كشفت دولة الإمارات ضمن مشاركتها في فعاليات مؤتمر دول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ COP27 المقام في مدينة شرم الشيخ المصرية في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر الجاري، عن المسار الوطني للحياد المناخي 2050، والذي يمثل الإطار الزمني لآليات ومراحل تنفيذ مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 التي تم الإعلان عنها في أكتوبر 2021.
ويحدد المسار سقف الطموح المناخي لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، ويستهدف تحقيق خفض بنسبة 18% للانبعاثات بالمقارنة مع معدلات الخفض المستهدفة في التقرير المحدث للمساهمات المحددة وطنياً الثانية، بموجب اتفاق باريس بحلول 2030 ، ثم الوصول بنسب الخفض إلى 60% بحلول 2040، والوصول إلى درجة الحياد بحلول 2050، وفقاً لوكالة (وام).
وقالت مريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة: "إن تغير المناخي يمثل التهديد الأكثر خطورة لمستقبل البشرية، وكوكب الأرض ككل، حيث إن تأثيره سيطال الصحة العامة وتوافر الغذاء والمياه، والهواء وأماكن العيش وحتى الحياة البرية والتنوع البيولوجي، وإدراكاً منا لأهمية وحتمية مواجهة هذا التحدي وتداعياته بمشاركة كافة مكونات وقطاعات المجتمع، وضمن التزاماتنا الطوعية بتحقيق أهداف اتفاق باريس، أطلقنا العام الماضي مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، واليوم، نفخر بالإعلان عن تفاصيل المسار الوطني للحياد المناخي 2050 والذي يمثل آليات التنفيذ المرحلي للمبادرة".
وأضافت: "نعتمد في توجهات التنفيذ الفعلية للمبادرة على الحلول الابتكارية وأحدث التقنيات المتاحة، ونتوقع أن يحقق المسار مكاسب جمه في خلق فرص عمل جديدة وفرص نمو اقتصادية متوازنة ومستدامة، كما سيساهم في رفع معدلات جودة الهواء، ونحن مصممون وملتزمون للمضي قدماً في اتخاذ التدابير اللازمة للمساهمة في العمل المناخي العالمي حتى نضمن إيجاد مستقبل أكثر استدامة".
وكانت دولة الإمارات عقب الإعلان عن المبادرة الاستراتيجية للسعي للوصول للحياد المناخي 2050، في أكتوبر 2021 ضمن فعاليات إكسبو دبي 2020، قد اعتمدت تشكيل مجلس الإمارات للعمل المناخي برئاسة وزارة التغير المناخي والبيئة وعضوية أكثر من 19 جهة من القطاعين الحكومي والخاص للعمل كمظلة عامة للعمل المناخي على المستوى المحلي، كما تم اعتماد تشكيل اللجنة الوطنية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للحياد المناخي 2050، والتي عملت على إعداد الاستراتيجية طويلة المدى للحياد المناخي.
ويتألف تطوير الاستراتيجية من مرحلتين، حددت الأولى التي تم الانتهاء منها في سبتمبر الماضي المسار الوطني للحياد المناخي 2050، وشملت قياساً لتحديد أفضل الممارسات في هذا المجال مع دول العالم المماثلة والمتقدمة، مع الدول شبيهة الطابع والدول المتقدمة في الحياد المناخي، وتحديد خط الأساس للانبعاثات وتقييم تأثير الاستراتيجيات الوطنية الحالية (الطاقة، والمياه، وإدارة الطلب، والنفايات، والصناعة) على الانبعاثات حتى عام 2050، ووضع نموذج لتقدير انبعاثات غازات الدفيئة وإجراء عمليات النمذجة، وإعداد قائمة تدابير التخفيف ذات الأولوية، وإعداد سيناريوهات للوصول إلى الحياد المناخي.
وتم تبني أفضل المنهجيات العالمية في تطوير العديد من السيناريوهات لتحقيق الحياد المناخي، وتم اختيار السيناريو الذي يمثل مساراً متنوعاً ومتوازناً في أنشطة التنمية الطموحة مناخيا، ويعتمد على تسريع تنفيذ تدابير وخطوات للتخفيف مجدية اقتصادياً، مع التركيز على الاقتصاد الأخضر، ودفع التحول نحو التنمية الصناعية الخضراء، ما يعزز الصادرات ويحمي الصناعات الرئيسة القائمة على (الألومنيوم، والصلب، والأسمنت، والنفط، والغاز)، لذا يحقق هذا السيناريو توازناً بين التأثيرات البيئية والمناخية من ناحية، والآثار الاجتماعية والاقتصادية من ناحية أخرى، ومن المتوقع أن يفي بمتطلبات الحفاظ على الاحترار العالمي أقل من 2 درجة مئوية.
وكجزء من هذا السيناريو، ستتبنى دولة الإمارات عدة إجراءات للتحفيف من حدة تغير المناخ، مثل زيادة حصة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة المحلي، وتوسيع نطاق استخدام الكهرباء النظيفة في مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاعات الثقيلة، وسيحدث انخفاض تدريجي في استخدام الوقود الأحفوري العادي بما يتماشى مع مبادئ التحول العادل للطاقة، وتشمل التدابير أيضا توسيع أنظمة احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه عبر الحلول القائمة على الطبيعة، بالإضافة إلى الأنظمة الصناعية الحديثة مثل تقنيات التقاط الكربون، والحلول القائمة على المحيطات، كما تشمل دعم النقل الذكي مناخياً.
وسيدعم المسار الوطني المعتمد زيادة الناتج المحلي التراكمي بنسب تتراوح بين 1.8 إلى 3.2% حتى العام 2050، بزيادة اجمالية بقيمة تتراوح بين 610 مليارات إلى 1080 مليار درهم مقارنة بخط الأساس للعام 2019، كما يساهم مسار في خلق والمحافظة على الوظائف بمتوسط 200 ألف وظيفة.
ومن جانب آخر سيساهم في تسجيل تحسن كبير ومتزايد في مستويات جودة الهواء نتيجة انخفاض التلوث الناتج عن الصناعة والطاقة والنقل وبالتالي ستتحسن مستويات الصحة العامة وتتراجع معدلات الإصابة بالأمراض، وسترتفع الميزة التنافسية للصناعات المختلفة نظراً لكونها تقدم منتجات منخفضة الكربون.
وسيساهم المسار الوطني للحياد المناخي في تعزيز الشفافية وزيادة فرص تحقيق المستهدفات الوطنية للحد من معدل الاحتباس الحراري العالمي في حدود 1.5 درجة مئوية ودرجتين مئويتين، بما يتوافق مع اتفاقية باريس للمناخ.