يتعرض المسجد الأقصى المبارك في الفترة الحالية لأوسع حملات اقتحام جماعية من قبل المستوطنين الصهاينة، مدعومين من الحكومة «الإسرائيلية»، وبمشاركة عدد من وزراء الاحتلال، ونواب في «الكنيست الإسرائيلي».
الاقتحامات تصاعدت خلال الشهور الماضية، وقد وصلت أعداد المقتحمين إلى أرقام غير مسبوقة، فبعد أن كانت الأرقام بالعشرات في الأعوام القليلة الماضية، باتت بالمئات.
تخطى الصهاينة حاجز الألف مستوطن في اقتحاماتهم أكثر من مرة منذ بداية العام، بعد أن كانوا بالكاد يتخطون حاجز المائة مستوطن في غالب أيام الاقتحامات خلال أعوامٍ مضت.
يوم أمس سُجل ارتفاع كبير في أعداد المقتحمين الصهاينة للأقصى في ذكرى ما يسمى «خراب الهيكل»، مع تصاعد الدعوات للبدء في بناء الهيكل المزعوم، كما أُقيمت «الصلوات التلمودية» عند جميع أبواب المسجد في تطورٍ لافت وغير مسبوق.
منطقة مقبرة الرحمة الملاصقة للمسجد الأقصى، وباب الرحمة ومحيطه من داخل وخارج المسجد، تتعرض لانتهاكات تضاعفت خلال الأسابيع الأخيرة، وشهدت المنطقة تكراراً لأداء «الطقوس التلمودية»، ضمن عملية تهويد ممنهجة تمهّد لإحكام السيطرة على المسجد أو مناطق منه.
سمح الاحتلال لوزرائه وأعضاء الكنيست باقتحام الأقصى قبل شهور، بعد أن كان قد منعهم من ذلك، خشية أن تؤدي اقتحاماتهم لاستفزاز مشاعر المسلمين وتتصاعد الأوضاع، إلا أن غرور الاحتلال اليوم يدفعه للمضي قدماً في التهويد والاستيطان، ولا أدل على ذلك من إقرار «قانون القومية «، أو بالمسمى المعروف قانون «يهودية الدولة».
القانون يقول إن ما يسمى «إسرائيل» هي (الوطن التاريخي للأمة اليهودية) بمعنى آخر أن الحق بالإقامة في الكيان الصهيوني محتكرة على اليهود، والكيان الصهيوني يفرض سيطرته على معظم مساحة فلسطين.
وجاء في بنود القانون العنصري العدواني أن «القدس كاملة عاصمة موحدة لإسرائيل»، وقبل هذا القانون لم يكن سوى غربي القدس (رسمياً) داخل هذا الكيان، وكان شرق القدس منطقة محتلة، أما اليوم وحسب القوانين العنصرية الجديدة للاحتلال فهو جزء لا يتجزأ من ما يسمى «إسرائيل».
يقع المسجد الأقصى في البلدة القديمة شرقي القدس المحتلة، لذلك فإن تصاعد حملات التهويد وتضاعف الاعتداءات والانتهاكات الصهيونية بحقه هذه الأيام تعتبر تفسيراً للقوانين الصهيونية العنصرية، وامتداداً للتفويض الذي منحه ترمب للصهاينة، بعد أن اعترف بالقدس عاصمة لكيانهم.
تهويد الأقصى ليس مشروعاً جديداً ولا مستحدثاً، إنما نتيجة جهد متراكم ازدادت وتيرته بشكلٍ غير مسبوق مؤخراً، وقد حاول الاحتلال فرض واقع تهويدي خطير فيه وفي محيطه في مثل هذه الأيام من العام الماضي، إلا أن الشعب الفلسطيني أحبط المخطط الصهيوني من خلال هبة الأسباط.
يعود الاحتلال مجدداً محاولاً فرض المزيد من الوقائع التهويدية في ثالث أقدس مكان لدى المسلمين، مستغلاً الظروف الإقليمية والدولية التي يرى أنها في صالحه، ذلك أن المواقف الرسمية العربية والدولية تجاه هذه الانتهاكات غير المسبوقة شبه باهتة أو معدومة.
يبقى الرهان على الشعب الفلسطيني «جبل المحامل»، ليقود مرة أخرى هبة توقف الهجمة الصهيونية، رغم الخذلان والتآمر والتواطؤ ضده وضد القضية الفلسطينية التي يتسابق البعض في العديد من الدول مع مخططات تصفيتها وتصفية حقوق شعبها.;