أكد الفلسطينيون في الإمارات على نطاق واسع رفضهم اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بـ "الاستيلاء" على قطاع غزة، قائلين إنه يتجاهل التضحيات التي قدموها والصعوبات التي تحملوها من أجل البقاء في وطنهم رغم الصراع والموت والدمار والتشريد.

وتشير تعليقات ترامب، التي أدلى بها خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، إلى أن الولايات المتحدة تتجه للسيطرة على غزة، حيث قال إنه يريد تحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". كما أثار إمكانية نقل سكان غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن .

وواجهت المقترحات معارضة واسعة النطاق في مختلف أنحاء الشرق الأوسط ، لكنها لا تظهر أي علامة على فقدان زخمها، حيث طلب وزير الدفاع الإسرائيلي يوم الخميس من الجيش الاستعداد لـ"المغادرة الطوعية" للفلسطينيين.

ولكن بالنسبة لرباب أبو طه، 47 عامًا، المقيمة في الإمارات منذ 45 عامًا والباحثة في مجال الصحافة، فإن تصريحات ترامب ليست غير عملية فحسب، بل إنها أيضًا غير عادلة. وقالت أبو طه: "كيف يمكن لشخص من بلد يبعد آلاف الأميال أن يقرر مصير أمة أخرى؟ إن الناس لديهم الحق في تحديد مستقبلهم"، وفقاً لصحيفة "ذا ناشيونال نيوز" الإماراتية الناطقة بالإنجليزية.

وأشارت أبو طه أيضًا إلى ما تراه تناقضًا في نهج ترامب، قائلة "إنه يدعو إلى الحد من الهجرة إلى الولايات المتحدة حتى تظل أمريكا لشعبها، ومع ذلك يقترح إبعاد السكان الأصليين لدولة أخرى عن وطنهم، والمكان الذي ينتمون إليه. حتى الحكومات العربية التي اتخذت مواقف قوية بشأن القضية الفلسطينية رفضت هذا".

التصميم على البقاء

وأكدت أبو طه أن أغلب أفراد أسرتها ما زالوا في غزة، بما في ذلك أشقاؤها وأعمامها وخالاتها، وأن سكان غزة أظهروا بالفعل تصميمهم على البقاء، وأنها تعتقد أن المجتمع الدولي سيقف إلى جانب القضية الفلسطينية.

وقالت: "لقد عاد الناس إلى ديارهم على الرغم من الدمار. لم تطردهم الحرب ولا الموت، ولن يجبرهم شيء على الرحيل. أنا أؤمن بقوة الإنسانية، وأثق في أن العالم سيقف ضد الظلم".

وقال فتحي أبو سيدو (62 عاما)، وهو فلسطيني يعيش في الإمارات منذ أكثر من أربعة عقود، إن اقتراح ترامب يعيد المخاوف التي شعر بها بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023. وقد هدأت هذه المخاوف مؤقتًا عندما أُعلن عن وقف إطلاق النار في يناير، لكنها عادت إلى الظهور بعد تدخل المتعصب الأمريكي.

"لأول مرة منذ شهور، شعرت وكأن حياتي عادت لي لأن عائلتي في غزة كانت آمنة، ولو مؤقتًا"، يقول أبو سيدو . ويضيف "الآن هذا البيان يعيد الشعور بالخوف وعدم اليقين. هل سأل أحد الشعب الفلسطيني في غزة عما يريدون؟ مثل كل الناس، لديهم الحق في تقرير مصيرهم، وإعادة بناء حياتهم، والعيش بكرامة في وطنهم".

وقال أبو سيدو "لقد تحملوا تحديات هائلة ولكن يجب عليهم أن يتمسكوا بالإيمان بأن مصيرهم في يد الله. يجب على العالم أن يدرك أن السلام لا يتحقق من خلال السيطرة، بل من خلال العدالة وحق الناس في حكم أنفسهم".

الشجاعة تكسب الاحترام الدولي

إن قدرة شعب غزة على الصمود، على الرغم من المعاناة التي لا يمكن تصورها، هي أمر لا يزال يذهل الكثيرين. تقول سحر الفلسطينية، 39 عامًا، التي تعمل في المجال الطبي في الإمارات وتعيش في البلاد منذ عام 2002: "تخيل مدى الدمار والأرواح التي أزهقت، وما زالوا سعداء بالعودة إلى منازلهم المدمرة والبقاء في مدينة مدمرة".

وأكدت سحر أن الارتباط العميق بالأرض هو ما يجعل الناس صامدين رغم الشدائد. وقالت: "علينا أن نفكر في عقلية أهل غزة. إنهم صامدون ولديهم جذور قوية في الأرض. لن يغادروا أبدًا. سيعيشون في خيام على أنقاض منازلهم".

ولدت سحر في لبنان بعد نزوح عائلتها من فلسطين، وقد أبدت دهشتها من تعليقات ترامب. وقالت: "أنا مندهشة حقًا من هذه الثقة التي يتمتع بها في قدرته على السيطرة على الشرق الأوسط. أسأل من أنت وإيلون ماسك لتعتقد أن لديك سيطرة على العالم أجمع؟ من فضلك اترك الناس في هذه المنطقة وشأنهم".

وأضافت "أرضنا ووطننا جزء منا، أينما كنت في العالم، فهي تشكل تفكيرك وآرائك وحياتك".

وقد أدت الحرب الصهيونية في غزة إلى استشهاد أكثر من 47 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 111 ألف آخرين، فضلاً عن تدمير جزء كبير من القطاع.