لماذا غابت الدبلوماسية البرلمانية الإماراتية عن التضامن مع البرلمان التركي الذي تعرض للقصف من طائرات الانقلابيين في محاولة 15 يوليو الانقلابية الفاشلة، رغم الاهتمام الكبير الذي تبديه دولة الإمارات والمجلس الوطني في "الدبلوماسية البرلمانية"، حتى الآن؟
تساؤل، كانت إجابته المبدئية والمباشرة، أن المجلس الوطني ورئيسته وأعضاءه الأربعين يقضون إجازة المجلس الدستورية بعد الإعلان عن فض دور الانعقاد العادي والتي تستمر حتى أكتوبر المقبل، وهو ما يعني أنه لا موظفين يكتبون رسالة تضامن أو يدونون تغريدة للمجلس يتضامن مع نظيرهم ونظرائهم الأتراك أو تبرق سكرتارية مكتب أمل القبيسي لنظيرها إسماعيل كهرمان لإظهار التضامن معه وتندد بالعدوان والقصف على المجلس الذي لم يتعرض لقصف شبيه له سوى المجلس التشريعي الفلسطيني في غزة على بمقاتلات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة في السنوات القليلة الماضية.
ولكن، وبعد أن أرسلت القبيسي رسالة لنظيرتها في دولة بيرو للتهنئة بانتخابها رئيسة لبرلمان بلادها، تبددت الإجابات السابقة ولم يعد أي جزئية منها قائما، ما دفع للتساؤل عن حقيقة إحجام المجلس الوطني الاتحادي ورئيسته لتسجيل موقف مما تعرض له البرلمان التركي. فهل يوجد علاقة برلمانية بين المجلس الوطني ونظيره التركي، وهل ينشغل المجلس الوطني في الأساس في الدبلوماسية البرلمانية من الأساس أم أنه فقط مكرس للعمل البرلماني المحلي والداخلي؟
الدبوماسية البرلمانية الإماراتية نشطة جدا
عقد المجلس الوطني، برئاسة أمل القبيسي ، في يناير الماضي بأبوظبي الملتقى البرلماني التشاوري الأول، تحت عنوان «استشراف المستقبل»، ووفق القبيسي فقد تدارس "توجهات وخطط تفعيل دور الدبلوماسية البرلمانية بهدف تعزيز العلاقات البرلمانية والسياسية مع مختلف الاتحادات والبرلمانات والدول بالتوازي مع الدبلوماسية السياسية الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة".
المراقبون والمتابعون لنشاط المجلس الوطني في فصله السادس عشر الحالي، لاحظوا انشغال القبيسي خصوصا والمجلس عموما بأدوار دبلوماسية سياسية أكثر من قيامها بأدوار برلمانية محلية بصورة دفعتهم لوصف المجلس الوطني بأنه "ملحق" بوزارة الخارجية. فالقبيسي تقضي أياما طويلة ومتواصالة في جولات خارجية سياسية في معظمها متنقلة بين دول الاتحاد الأوروبي وأفريقيا فضلا عن استقبالها شبه اليومي للسفراء الأجانب في الدولة، كما تبادر لاستقبال بعض كبار ضيوف الدولة الرسميين من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات والوزراء.
وفي مجال مكافحة الإرهاب، تلعب القبيسي دورا نشطا ملحوظا تتنقل من عاصمة إلى أخرى وتلتقي بمسؤول لآخر لدفع برلمانات العالم لتبني وجهة نظر الدولة في ضرورة مكافحة الجماعات "الإرهابية".
وكمثال على ما سبق، فقد أشارت القبيسي في مارس الماضي إلى "ضرورة أن يقوم الاتحاد البرلماني العربي بدوره في توحيد الرؤى، والتنسيق بين البرلمانات العربية، للاتفاق على القضايا والقيام بدور مؤثر وفاعل في مكافحة الإرهاب والتطرف الذي بات ينخر جسد الوطن العربي"، على حد قولها، فيما كانت عاصفة مارس تنخر جسد الإمارات وشعبها مسببة خسائر مادية ومعنوية لم تجد من يرممها حتى الآن.
المجلس الوطني والبرلمان التركي
في (19|6) الماضي، تسلمت أمل القبيسي، خلال استقبالها في مقر المجلس بأبوظبي مصطفى ليفينت بيلغن السفير التركي لدى الدولة، رسالتين تضمنت الأولى تهنئة إسماعيل كهرمان رئيس مجلس الأمة التركي للقبيسي بمناسبة انتخابها لرئاسة المجلس كأول امرأة تترأس المجلس الوطني الاتحادي، فيما تضمنت الرسالة الثانية المرسلة من لجنة الصداقة البرلمانية الإماراتية التركية التأكيد على أهمية تفعيل عمل اللجنة بعد إعادة تشكيل أعضائها من قبل الجانب التركي.
وبحسب وكالة أنباء الإمارات، فقد تقدم إسماعيل كهرمان رئيس مجلس الأمة التركي في رسالته بأصدق التهاني والتبريكات بمناسبة انتخاب القبيسي لهذا المنصب، مؤكداً أن هذه البادرة تعد نموذجاً مثالياً لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وتعكس ما تشهده دولة الإمارات من تقدم ملحوظ على الصعد كافة.
وأعرب كهرمان عن تطلعه لتفعيل العلاقات البرلمانية بين المجلسين لتعزيز علاقات التعاون القائمة بين البلدين الصديقين على المستويات كافة خلال الفترة المقبلة وذلك من خلال استثمار العلاقات البرلمانية لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين.
وتضمنت الرسالة الثانية بحسب ما أوردت وكالة أنباء الإمارات (وام) تأكيد أهمية تفعيل عمل لجنة الصداقة البرلمانية بين المجلس الوطني الاتحادي، ومجلس النواب التركي بعد أن تم إعادة تشكيل أعضائها من قبل الجانب التركي، وذلك لدورها المهم في تعزيز علاقات التعاون القائمة بين الجانبين في مختلف المجالات.
ومع ذلك، فإن القبيسي لم تبادل نظيرها التركي رسالة تضامن أو تهنئة باجتياز البرلمان التركي مؤامرة الانقلاب رغم أن هذا التضامن هو جوهر الدبلوماسية البرلمانية ويقع في صميم المؤسسات المتشابهة في العالم. ليظل التساؤل قائما، لماذا لم يصدر عن القبيسي ولا المجلس الوطني أي موقف إزاء ما تعرض له مقر البرلمان التركي، رغم أن وزير الخارجية والتعاون الدولي عبدالله بن زايد عبر عن دعم الدولة بكل وضوح للشرعية الدستورية للحكومة التركية المنتخبة وعبر عن ارتياح الدولة لفشل الانقلاب.