أن تحتضن الدولة أول منطقة حرة للنشر في العالم، أمر مهم، لكن ذلك أصاب الحقوقيين حول العالم بصدمة، خصوصاً في ظل ما تشهده الأوضاع الحقوقية في الدولة من تراجع كبير، حسب تأكيدهم.
ويبدو أن الإعلان عن احتضان هذه المنطقة أثار العديد من التساؤلات، أهمها كيف يكون في الإمارات أول منطقة حربة للنشر، في وقت يُعتقل فيه مفكرون وشخصيات وازنة في المجتمع لمجرد تعبيرهم عن رأيهم، دخل بعضهم أكثر من ألف يوم وهم في السجون.
الإعلان عن تأسيس مدينة الشارقة للكتاب، كأول منطقة حرة للنشر في العالم، من شأنه أن يفتح الباب مجدداً أمام المبادرة التي طرحها حاكم الشارقة فيما يتعلق بالمواطنين المتواجدين خارج الدولة خشية تعرضهم للاعتقال على يد أجهزة الأمن بسبب آرائهم الإصلاحية، الأمر الذي يتنافى مع فكرة المنطقة الحرة للنشر ويضع حولها العديد من علامات الاستفهام والتعجب.
وتعتقل الإمارات أربعة وتسعين من الشخصيات المعروفة في الإمارات بعلمها وثقافتها وحاصلون على شهادات علمية عليا، بعد أن وقعوا على عريضة تطالب بالإصلاحات السياسية وذلك في 3 مارس 2011م، في حين تشير بعض التقارير إلى أن عدد معتقلي الرأي من الإماراتيين ومن جنسيات أخرى تجاوز المائتين وخمسين.
وكان الشيخ سلطان محمد القاسمي حاكم الشارقة قد قال في مكالمته الأسبوعية مع قناة الشارقة قبل نحو شهر ونصف الشهر "نحن الآن نهيئ السبل للجيل الجديد، الجيل الذي سيكون الاب والام، لذلك نحن نحاول اصلاح البيت"، كما تطرق إلى الإصلاح الأوسع المتمثل بعودة الإماراتيين المواطنين الموجودين في الخارج وعليهم إشكالات ناتجة عن رأيهم.
ووجه في حينه دعوته للإماراتيين في الخارج (المطلوبين للدولة) من أجل إنهاء قضيتهم، وقال "انزلوا الشارقة عند سلطان محمد"، مؤكداً على ضرورة المناصحة السليمة من حيث الوقت والأسلوب.
وبعد أيام قليلة من مبادرة حاكم الشارقة؛ أبدت "دعوة الإصلاح" استعداداً لتلبية الدعوة، حيث علق القيادي في "دعوة الإصلاح" رئيس المعهد العالمي للدراسات والتطوير أحمد الشيبة على دعوة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي بالقول "ننظر لهذه الدعوة بجدية كونها صادرة عن الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى للاتحاد، لذلك هي دعوة جادة كون الشيخ القاسمي صاحب سلطة ويمثل أعلى سلطة في الدولة".
اللافت لأنظار المتابعين، أن أي عمليات تقدم فكري أو علمي أو حتى تقني أصبح مربوطاً بشكل مباشر أو غير مباشر بالقبضة الأمنية التي تلازم العقول الإصلاحية في الدولة، الأمر الذي يجعل الأمر دائم الطرح والربط بين هذا التطور والانفتاح على العالم وبين حجز العقول وجعلها في قالب محدود بأربعة جدران معزولة عن العالم.