نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا تساءل فيه إن كانت هذه الأيام هي أيام السيسي الأخيرة، بعد سلسلة من الأزمات على مدى الأسابيع القليلة الماضية، عانت فيها حكومته من الانتقاد على المستويين الداخلي والخارجي بسبب القمع والقصور.
وتقول معدة التقرير إنه بعد أن "تسببت الفيضانات التي عمت الإسكندرية بالضغط محليا على السيسي، صارت حكومته موضع شجب دولي بسبب قمعها للصحافيين بعد زيارة السيسي للمملكة المتحدة بفترة قصيرة".
وتضيف أروى إبراهيم كاتبة التقرير: "بعد عدة أسابيع من مقتل ثمانية سياح مكسيكيين في صحراء سيناء، سقطت طائرة روسية على متنها 224 شخصا في سيناء أيضا. وتسبب سقوط الطائرة، الذي يظن أن وراءه عملا إرهابيا، بإثارة التساؤلات حول مدى استطاعة مصر الحفاظ على الأمن المحلي، والاعتماد عليها شريكا في المنطقة".
ويشير التقرير إلى أن هذه السلسلة من النكبات أدت إلى تخمينات بين المراقبين، حول ما إذا صارت أيام الرئيس السيسي في السلطة تقترب ببطء من النهاية.
ويورد الموقع أن المحللين السياسيين والمراقبين علقوا على انعدام الاستقرار المتنامي في البلاد بقولهم إن الأزمات تبرز مدى عجز الحكومة عن التعامل مع مجموعة من القضايا.
وتنقل الكاتبة عن شادي حميد من كلية بروكنغز، قوله: "يتزايد عدم استقرار مصر، التي لم تكن مستقرة أصلا، وهذا لا يدهشني، فمن أزمة إلى أخرى، وليس لدى نظام السيسي سوى رد فعل واحد: الزيادة من سلطة الدولة، وعدم الاعتراف بالمسؤولية، وإكراه الإعلام على البقاء صامتا".
وتنقل الكاتبة عن المحللة السياسية نجوان الأشول قولها: "هناك وعي أكبر بأن الحكومة المصرية غير قادرة، ولا يمكن اعتبارها شريكا ولا حتى في الحفاظ على الاستقرار، وتقدم الولايات المتحدة وأوروبا الاستقرار على الديمقراطية، بوضع أيديهم بيد السيسي، ظنا منهم بأنه قادر على الحفاظ على الاستقرار".
وتضيف الأشول للموقع: "لكن عندما رأوا مقتل السياح المكسيكيين، وسقوط الطائرة الروسية، بينما بقيت مصر عاجزة عن التحقيق بشكل صحيح فيما حصل، فإن تلك الدول فقدت ثقتها بنظام السيسي".
ويكشف التقرير عن أن فرقا أمريكية وأوروبية تقوم في التحقيق في سقوط الطائرة، بينما بقيت مصر صامتة حول الموضوع، وهذا بحد ذاته أثار حفيظة المصريين، الذين يرون حكومتهم عاجزة أمام تدخل الدول الأجنبية، وقال هيثم إبراهيم (44 عاما) "استخدمت الدول الأجنبية هذه الحادثة ذريعة للتدخل في مصر، فهم الآن يسيطرون على مطاراتنا، وأرسلوا أفرادا إلى سيناء، وبغياب قيادة مصرية قوية ستنجح خططهم في اختراق مصر".
ويذكر الموقع أنه عدا سقوط الطائرة الروسية وأزمة السياحة، فإن مصر تواجه موجة من الشجب الدولي؛ بسبب سلسلة من الهجمات على الحرية الإعلامية، خاصة اعتقال عدد من الصحافيين وناشطي حقوق الإنسان في الأيام الأخيرة. مشيرا إلى أن الصحافي الاستقصائي حسام بهجت، الذي أطلق سراحه مؤخرا، يعد الأبرز من بين المعتقلين. وكان قد أنشأ جمعية حقوق أسماها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وتم إطلاق سراحه بعد ثلاثة أيام من التحقيق وتوجيه التهمة له بنشر معلومات كاذبة.
وتقول الأشول لـ"ميديل ايست آي": "عندما نتحدث عن الحريات الأكاديمية وحرية التعبير، فإن مصر اليوم أسوأ بكثير من زمن مبارك. وتثبت الحكومة أنها ليست مستعدة لسماع أي نقد، وتغلق المساحات العامة والمدنية كلها أمام فعل ذلك".
وبحسب التقرير، فقد جاءت الاعتقالات للصحافيين والناشطين بعد أيام فقط من زيارة السيسي إلى لندن، حيث شجب الناشطون رئيس الوزراء ديفيد كاميرون لدعوته السيسي، بسبب ما وصفوه بأنه تناقض مع حقوق الإنسان.
وتشير إبراهيم إلى انتشار فيديو لفتى صغير انتشل جيرانه جثته من مياه الفيضان، مات مصعوقا بالكهرباء، عندما أصابت مياه الفيضان عامود كهرباء بالقرب من بيته. وظهرت امرأة في فيديو آخر تخاطب حكومة السيسي قائلة: "إن لم تكونوا قادرين على منع الفيضانات من تدمير متاجرنا ومصدر عيشنا الوحيد فعليكم أن تأخذوا على عاتقكم النفقة على أطفالنا، صوتنا لكم، ولكننا اليوم كلنا نلبس ثياب الحداد، أنظر إلى قناة السويس الجديدة التي بنيتها إننا نسبح بها هنا".
ويتساءل الموقع: هل السيسي يشهد أيامه الأخيرة؟ مشيرا إلى أن تقارير جديدة ذكرت أن المسؤولين الإسرائيليين قلقون من احتمال سقوط حكومة السيسي. وقال نائب أمريكي سابق لـ"بلومبيرغ نيوز" إن المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية يشككون بإمكانية السيسي التغلب على متطرفي تنظيم الدولة في سيناء.
ويلفت التقرير إلى أن المحللين يشيرون إلى القمع في مصر كونه عاملا رئيسيا يهدد بانهيار الحكومة. وتقول الأشول: "تحرك النظام نحو القمع، ظنا منه أنه بذلك يحمي نفسه، ولكن في الحقيقه فإنه يسرع من سقوطه بذلك. لقد وصل القمة وبدأ في التحلل".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن الأشول تقول: "ستشجع سمعة السيسي وعدم كفاءته على التغيير، وقد يأتي هذا التغيير من الناس، أو من داخل الجيش نفسه؛ ليحافظ على صورته ومكانته، فقد يقرر الجيش في لحظة ما التضحية بشخص لأجل مصالحه الكلية، حصل هذا لمبارك ولطنطاوي وعنان، وقد يحصل للسيسي".
ولا يزال نظام السيسي يظهر عجزا مضاعفا وفشلا متراكما وسوء إدارة تؤكد مساوئ الحكم العسكري مع مزاعم تعرض مصر لمؤامرة بهدف تغييب الشارع المصري عن الحقائق.