صدرت تصريحات كثيرة قبيل انعقاد القمة الخليجية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي ال"36" التي اختتمت أعمالها بالرياض مساء اليوم تؤكد على أهمية هذه القمة ومفصلية الملفات والقضايا الخاصة بدول الخليج الداخلية والتحديات الخارجية الإقليمية والدولية. فتحدث أمين عام المجلس عبد اللطيف الزياني بإسهاب لوكالة الأنباء القطرية عشية القمة مبرزا اهميتها وحساسية الملفات ودقة الظرف الداخلي والإقليمي. والأمر كذلك، فإن المتابعين توقعوا أن تكون مشاركة الدول الخليجية الست ذات مشاركة وحضور استثنائي. ولكن ما حدث أن المتابعين للشؤون الخليجية رصدوا "تعاملا مختلفا" من جانب أبوظبي مع هذه القمة الأولى في عهد الملك سلمان وبرئاسته. فما هي المؤشرات التي استند إليها المحللون، وهل تعبر بالفعل عن مشاركة بطعم المقاطعة وحضور بطعم الغياب.

مستوى التمثيل الإماراتي

كان مستوى التمثيل الإماراتي "عاليا" في هذه القمة بترؤس نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد وفدها للقمة، خاصة أن رئيس الدولة الشيخ خليفة لم يشارك في أي مناسبات سياسية داخلية أو خارجية منذ عامين دون إعلان عن أسباب ذلك.

وجرت العادة مؤخرا أن يمثل الدولة في هذه المؤتمرات الشيخ محمد بن راشد، وقليلا يشارك فيها محمد بن زايد، وقد كان ذلك في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس الماضي الذي ترأسه نائب رئيس الدولة ولم يشارك فيه محمد بن زايد، إذ لا خصوصية ملحوظة على التمثيل الإماراتي من حيث مستوى المشاركة في قمة الرياض.

وعادة لا يجتمع محمد بن راشد ومحمد بن زايد في وفد واحد إلا نادرا، فبعد اجتماعهما بطنجة مع العاهل السعودي الملك سلمان الصيف الماضي، جمعهما أيضا اجتماع مشترك بزيارة إلى السلطان قابوس عام 2010 برفقة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح على خلفية اتهامات عمانية لأبوظبي برعاية خلية تجسس على النظام العماني استهدفت قلب نظام الحكم كما قالت المصادر العمانية. 

المشاركة الإماراتية في القمة 

في كل الإحوال هناك إجماع خليجي رسمي وشعبي على أهمية هذه القمة والملفات الاستراتيجية والسياسية والأمنية فضلا عن الاقتصادية التي تناولتها. ومع ذلك، فإن وفد الدولة للقمة لم يدل بكلمة أمام القمة كما هو المعتاد في القمم الكبيرة ولم تنقل وسائل الإعلام المحلية والخليجية أي تصريحات خاصة للوفد الإماراتي حول أي ملف تناولته القمة. فمثلا، تحدث محمد بن راشد أمام مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي سالف الذكر، وعادة يكون للدولة كلمة في مؤتمرات شبيهة.

ومما لاحظه المراقبون أن تصريحات ونشاط ملحوظ لنائب رئيس الدولة تم تسجيله في الرياض غير مرتبط بأي صورة أو علاقة بالقمة بالرياض. فقد زار محمد بن راشد رئيس وفد الدولة "مركز الملك عبدالله المالي" وقد ركزت الصحف المحلية على هذه الزيارة "الاقتصادية" ونقلت تغريدة لنائب رئيس الدولة أشاد فيها بوضع المملكة الاقتصادي أثناء حضور قمة سياسية استراتيجية احتل الجانب الاقتصادي جزءا من بين أجزاء كثيرة.

وكمؤشر آخر على عدم اهتمام الدولة إعلاميا أيضا بالقمة، نشرت صحيفة الخليج صباح اليوم تقريرا حول زيارة نائب رئيس الدولة للمركز السعودي المالي،قالت فيه "في ختام زيارته"، في حين أكدت صحيفة الاتحاد أن الشيخ محمد بن راشد قد عاد في ختام اليوم الثاني للقمة (مساء اليوم الخميس) وليس في اليوم الأول (الأربعاء).

وإزاء هذا الإرباك الإعلامي الذي سببته وسائل الإعلام المحلية، كانت أبوظبي تحتض مؤتمرا صحفيا على مستوى وزير الدولة سلطان الجابر وسفير الصين لدى الإمارات للإعلان عن زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد للصين الأسبوع القادم مستعرضين برنامج الزيارة، أي أن المؤتمر أقرب للعلاقات العامة، حسب مراقبين.

التغطية الإعلامية للقمة 

"اختتام القمة الخليجية في الرياض" هذا أبرز عناوين الصحافة المحلية في تغطية القمة ومخرجاتها وبيانها. 

وقالت الصحافة المحلية بصفة عامة، "أقرت قمة مجلس التعاون عدة مواقف ثابتة حيال القضايا العربية والدولية ومساعدة الدول الشقيقة لاستعادة و تعزيز أمنها واستقرارها".

وأكد القادة وقوفهم و دعمهم اللامحدود إلى جانب الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشريف .. كما أكدوا دعمهم الحل السياسي في سوريا بناء على "جنيف 1".

وأكدت قمة القادة الحرص على أمن واستقرار اليمن بقيادته الشرعية ودعم الحل السياسي انطلاقا من المبادرة الخليجية..". 

في العادة، عندما تولي أبوظبي أهمية لمناسبة ما، فإنها تقوم بتغطية موسعة من التقارير الإخبارية والتحليلات وعرض آراء عشرات الإعلاميين والسياسيين محليين وخليجيين وعربا وأحيانا أجانب، وكل ذلك غاب عن متابعة أبوظبي للقمة.

ويرى محللون أن بيانات القمم الخليجية يمكن أن تصدر بالإجماع ولا تنعكس الخلافات بين دول الخليج على التصريحات والبيانات الرسمية كأحد تقاليد السياسة في الخليج، ولكن لا تلتزم جميع الدول بالمواقف الخليجية الموحدة، خاصة في ظل تأكيد تقارير عن اتساع حجم الخلافات بين الرياض وأبوظبي حول كل شيء، ما دفع محللين للزعم بأن مشاركة الإمارات بالقمة على النحو المبين أقرب للمقاطعة وحضورها أقرب للغياب وإن كان مستوى التمثيل رفيعا.