فجّر كتاب صدر مؤخرا في فرنسا ما زعمت وسائل إعلام أنها فضيحة جديدة لأبوظبي، بعدما كشف أنها سعت لتمويل الحملة الانتخابية لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، مقابل شن الأخيرة حملة تشويه ضد قطر والسعودية في العالم عبر اتهامهما بدعم التنظيمات الإرهابية.
فقد كشف الكتاب "مارين على علم بكل شيء" للصحفيين الفرنسيين مارين توركي وماتياس دستال، أن الإمارات استغلت المشاكل المالية التي كان يعاني منها حزب الجبهة الوطنية وعرضت خدماتها عبر تمويل حملة مارين لوبان الرئاسية بعدما رفضت البنوك الفرنسية منحها قروضا، مقابل شيطنة قطر والسعودية أمام الرأي العام الأوروبي والدولي.
وقالت ماري توركي -التي شاركت في تأليف الكتاب- للجزيرة نت إن مارين لوبان استقبلت سرا مسؤولا أمنيا رفيعا في الاستخبارات الإماراتية في بيت العائلة يوم (20|7|2014) وعرض عليها "المساعدة".
وأضافت "طبعا نعلم أن المساعدة الوحيدة التي تقصدها الإمارات وترغب في تقديمها لمارين لوبان هي الدعم المالي"، مشيرة إلى أن المقابل كان شن مارين لوبان حملة على قطر والسعودية والإخوان المسلمين عبر اتهامهم بدعم وتمويل الجماعات الإرهابية.
لوبان تهاجم
وأشارت الكاتبة الفرنسية إلى أن لوبان شنت بعد هذا اللقاء هجوما عنيفا على قطر في لقاءات تلفزيونية وفي تجمعاتها الانتخابية، كما دعت مرارا حكومة بلادها إلى قطع علاقاتها مع قطر، واتهمتها بتمويل التنظيمات المتطرفة، مشيدة في المقابل بجهود الإمارات ومصر في محاربة الإرهاب.
يشار إلى أن موقع "إنتلجنس أون لاين" المتخصص في المعلومات الاستخباراتية أكد بدوره ما جاء في الكتاب بأن الإمارات عرضت ما بين مليون ومليوني دولار لتمويل الحملة الانتخابية لمارين لوبان مقابل ضرب قطر.
زيارة مصر
كما يكشف كتاب "مارين على علم بكل شيء" أن الإمارات مولت سفر وإقامة مارين لوبان مع عدد من مرافقيها لمصر في مايو 2015.
وقالت مارين توركي في حديثها للجزيرة نت "لدينا وثائق تؤكد أن وكالة إماراتية للاتصال هي التي دفعت مصاريف سفر وإقامة مارين لوبان لمدة أربعة أيام في القاهرة".
وأوضحت الكاتبة الفرنسية أن سلطات أبو ظبي هي من رتبت لقاءات جمعت لوبان بكبار المسؤولين المصريين بينهم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وكان الهدف منها شن حملة على الإخوان المسلمين في الداخل والخارج.
يشار إلى أن الصحفيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرينو أكدا بدورهما في كتابهما "أمراؤنا الأعزاء" الذي صدر العام الماضي؛ نفس المعلومة.
ورغم هذه الاتهامات الثقيلة فإن زعيمة اليمين المتطرف لم تنف يوما صحتها، بل إن الرجل الثاني في حزب الجبهة الوطنية فلاريون فيليبو صرح في نوفمبر الماضي بأن "الإمارات ليست قطر لأنها تحارب الإرهاب، أما قطر فتدعمه وتموله". وأضاف "دفع تكاليف سفر مارين لوبان لمصر من طرف الإمارات ليس مشكلة بالنسبة لنا".
استئصاليون
من جهته قال الأكاديمي والمفكر الفرنسي المعروف فرانسوا بورغا إن المسؤولين الإماراتيين لهم "فكر استئصالي"، مشيرا إلى تصريح لوزير الخارجية الإماراتي عام 2012 قال فيه إنه لا يرى فرقا بين رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي وزعيم أنصار الشريعة (المنحلة) في تونس.
وزعم بورغا أنه لم يتفاجأ مما جاء في الكتاب لأن الإمارات مستعدة للتحالف حتى مع ألد أعدائها لضرب قطر، وهو ما يفسر دعمها لحزب عنصري متطرف، متجاهلة أنه يكنّ العداء لها أيضا، على حد تعبيره.