قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مؤتمر صحفي الخميس الماضي، 9 يوليو: إن دول مجموعة «بريكس» ومنظمة شنجهاي للتعاون متفقة على أن تنظيم «داعش» شر مطلق يجب مكافحته دون استخدام معايير مزدوجة، مؤكداً أن مشاركة السعودية وتركيا في تحالف دولي لمكافحة الإرهاب ضرورة قصوى. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تناقش هاتفياً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن تسوية الأزمة السورية التي ترى واشنطن أن تشكيل حكومة سورية جديدة دون بشار الأسد يمثل المنهج الوحيد لمواجهة «داعش»، فيما يرى الجانب الروسي أن دعوة الأسد لتقديم استقالته من صلاحيات الشعب السوري وحده، وقال بوتين في كلمته أمام الجلسة العامة لمنتدى بطرسبورج الاقتصادي، إن روسيا تستعد لإجراء الحوار مع الأسد ليجري مع المعارضة الإصلاحات السياسية في البلاد. وكانت روسيا قد اقترحت إجراء «محادثات سلام» لتسوية الصراع في سوريا، ودعمتها كافة الأطراف الإقليمية والدولية، وانطلقت جولاتها في مطلع السنة، وينتظر أن تنطلق قريباً جولة المشاورات الثالثة بين الحكومة السورية والمعارضة. ولكن بعد أربع سنوات هل يختصر الصراع في سوريا كصراع بين نظام الأسد و«داعش»؟ وماذا يعني التحالف ضد الإرهاب؟ وأي إرهاب؟
فبعد أربع سنوات على بدء الاحتجاجات في سوريا وتحولها إلى صراع دموي وبعد أن أخفقت كل مبادرات الحل السياسي التي قدمتها أطراف إقليمية ودولية وصولاً إلى مبادرة مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا، التي تهدف إلى عقد هدن محلية، بهدف التخفيف من معاناة السكان، هنا وهناك، وليس تقديم حل سياسي أو عسكري للأزمة السورية، ووسط فوضى الصراع السوري تفاقم وجود التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود من تنظيم «القاعدة» و«داعش» وتوالدت التنظيمات والمليشيات المذهبية على الأراضي السورية. لقد بدأت الحقائق على الأرض تفرض وجودها حتى عند المعارضة السورية، ففي الحالة السورية استفاد النظام من وجود وممارسات «داعش» الإرهابية في المناطق التي تسيطر عليها، واستفاد كذلك من الحرب الدائرة بين الفصائل المختلفة مثل «داعش» و«النصرة» و«الجماعة الإسلامية» و«الجيش الحر» وهو يستفيد من وجودها لأن ذلك يؤكد ادعاءاته بأنه يحارب الإرهاب. ويحاول النظام السوري أن يسوّق دعوى أن تنحي أو سقوط الأسد سيعني ملء التنظيمات الإرهابية لفراغ السلطة الناجم عن رحيله، فكأن الأسد تحول بين عشية وضحاها إلى أخف الضررين، وباتت محاربة الإرهاب أولوية تتعدى ما تم تداوله في سنوات الحرب الأولى في مقررات جنيف 1 وجنيف 2 من ضرورة تنازل الأسد أو تكوين حكومة وطنية بدون نظامه وبات الأسد وكأنه جزء من الحل لتسوية الأزمة السورية. واللافت في تطورات الأوضاع السورية أن شعار «محاربة الإرهاب» أصبح متداولاً سياسياً وإعلامياً ويتم استخدامة من قبل النظام السوري أو من قبل الأطراف المتورطة في الصراع في سوريا كل بتوصيف مختلف لـ«الإرهاب».
لقد حاول الأسد استثمار إرهاب «داعش» ليقدم نفسه كبديل سياسي وحيد فيما تقلص وجود المعارضة السورية العلمانية عسكرياً وسياسياً التي كانت تطرح نفسها كبديل لنظام الأسد في مقابل قبول دولي ظاهر أو ضمني لبقاء الأسد لمحاربة «الإرهاب»! وفي هذا السياق جاءت الدعوة لمكافحة الإرهاب التي أطقلتها روسيا ودعمها النظام السوري أثناء زيارة وليد المعلم لموسكو، حيث أكدت موسكو دعمها لدمشق إذا ما دخلت في حلف مع دول أخرى في المنطقة، بما فيها تركيا والأردن والسعودية، لمحاربة تنظيم «داعش» فهل تنجح روسيا في جمع الأضداد في تحالف ضد إرهاب «داعش»؟