كأي شخص يضيق ذرعاً في أحيان كثيرة بهذا الزحام الذي يجده في كل مكان يذهب إليه، في الشارع، في المراكز التجارية، في المشافي، في الحدائق .
وفي المطار، خاصة حين أكون عائدة من سفر ما أقف مذهولة أمام طوابير القادمين إلى بلادنا من أصقاع الدنيا، لكنني أمضي متذكرة حقيقة ساطعة خلاصتها أن الناس لا تذهب إلا إلى حيث تجد المنفعة والراحة والأمان وتتحقق الأحلام، أقول لنفسي إن هذا الزحام ضريبة حتمية للشهرة والنجاح، فوحده النجاح يجعل المشاهير محط اهتمام الناس، كذلك بعض المدن يمكن أن تنافس كبار المشاهير فتصبح أشهر من نار على علم، كما قالت العرب قديماً!
دبي مدينة شهيرة، واحدة من أكثر المدن نجومية في العالم، وإذا كان العرب قديماً من فرط كرمهم يوقدون ناراً على أقرب جبل لهم في الليل ليعرف المسافر بوجودهم، فينزل عليهم ضيفاً معززاً مكرماً يضيفونه، فإن دبي وصلت أسماع كل الدنيا واستضافت بمحبة كل البشر، المثل - ضمنياً - دليل الكرم البالغ، وفي المقاربة الحديثة دليل على ما يمكن أن تقودك إليه الشهرة سواء كنت فرداً عادياً أو مدينة صغيرة، الناس كلهم يرون دبي نجمة مضيئة ومشتهاة، يريدون الوصول إليها وبأية وسيلة!
في محل صغير لبيع أدوات الزينة بأحد شوارع إسطنبول الضيقة، وقفت أمام فتاة تركية لدفع قيمة مشترياتي، لا أدري لماذا سألتني «من أين أنت ؟» قلت لها من الإمارات، من دبي، صرخت بفرح؛ دبي رائعة، أريد أن أذهب لدبي، ابتسمت لها وقلت لنفسي بفخر، إنها دبي التي تحضر في أبعد الأمكنة وحيث لا نتوقع.
ذات نهار ركبت حافلة وجلس بجواري رجل طاعن في السن سألني السؤال نفسه، وكانت ردة فعله متشابهة ولولا ثقل العمر لقفز من كرسيه، وحين كنت أسير في شارع طويل باتجاه المدينة القديمة في دبروفنك «كرواتيا».
وكان الشارع يخترق غابة كثيفة، انتصبت على جانب الطريق لوحة ضخمة كتب عليها كلام كثير بلغة الكروات لم أفهم منه شيئاً، سوى تلك العلامة المحببة والمكتوبة بالأحمر وبحروف واضحة «طيران الإمارات» وهنا تحضر دبي وبوضوح أيضاً!
في مدينة «كوتور» إحدى مدن جمهورية الجبل الأسود الميسورة والقديمة كأنها لا تزال تعيش في القرن الخامس عشر، دخلت إلى محل لبيع التذكارات، قالت لي البائعة أعجبني شكل غطاء رأسك من أين أنت؟ من دولة الإمارات، من مدينة دبي، صرخت كزميلتها تلك التي في تركيا، كيف يمكنني الذهاب لهناك، دبي الرائعة، الشواطئ، الفنادق، برج خليفة، المولات..استوقفتها قائلة: دبي ترحب بالجميع وخرجت مزهوة ممتلئة بدبي!
