كما توقع "الإمارات 71" في تغطيته للأحداث المأساوية التي أصابت أبناءنا منتسبي القوات المسلحة التي أُخذت إلى اليمن، أن عدم الإفصاح عن عدد الشهداء الإماراتيين في البيان القصير الذي أصدرته المؤسسة العسكرية يعود لضخامة عدد الشهداء والذي لا يمكن لأحد أن يتجرأ بالإعلان عنه دفعة واحدة بدون تمهيد الرأي العام للخبر. فبعد ساعات تم الإعلان أن عدد الشهداء هو "22" شهيدا إماراتيا تم الإعلان عن ارتقائهم اليوم الجمعة، التي أطلق عليها إماراتيون "الجمعة السوداء"، كناية عن الصدمة والحزن الذي خيم على الشعب الإماراتي في حالة نادرة لم يسبق له أن تعرض لمثل هذه "الضربة المؤلمة" من قبل.
وبعد نحو ساعات من انتشار الأنباء ساد الذهول كل بيت إماراتي وأخذت تتزاحم عليهم التساؤلات التي لم يجدوا لها إجابة حتى ولو كانت ملتوية أو إجابة غير دقيقة وسط صمت مطبق من جميع مؤسسات الدولة وحكامها وشيوخها ومسؤوليها ووزرائها ومغرديها من الوزراء والمسؤولين الذين اعتادوا على التغريد والتعليق على الأحداث الجارية في دول المنطقة القريبة والبعيدة ولا سيما من جانب أولئك الذين أرسلوا الشباب الإماراتي إلى "مقتلة اليمن" كما يقول غاضبون.
يتساءل الإماراتيون أين رئيس الأركان وكبار القيادات والضباط وقادة القوات البرية والجوية والبحرية، لماذا اختفت تصريحاتهم في أكبر مأساة وطنية تحل على الشعب الإماراتي في تاريخ الدولة دفعة واحدة، في حين تملأ صفحات الجرائد ومواقع التواصل وهواء القنوات الفضائية تصريحاتهم وإشاداتهم في أي مسألة وطنية أقل أهمية بكثير جدا من جرح أي جندي من أبنائنا في اليمن.
يتساءل الإماراتيون أين الحكومة والمستشارون، أين وسائل الإعلام و "جيش الإعلاميين" داخل الوطن وخارجه، ماذا سيضيفون عن "الواجب الوطني" والشهادة، والفخر، .... ماذا سيقول المسؤولون للشعب، هل سيقبل الشعب الإماراتي إلى الأبد حديث الشهداء والشهادة، واستقبال المعزين كبارا كانوا أم صغارا؟
للشعب الإماراتي مطالب محددة لا بد من الاستجابة لها كما يشدد الناشطون. فالحالة الأمنية بالداخل مستتبة ولا عدو خارجي أو تهديد مباشر لأمن البلد، وعليه فلا حاجة للإماراتيين بحرب اليمن التي بدأت تتحول رويدا رويدا إلى "فيتنام" الإمارات. الإماراتيون يطالبون بسحب قواتنا المسلحة في اليمن على الفور من جميع المدن والقرى والمديريات ومن جميع المهام والمسؤوليات.
الشعب الإماراتي المكلوم بأبنائه يحترم دماءهم ويكتفي بالمطالبة بإنقاذ بقية قواتنا من جحيم اليمن. ولا بد من أن تجد هذه المطالب آذانا صاغية من الحكام والحكومة والمسؤولين، لأنه لا ثمن أعظم ولا أهم من حياة أي شاب إماراتي. وإذا كان يكتفي الإماراتيون اليوم بالدعوة لسحب قواتنا من هناك، فإن الإصرار على بقائهم سيؤدي في مرات قادمة للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الحرب في اليمن.
الشعب الإماراتي يعيش مشكلة وطنية كبيرة لا يمكن تجاهلها بهاشتاق ولا بتدوينة ولا بتصريح ولا بخطاب.. قرار واحد ينتظره الإماراتيون لا غيره، وسواه بلا قيمة.
فقد أعلن أنور قرقاش قبل قليل عبر حسابته "بتويتر" أن الشهداء الإماراتيين قضوا ضحية استهدافهم بصاروخ أرض أرض أثناء تواجدهم في مخزن ذخيرة. قرقاش ورغم عمق الفاجعة التي حلت على الإماراتيين أكد على "الإصرار" باستمرار جنودنا في اليمن وسط تجاهل دعوات ومطالبات الإماراتيين بإنهاء المشاركة الإماراتية هناك مهما كانت الظروف.
فعدد 22 مواطنا يعني أن شهيدا واحدا ارتقى مقابل كل 50 ألف مواطن، وهو عدد كبير بالنسبة لحجم الشعب الإماراتي الذي يناهز المليون. بصورة أخرى، 22 إماراتيا عدد يوازي 1800 مصري بالنسبة لعدد سكان مصر ال"90" مليون، و500 سعودي لـ"25" مليون سعودي.
وفيما تتشعب المعلومات حول هذا الحادث الصعب ويتم الإفراج عن المعلومات المتعلقة به بصورة بطيئة للغاية، فإنه بات من حكم الضرورة قيام لجنة تحقيق إماراتية - خليجية حول الحدث المؤلم والذي يشكل أكبر خسارة إماراتية في يوم واحد، في وقت سجلت فيه الدولة انخفاضا كبيرا في وفيات الأطفال مقارنة بدول أخرى نتيجة الرعاية الصحية المتقدمة، لتسجل أعلى نسبة ضحايا في أوساط القوات المسلحة في يوم واحد أيضا مقارنة مع صراعات أخرى.
لذلك يوجه الإماراتيون مناشدة محددة ومباشرة للقائد الأعلى للقوات المسلحة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ونائب القائد الأعلى الشيخ محمد بن زايد ووزير الدفاع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وإلى رئاسة الأركان وكبار القادة العسكريين بالإيعاز بعودة أبنائنا من اليمن بدون تأخير وتعويض ذوي الشهداء وبث الطمأنينة في قلوب عموم الإماراتيين بوقف إرسال أبنائهم إلى مناطق الصراع والحروب إلى جانب تقديم رواية كاملة وصحيحة حول فاجعة اليوم للرأي العام.