لم تجف أقلام إعلاميين إماراتيين مثل رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد" محمد الحمادي من الإشادة بجمع مؤسسات التعليم في الدولة من جميع أربع مواد في مادة واحدة، حتى أعلن مجلس أبوظبي للتعليم أنه بصدد فصل هذه المادة المجمعة إلى 3 مواد مستقلة. فما هي هذه المادة الموحدة، وما هي بعد تفريقها، خاصة أن تعديل المناهج في الدولة لم يتوقف منذ نحو عقدين من الزمن دون أن يلوح في الأفق له قرار.
مادة الدراسات الاجتماعية
تحدث الإعلام المحلي الرسمي طويلا وهو يشيد بعملية تغيير مادة الدراسات الاجتماعية التي حلت بدل 4 مواد، ليس في كتاب واحد، وإنما استبدال جميع تلك الكتب بكتاب بديل ومضمون بديل هو كتاب جمال السويدي "السراب"، إذ تم اختزال مواد التاريخ والجغرافيا والاقتصاد وعلم الاجتماع، بالمادة الجديدة.
وبررت عائشة عبيد المهيري، رئيس قسم التقويم والتجريب، في وزارة التربية، تغييب المعلومات التاريخية والجغرافية للمنطقة والعالم التي يجب على كل طالب أن يدركها خلال سنوات المدرسة، زاعمة: هذه "المواضيع الأساسية تمت تغطيتها في الصفوف من الأول إلى الثامن. وبالنسبة للمراحل الأخرى، فإن كتب النشاط غنية بالمصادر والمعلومات"، على حد قولها.
أبوظبي للتعليم يعلن عن تعديل جديد
أما الجديد في مسلسل تعديل المناهج المستمر، ما كشفته المديرة التنفيذية لقطاع التعليم المدرسي والسياسات بالإنابة في مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتورة كريمة المزروعي، لصحيفة "الإمارات اليوم" (20|10)، عن تغيير مناهج الثانوية بدءاً من العام المقبل، مشيرة إلى أن «بعض المواد ستشهد تغيرات كبيرة، مثل الدراسات الاجتماعية، من خلال تفريعها إلى مواد عدة، تشمل مادة للاقتصاد، وأخرى للسياسة، وثالثة للتاريخ».
وقد أثار هذا التوجه استغراب واستنكار قطاعات إماراتية واسعة، نتيجة اعتماد أساليب "المحاولة والخطأ" في الميدان التعليمي، إذ كان من المهم عدم المرور بهذه التجارب المربكة للطلاب والمعلمين والمدارس، إذ جاء تكثيف المواد السياسية والأيدلوجيا في الدراسات الاجتماعية على حساب المعارف والعلوم.
وأوضحت المزروعي، أن النموذج المدرسي الجديد الذي بدأ تطبيقه في رياض الأطفال والصفوف من الأول إلى الثالث الابتدائي في المدارس الحكومية في أبوظبي عام 2010، سيصل إلى طلبة الصف العاشر العام المقبل، ما يستوجب تغييرات في المناهج وطرق التدريس. وهو ما يعني أن مجلس أبوظبي أنفق ملايين الدراهم على تعديل مناهج هي أصلا قيد التعديل وكل ذلك في سبيل طرح كتاب "السراب" لجمال السويدي الذي أثار الجدل محليا على نطاق واسع.
وسجلت المزروعي إشادات واسعة على المناهج التي سيتم تعديلها للعام القادم، ولكن يخشى مراقبون أن يتم التراجع في مرحلة لاحقة عن تلك التعديلات فتصبح بلا قيمة، كما تبخرت إشادات رئيس تحرير صحيفة الاتحاد محمد الحمادي وهو يشيد بكتاب الدراسات الاجتماعية الذي تبين أنه سوف يخضع للتعديل مجددا، بما يعني أنه أشاد بوضع لم يكن مثاليا، ما حدا بمجلس أبوظبي للتعليم تغييره مجددا. إذ كان الحمادي قد كتب في مقال له في أغسطس الماضي:" في هذا العام الدراسي الجديد، ننتقل من «زمن السراب» في مدارسنا إلى «كتاب السراب» في المدارس نفسها، المشهد في مدارسنا مثير للاهتمام والإعجاب في الوقت نفسه"، مضيفا:"مواكبة الوزارة لواقع المجتمع وتحدياته نقطة تحسب لها في التطوير الجديد لمناهجها الذي كشف عن أن المواد الجديدة التي تمت إضافتها تتماشى ومتطلبات المجتمع وحاجات الطالب، فتطوير التعليم أساس تقدم الأمم"، على حد تعبيره.
ولكن السؤال الجوهري، هل بالفعل مجلس أبوظبي كان بصدد تعديل منهاج الدراسات الاجتماعية، وإعادته إلى 3 مواد علما ليس هو المسؤول عن استبداله بكتاب واحد، أم أن الكتاب الجديد أثبت فشله ولفظه الطلاب والمعلمون والمدارس والمجتمع؟!