مازالت قضية الطائرة الروسية، التي تتجه معظم المعطيات إلى "إسقاطها" بشكل متعمّد، فوق شبه جزيرة سيناء المصرية، تتفاعل بحثاً عن طريقة إسقاطها، وعن الجهة "الحقيقية" التي تقف وراء هذه الحادثة.
يشكك مراقبون في إعلان "داعش" مسؤوليته عن عملية الإسقاط، ذاكرين مجموعة من الدلائل بهذا الاتجاه، لا سيما طبيعة التهديد والتوعد بدون الكشف عن أي دليل يثبت هذا التبني، إلى جانب ما يذكروه من إمكانية استخدام دول عديدة لشماعة "داعش" من أجل نزع أي عملية "فاشلة" أو غير فاشلة عنها، فهي الجهة التي لا يحاسبها أحد فعلياً.
وفي إطار البحث، صدرت عدة تحليلات تم تناقلها في مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن دور مفترض، غير مباشر، لأبوظبي في عملية إسقاط الطائرة، حيث يجري الحديث عن قيام المخابرات المصرية بتنفيذ العملية بطلب مسؤولين في أبوظبي، الهدف منها التأثير على الانتخابات التركية التي تلت عملية إسقاط الطائرة بيوم واحد.
الطائرة الروسية المنكوبة تحطمت في سماء سيناء يوم الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، وكان على متنها 217 راكبا و7 من أفراد الطاقم ولقي الجميع مصرعهم، حيث كان من المفترض أن تخرج الأجواء المصرية إلى الأجواء التركية، حيث تشير تقديرات تحليلية أن الانفجار كان مقرراً أن يكون في أجواء تركيا وليس في أجواء مصر.
هناك العديدات من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي قاموا بنشر ما أسموه "تلخيص" الأمر وتحدثوا عن أن الطائرة الروسية أوقعتها المخابرات الحربية المصرية بقنبلة حديثة لا تستخدمها غير أجهزة المخابرات، زاعمين أن التفجير تم بطلب من الإمارات دون علم أمريكا أو روسيا، وأن التفجير تم بسبب غير معلوم قبل موعده المحدد، وكان المخطط أن يتم وقت أن تكون الطائرة فوق الأراضي التركية وهذا الذي جعل مصر تعلن في أول تعليق على الحادثة بثقة أن الطائرة خرجت من أرضها وموجودة فوق تركيا وليس مصر.
التفجير كان مقصود به أن يؤثر في نتيجة انتخابات تركيا التي كان موعدها في اليوم التالي للتفجير، وهو ما يدعمه حديث من قبل سياسيين عديدين ومحللين عن سعي أبوظبي لإفشال حزب العدالة والتنمية في انتخابات الإعادة.
أم الهدف الثاني فكان الوقيعة بين تركيا وروسيا في قضية حساسة، حيث كان يهدف إلى اتهام المضادات الأرضية التركية باستهداف الطائرة الروسية، لا سيما وأن تركيا قد أسقطت من قبل طائرتين روسيتين بدون طيار اخرقتا أجوائها أثناء عملها في سوريا.
وعلى الرغم من ذكر هذه المعلومة منذ الأيام الأولى من سقوط الطائرة، إلا أن هناك من بدأ يربط ردود الفعل الدولية ضد مصر، خصوصا الدول الأوروبية والأهم روسيا، وأصبح يلمس أن هناك انعداماً للثقة من حكم عبد الفتاح السيسي، حيث قررت روسيا حظر الطيران المصري في أجوائها، بعد أن قررت سحب نحو ثمانين ألف سائح من مصر، وهو ما فعلته دول أوروبية أخرى، الأمر الذي يعني توجيه ضربة قاسمة للاقتصاد المصري، المعتمد في هذه الفترة على السياحة لوقف انحداره.
وعلى الرغم من عدم وجود أي دلائل حتى الآن عن الدور الإماراتي في هذا الحادث، إلا أن مراقبين يقولون إن ذكر اسمها المربط بشكل مباشر بالتأثير على حاكم مصر عبد الفتاح السيسي والمواقف المناهضة لحزب العدالة والتنمية التركي، يفتح الباب على مصراعية للحديث عن ذلك، خصوصاً وقد بدأت الأمم المتحدة تلمس التدخل الإماراتي في شؤون دول أخرى، كان آخرها المعلن ليبيا.
فقد طلبت الأمم المتحدة توضيحا بشأن التقرير الذي تداولته وسائل الإعلام مؤخرا حول انتهاك أبوظبي لقرار حظر الأسلحة في ليبيا الأمر الذي قد يشكل خرقا لعملية السلام بالمنطقة.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المنتهية ولايته برناردينو ليون، الخميس 12 نوفمبر إنه سيسعى للحصول على "توضيح كامل" بشأن تقرير صحفي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قال إن الامارات أرسلت أسلحة إلى فصائل ليبية في خرق للحظر على الأسلحة الذي فرضته المنظمة الدولية.
ويبقى موضوع دور أبوظبي في إسقاط الطائرة طي تحليلات يرصد من خلالها مراقبون طبيعة العلاقات بين أبوظبي والدولة المعنية بالحادثة (روسيا) لتأكيد أو نفي ذلك أو قياس مدى التوافق على إبقاء الأمر طي الكتمان، لا سيما وأن هناك من رصد تحولاً في موقف بريطانيا من أبوظبي بسبب تدخل المال السياسي ومحاولة تأثيره على مستقبل دول بأكملها.