كشف خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن وجود مخططات إقليمية تتحرك اليوم لصياغة المشهد الفلسطيني والتحكم فيه وفق مقاسات ضيقة، وتستهدف غزة ورام الله في آن واحد، وتعمل على كسر مشروع حماس. وشدد مشعل في تصريحات، خلال لقاء إعلامي عقده في العاصمة القطرية الدوحة، على ضرورة تعزيز اللحمة الوطنية الفلسطينية وتأكيده على ضرورة إعادة القضية إلى مكانتها الطبيعية مع توضيح موقف حماس من علاقتها بطهران، والتأكيد على أن المبادرة الفرنسية (التي لم يسمها بشكل مباشر) لن تحقق أي تقدم للقضية الفلسطينية.
حديث مشعل عن الأطراف الإقليمية التي لم يسمها بشكل مباشر، وكان دبلوماسيا في تصريحاته، اعتبرها متابعون موجهة أساسا إلى محمد دحلان وداعميه في القاهرة وأبوظبي ومحاولاته المتكررة لاستهداف الحركة، ونشاطه الذي كشفته مصادر عدة ومناوراته من مقر إقامته الحالي، وسعيه لتمرير أجندات خاصة به وبأطراف يعمل لحسابها.
وعرض قائد الانقلاب وساطته للوصول لتسوية مع إسرائيل في وقت دخلت أبوظبي على الخط بانتقاد السلطة الفلسطينية وتحميلها مسؤولية تعثر السلام مع تل أبيب. وكما سعت أبوظبي لتغيير أنظمة وحكومات في المنطقة فإنها تضغط باتجاه تغيير قيادة السلطة في رام وتعيين دحلان رئيسا.
وفي لقائه مع مجموعة من الإعلاميين العرب المقيمين في العاصمة القطرية الدوحة شدد خالد مشعل على أن «ما يجري من حديث ومخططات (في الإشارة إلى المبادرة الفرنسية) ما هي إلا «مبادرات سياسية دولية أقرب لملء الفراغ منها إلى فرصٍ جادة لمعالجة الصراع، فضلا عن اختلال مضمونها». وأكد أن هذه المبادرات لا تلبي طموحات الفلسطينيين ولا تستجيب لمطالبهم وتأتي تزامنا مع محاولات العدو استعجال التطبيع مع الدول العربية والإسلامية مستغلا صراعات المنطقة في تقديم نفسه كطرف لا يمكن الاستغناء عنه وشريك وحليف موثوق فيه للحيلولة دون التعاطف مع قضايا الأمة والعمل على أن يبتعد العرب عن فلسطين التي هي مثلما أشار في قلب الأمة ومحورها الرئيسي حتى في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة.
وكان توني بلير المقرب من أبوظبي قال الشهر الماضي إن هناك دول عربية مستعدة للتطبيع مع إسرائيل ليس بعد توقيع اتفاقية سلام وإنما بمجرد انطلاق المفاوضات بين رام الله وتل أبيب.
وكشف مشعل أن لدى حركته حاليا خمس أولويات تركز عليها وتفرض نفسها في ظل المتغيرات المحيطة بها وتتمثل في إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية وإعلان حكومة وحدة مع انتخابات تفضي لشراكة بين مقومات المجتمع الفلسطيني في السلم والحرب والعمل جميعا على المحافظة على زخم المقاومة وتحقيق التوافق الوطني بما يحمي الأقصى من التهويد والمساهمة جميعا في كسر الحصار عن غزة والسعي لتجنب أي حرب مع العدو مع الاستمرار في تعظيم قدرات المقاومة والتأهب لأي ظرف وهذا بالعمل وفق برامج وآليات محددة مع التحرك الفلسطيني على الساحة العربية والعالمية لإعادة الاعتبار للقضية وكشف الوجه الحقير للعدو.
اللقاء الذي رد فيه خالد مشعل على أسئلة الصحافيين وبشفافية تامة مع احتفاظه بلغة دبلوماسية بتلافيه تسمية بعض الدول أو الحديث بشكل مباشر عنها حاول أن يعيد توضيح الصورة فيما يخص العلاقة مع إيران والتي زادت حدتها مؤخرا مع تناقل تصريحات لنائبه موسى أبو مرزوق التي أعلن فيها وجود دعم من طهران للمقاومة. وقال رئيس المكتب السياسي لحماس إنه في السياسة يجب على أي طرف أن يقوم بتدوير الزوايا بالمحافظة على القيم والاجتهاد في التفاصيل. ومن هذا المنطلق أشار إلى أن الحركة حافظت على سياستها الدائمة في عدم التدخل في سياسات الدول حيث لم يسبق لها أن فعلت غير ذلك. وتحدى أن يستشهد أي كان بأي دليل على تدخلها في أي دولة، مع إعلانه عن تعاطف حماس مع القضايا المحيطة من دون التدخل فيها، (في إشارة إلى الصراع السوري)، لأن الأساس برأيه أن تركز على قضيتها الأساسية وهي صراعها مع العدو.
وقال: «حماس تقود معركة في وجه الاحتلال من يدعمنا نرحب به، ولا نجد غضاضة في ذلك، طالما أنه يخدم القضية بغض النظر عن موقف الجهة أو الدولة في صراعاتها الإقليمية، ومن دون التنازل عن خياراتها»، وكانت إشارة عن العلاقة مع إيران.
وفي الإطار نفسه رد على سؤال حول العلاقة مع «حزب الله» اللبناني مشيرا إلى أن بعض الأطراف جمعتها بالحركة تقاطعات وقواسم في إطار الصراع مع العدو بالتأكيد على أن الأمر يقف عند هذه العتبة.