إبعاد العمال اللبنانيين من الإمارات مابين الصدمة ودوافع القرار
بيروت
– الإمارات 71
تاريخ الخبر:
17-03-2015
تناولت قناة فضائية قضية إبعاد الدولة للعمال اللبنانيين من أراضيها مؤخراً، في سياق تقرير لها تناول أبعاد ودوافع القضية "حيث فوجئ أكثر من 90 لبنانياً في الإمارات بقرار إبعادهم في مهلة لا تتجاوز اليومين".
وبحسب "فرانس24" فإن حال الصدمة التي تملكتهم ترافقت مع حراك سياسي لمتابعة الموضوع، فيما فسرت السلطات الإماراتية القرار بدواع أمنية، فماذا يقول المبعدون وما هي ظروف إبعادهم؟
ويبدأ أحد المبعدين من أبوظبي الكلام عن قصته بالقول:"اللبناني الذي يعيش في الإمارات يده على حقيبته طوال الوقت" ملخصاً به حال الصدمة التي حملها المبعدون من الإمارات عند عودتهم إلى لبنان يوم السبت الماضي.
ولفت التقرير إلى أن ذلك لم تكن نتيجة القرار نفسه فهو لم يكن جديداً، والدليل عشرات المبعدين الذين يستقبلهم مطار بيروت سنوياً منذ العام 2009 من الإمارات ومن دول خليجية أخرى، لا سيما قطر والسعودية.
ونوّه أن الصدمة كان سببها العدد الكبير، الذي جاوز التسعين، لهؤلاء مقارنة بالسنوات السابقة، فضلاً عن المهلة التي لم تتخطّ الثمانية وأربعين ساعة التي أعطيت لهم لترتيب أوضاعهم. مهلة لم تكن كافية لمن عاشوا سنوات طويلة أو حتى من ولدوا هناك.
لا علاقة لنا بالسياسة
ويفيد التقرير أن المبعدين اللبنانيين كانوا حذرين من الظهور الإعلامي، إما أملاً بالعودة ومعالجة الملف أو حماية لأقارب وأصدقاء لا يزالون هناك، وجلّ الأسماء الواردة في التقرير هي (أسماء مستعارة) وفقاً للتقرير، حيث يقول مُبعد أخر (سامر) "إنه كان يعمل في أبو ظبي منذ 15 عاماً، وقد فوجئ مساء الخميس باتصال من صاحب الشركة التي يعمل فيها يبلغه أن السلطات قد اتخذت قراراً بإبعاده، وأن عليه مغادرة البلاد بحلول يوم السبت".
وأضاف وعند سؤاله عما إذا تسنت له الفرصة لترتيب شؤون المنزل والسيارة والمصرف، يقول "سامر" بأن "السلطات طلبت إجراء توكيل لشخص يعرفه للاهتمام بهذا الأمر".
ويؤكد التقرير أن سامر كغيره من المبعدين لم يُبلّغ بأسباب هذا القرار، غير أن "الأسباب أمنيّة"، هي العبارة الوحيدة التي سمعها.
ويؤكد أن سجله نظيف، فخلال 15 عاماً لم يسجل أي خرق للقانون، نافياً ما أشيع عن علاقة المبعدين بحزب الله وتبييض أموال لصالحه، ويتساءل بانفعال قائلاً "أي تبييض للأموال؟ لقد كانت الديون تثقل كاهلي هناك، وما كنت أحوله من أموال إلى لبنان كان لحساب أمي وبمبالغ لا تتجاوز الـ800 دولار".
بدوره مبعد آخر وهو طالب جامعي في سنته الثانية، وهو شاب مولود في الإمارات، حياته وعائلته وأصدقاؤه هناك، حتى لكنته يختلط فيها اللبناني بالخليجي، يكرر نفس اعتراض سابقه، وكل ذلك لم يشفع له، فقد انتزع من فصله الدراسي من دون أسباب واضحة، رغم مرور أيام قليلة على عودته، إلا أنه ليس ناقماً على دولة الإمارات، فـ"هي لا تزال جميلة" بنظره، ما يهمه اليوم أن يجد سبيلاً لمتابعة حياته في لبنان، وفي النهاية "هو بلدي الأم" بحسب قوله.
تحرك رسمي واسع
وبيّن التقرير أنه ليس عدد المبعدين الكبير هو الذي جعل من القضية مثاراً للجدل ولحراك سياسي واسع على أعلى المستويات في بيروت، بقدر أن الأبعاد السياسية التي تكتنف القضية ترخي بثقلها هنا.
وأشار إلى أن المبعدين بغالبيتهم من بلدات جنوبية، ومن الطائفة الشيعية التي يأتي منها "حزب الله" وجمهوره، موضحاً أن هذه الأبعاد قد تجد ما يفسرها في الكلام الإماراتي عن ظروف استثنائية تمرّ بها البلاد، وتحتّم عليها اتخاذ كافة التدابير الأمنية التي تضمن حمايتها.
وينقل التقرير عن أحد الوزراء اللبنانيين الذي كان حاضراً في لقاء رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام مع نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على هامش مشاركته في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في شرم الشيخ، قوله: إن "لا نيّة لدى الإماراتيين باستهداف اللبنانيين وعددهم يفوق الـ200 ألف في دول الخليج..وقد سمعنا إشادة بالجالية اللبنانية ونجاحاتها".
غير أن الوزير، يستدرك بأن: "هناك عدد قد يكون ضالعاً في تنفيذ أجندة لمصلحة حزب مُعادٍ للخليج أو تبييض أموال لصالح حزب الله أو خوف من حركات تشيّع، من هنا فإن الاعتبارات أمنية ولا تتخطى هذه الحدود".
واعتبر التقرير هذا الكلام يتقاطع مع تصريحات الرئيس سلام الإعلامية التي قال فيها إن الإجراءات أمنية تعني السلطات الإماراتية، فيما أشار إلى عزمه على متابعة الأمر، خصوصاً مع وليّ عهد أبو ظبي الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.
أسئلة كثيرة
وأفاد التقرير أن المسؤولين اللبنانيين إذاً يتولون متابعة الملف، لا سيما وسط ما يُحكى عن دفعة جديدة من المبعدين قد تتجاوز الـ120 لبنانياً، إلاّ أن الكلام مع عدد ممن وصلوا إلى لبنان يكتنفه العتب على السلطات اللبنانية، فوزارة الخارجية لم تتواصل معهم حتى الآن.
كما يُضاف إلى هذا العتب مجموعة من الأسئلة تراودهم فـ"لماذا انتظرت السلطات الإماراتية كل هذه السنوات كي تبعدهم طالما ثبت تورطهم في نشاط مشبوه؟ وإذا اكتشفت الأمر مؤخراً فلما لم يتم استدعاؤهم للتحقيق؟".
فيما رأى أحد الدبلوماسيين اللبنانيين أن "هذه الحالات الأمنية تعالج عادة بشكل فردي وليس جماعياً"، ملمحاً إلى خلفيات سياسية للقرار" مؤكداً بأن "الدولة اللبنانية حريصة على إبقاء العلاقات الودية مع دول الخليج، لا سيما في هذه الظروف الاستثنائية التي قد تدفع الدول التي تشعر بالتهديد إلى اتخاذ قرارات استثنائية".