كانت تصريحات وزير الخارجية عبد الله بن زايد أثناء اجتماعه بوفد روسي اقتصادي في إطار الاجتماع الخامس للجنة الإماراتية الروسية في أبوظبي واعتبار إسقاط تركيا لمقاتلة روسية أخترقت أجواء أنقرة بأنه "عمل إرهابي" كفيلة بإثارة ردود فعل مستنكرة على نطاق واسع محليا وخليجيا وعربيا.
وكالة أنباء الإمارات الرسمية التي نقلت هذه التصريحات في تقرير إخباري تضمن هذا التوصيف أضطرت في وقت لاحق وتحت ضغط الانتقادات المتواصلة إلى تقديم تقرير إخباري آخر استثنى تماما هذا التوصيف وإن تضمن تعزية بمن سماهم ضحايا الطائرة الروسية رغم أنها "مقاتلة معادية" حسب القانون الدولي يحق للدولة المعتدى عليها التعامل معها بالطريقة التي تريد خاصة إذا تجاهلت الإنذارات وهو ما حدث تماما بحادثة الطائرة الروسية في أجواء جنوب تركيا بعد عدة استفزازات سابقة اعترفت بها موسكو.
وكان قد وصف عبدالله بن زايد إسقاط تركيا للطائرة الروسية التي اخترقت الأجواء التركية بأنها عمل "إرهابي". وقالت الوكالة، "جدد عبدالله بن زايد استهجان واستنكار الإمارات للأعمال "الإرهابية" التي شهدتها كثير من الدول في الآونة الأخيرة وخاصة الطائرة الروسية التي سقطت فوق سيناء والحادثة الأخيرةة التي "وقعت للطائرة الروسية العسكرية في سوريا"، وفق الرواية الأولى للخبر.
أما التغيير فقد كان، " تتقدم الإمارات بتعازيها للأصدقاء الروس على الحادثة الأخيرة التي وقعت للطائرة الروسية العسكرية في سوريا"، حسب تصحيح الوكالة.
تعامل وكالة الأنباء الرسمية مع التصريحات في هذا الشأن، دفعت خبراء الإعلام والسياسة لطرح عددا من التساؤلات حول السياسة التحريرية التي تتبعها الوكالة، وما إن كانت هذه التصريحات وردت بالفعل على لسان وزير خارجيتنا أم هي تعليق من الوكالة أو المراسل؟ وهل الفرق بين التقريرين يعبر عن تصحيح لتصريحات لم يُدل بها الوزير أم تراجع رسمي عن التصريحات وهذا الموقف؟
المراقبون للعلاقات الروسية الإماراتية يرون أنه لم يكن هناك زلة لسان من جهة وزير الخارجية نظرا لخطورة التصريح وحساسية الموقف بدليل إثارة غضب واستنكار عربي واسع، ولو أن هناك تجاوزا من الوكالة أو تحريفا للتصريحات لتم إصدار بيان او تصريح صحفي رسمي ينفي أو يوضح حقيقة الموقف الرسمي، وهو ما يؤكد أن ما حدث فقط محاولة لاحتواء الاستياء بحذف التوصيف من التقرير الإخباري الثاني.
كما يؤكد المراقبون أن مقابلة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد مع وزير الصناعة والتجارة الروسي الذي كان في زيارة اعتيادية مؤشر إضافي على انحياز أبوظبي للموقف الروسي، خاصة أن الإعلام الرسمي والمقالات التي ينشرها هذا الأعلام لا يخفي "تضامنه" مع موسكو فضلا عن التصريحات الرسمية هذه وإن تم تعديلها أو سحبها أو حتى التراجع عنها.
فيما تساءل ناشطون إماراتيون عن كيفية إدارة العلاقات الدولية والسياسة الخارجية للدولة مع دول العالم إن كانت تمتاز بالارتجال و"المحاولة والخطأ" والتصريح والتصحيح أم ضمن ثوابت محددة كما كان عليه حال سياستنا الخارجية في عهد الآباء المؤسسين رحمهم الله جميعا.