وبذلك تنهي أميركا ما يُعرف في العقلية الأميركية بـ«الحرب الأطول في تاريخ أميركا» التي بدأتها إدارة بوش في أكتوبر 2001.. وتترك أفغانستان مفككة ومحطمة مع عودة خطر «طالبان»، وقد نشهد العام القادم في بلاد الأفغان تكراراً لسيناريو التفكيك والتشظي والتقسيم والحرب الأهلية التي يعشيها العراق اليوم. ما يجعل العراق دولة فاشلة بامتياز يهدد كيانه ومكوناته ومستقبله وجيرانه.

كما تحولت غزة إلى مأساة متفاقمة بغارات لا تتوقف على الغزاويين، وبقصف صاروخي طال مدناً رئيسية في إسرائيل شملت تل أبيب والخضيرة وصولاً إلى حيفا في الشمال على بعد أكثر من 150 كلم من غزة.. ما يشكل توازناً للرعب بين الطرفين، ويهدد بالتوسع والمزيد من الدمار.. وبرغم خطورة ذلك، لم يكلف أوباما وزير خارجيته بالتوسط بين الطرفين، وممارسة الضغط على إسرائيل و«حماس» عبر حلفائها، للعودة لاتفاق وقف إطلاق النار لعام 2012.. وفي ظل ذلك، يتهم الجمهوريون في الكونجرس أوباما بعدم دعم إسرائيل بما يكفي!

كما يلاحظ الغياب الأميركي الكلي في سوريا الذي كان سبباً في تفاقم الأوضاع ليس في سوريا فقط ولكن حتى في زيادة التطرف والصراع السني- الشيعي وظهور «جبهة النصرة» و«القاعدة» وتفاقم الأوضاع وصعود «داعش» وتمددها إلى العراق الذي تقسم وتفكك وصارت هناك «خلافة إسلامية» في الشمال والوسط مرتبطة بشرق سوريا وتم «تنصيب» المدعو أبوبكر البغدادي «أميراً للمسلمين»! فيما احتل الأكراد كركوك وصادروا حقولاً نفطية انتزعوها من حكومة بغداد.. وبعد تلاسن واتهامات متبادلة، اتهم المالكي الأكراد باحتضان الإرهابيين و«داعش» و«القاعدة» والبعثيين، فيما رد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني باتهام المالكي بفقدان صوابه. وعلق مشاركة الوزراء الأكراد في الحكومة، وتم تعيين وزير خارجية بديل لهوشيار زيباري! واليوم هناك بحوث من مراكز دراسات استراتيجية أميركية وكُتاب بارزين في الولايات المتحدة ينتقدون التراجع الأميركي و«كيف ساهمت سياسات وأخطاء أوباما في انتزاع الهزيمة من فم الانتصار في العراق!» ونحن حلفاء واشنطن وجيران العراق نسأل أيضاً: إلى أين يسير العراق، لا بل إلى أين تسير المنطقة كلها في ظل استقالة أميركا عن لعب دور الزعامة، في وقت تبدو الحاجة أشد ما تكون لذلك الدور؟!

والراهن أن إدارة أوباما قررت، على ما يبدو، تقديم استقالتها من زعامة العالم بمحض إرادتها. ولكن تلك الاستدارة تأتي بثمن يزيد من منسوب الفوضى وعدم الاستقرار، ويفاقم المعضلة الأمنية لحلفائها، ويسعد ويريح خصومها وأعداءها، وبالتالي يهدد مصالح حلفائها وكذلك مصالحها هي نفسها.

ويرد الأميركيون أحياناً قاتلين إن واشنطن مهما فعلت فستتعرض للانتقاد.. إذا تدخلت تتهم بالتدخل في شؤون الدول وتقرير مصيرها.. وإذا غابت تُتهم برفع اليد واستدعاء الفوضى والقلق.. ولكن، في كل الأحوال، على واشنطن المتراجعة والمنكفئة، العودة بسبب غياب البديل الذي يمكن أن يضبط الإيقاع الإقليمي والدولي، بدلاً من «المايسترو» الأميركي المتعب والمجهد. ولذلك فمن المهم أن تعي إدارة أوباما أن استقالتها الطوعية من الزعامة ستكون مكلفة للجميع.. وستفاقم الفوضى التي تشهدها المنطقة مما يهدد مصالح حلفائها وبالتالي مصالح واشنطن نفسها. وهذا التخبط الأميركي يفاقم الموقف، ويخشى أن تستمر شعوب المنطقة في تسديد فواتير حسابات أميركا الخاطئة والمتراجعة، في المديين القريب والبعيد!