فازت مصر الأسبوع الماضي وقبل ثلاثة أيام فقط من انتخابات مجلس الشعب التي تجري لأول مرة منذ الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي بعضوية مجلس الأمن غير الدائمة للعامين القادمين بنسبة تصويت عالية جدا. وإزاء فوز مصر لهذه العضوية التي لا ينكر أحد أهميتها ومدى تعبيرها عن ثقل مصر وليس عن نظام السيسي بالضرورة جرت الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية على مدى يومين وسط مقاطعة لا ينكرها أحد أيضا. وبين الصورتين، ادعاءات للنظام ومؤيديه وللمعارضة وأنصارها.
مؤيدو النظام اعتبروا أن حصول مصر على 179 صوتا من أصل نحو 200 صوت هو "شرعية دولية" لنظام السيسي واعتراف وقبوله به، مع تأكيدات لمؤيدين للنظام "بموت مقولة الانقلاب دوليا"، مستدلين بهذا الفوز، وهو تفسير ينطوي على جانب من المنطق السياسي الدولي القائم على المصالح.
في المقابل، فإن مقاطعة الشعب المصري لانتخابات البرلمان والتي تجري لأول مرة بعد الانقلاب وبعد ساعات من خطاب للسيسي طالب المصريين بصورة محددة وواضحة بالنزول للانتخابات، اعتبرها مناصرون للمعارضة بأنها "استفتاء على شرعية نظام السيسي"، ليخلصوا أن السيسي فقط الشرعية الشعبية بمقاطعة المصريين لهذه الانتخابات.
مؤيدون للسيسي داخل مصر وخارجها وجدوا صعوبات كبيرة في غض الطرف عن مقاطعة المصريين لهذه الانتخابات حتى من جانب إعلام خليجي دائم الدفاع عن النظام. هذا الإعلام أكد المقاطعة وتحدث عن عزوف الناخبين ولكن ترك الحديث عن مساس هذه المقاطعة بشرعية النظام للمعارضة المصرية نفسها التي أكدت أن النظام فقد شعبيته حينا، و مواقف أخرى شددت على فقدان النظام للشرعية الشعبية التي لا يمكن لأي نظام أن يعوضها بشرعية دولية أو شرعية "الأمر الواقع" أو شرعية العنف العسكري أو شرعية دستورية مزورة.
وحتى اليوم الأول وفق آخر معلومات رسمية من اللجنة العليا للانتخابات فقد جاءت نسبة المشاركة نحو 2% من 28 مليون مصري يحق لهم الانتخاب في الجولة الأولى، وسط توقعات بأن الجولة الثانية التي ستجري الشهر القادم لن تكون أفضل حالا.
الأكايمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله أشار في حسابه على "تويتر" إن الشعب المصري لم يستجب لخطاب المشاركة الذي تقدم به السيسي في حين استجاب لخطاب المقاطعة التي دعا إليها الإخوان. كما قارنت وسائل إعلام مصرية ومنها محسوبة على النظام بين طوابير الانتخابات في عهد الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي وبين غياب المشاركة في عهد الانقلاب.
صفوة القول، الناشطون يؤكدون أن فوز مصر بمجلس الأمن لن يمنح النظام شرعية مفقودة ومستعصية عليه من الشعب المصري ومن الداخل، وأنه لا يمكن لأي شرعية خارجية أن تحل بدلا عن شرعية المصريين، وسط تهكم ناشطين "المتغطي بالشرعية الدولية عريان"، مستذكرين أن أنظمة كثيرة في المنطقة تقوم على "شرعية دولية" وأنها تفتقدها تماما شعبيا، وهو انتقاص لا يمكن القفز عليه.