فقدت دولة الإمارات الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب» التي تعد رمزاً كبيراً في الأدب والحكمة والشعر.
الباحثة الدكتورة رفيعة عبيد غباش، رئيسة متحف المرأة في دبي، وثقت في كتابها «عوشة بنت خليفة السويدي - الأعمال الكاملة والسيرة الذاتية للشاعرة فتاة العرب»، سيرة «فتاة العرب»، مستعرضةً تجربتها الشعرية الفريدة. وقد أتى الكتاب تجسيداً للتقدير الذي تحمله الكاتبة لشخص الشاعرة وتراثها الشعري الأصيل وإحساسها بالمسؤولية تجاه هذا التراث، حيث استغرقت زمناً للوصول إليها والحصول على فرصة لقائها طوال 6 أشهر..لتخرج بهذه الوثيقة الوطنية الأدبية الفريدة.
تناولت الباحثة في كتابها سيرة الشاعرة فتاة العرب، بدءاً من نشأتها إلى حين توفيت والدتها في سن مبكرة، ومن ثم زواجها لاحقاً من ابن عمها وإنجابها ابنتها الوحيدة حمدة، وتنقلها بين العين وأبوظبي واستقرارها في دبي، وتداعيات المكان والبيئة في قصيدتها الشعرية.
اعتزاز
وتتحدث الدكتورة رفيعة غباش في بداية الكتاب عن زياراتها للشاعرة الراحلة، وأسرتها، وما لمسته خلال الزيارة من حب واهتمام الأحفاد واعتزازهم بجدتهم، وما تتمتع به من خصال كالحكمة والأصالة، حيث وصفتها ابنتها حمدة بأنها ذات إرادة قوية جعلتها تتعلم ركوب الخيل، وأكدت ذلك ابنة حمدة وحفيدة الشاعرة، مشيرة إلى أن جدتها كانت تمتلك من حرية الفكر وبلاغة القول ما لا تمتلكه المرأة اليوم.
وتطرقت في الكتاب إلى انتقال عوشة السويدي إلى دبي، مبينةً أن الشاعرة جاءت على ذكر سيرة إمارة دبي في عدد من قصائدها من خلال اسمها القديم (الوصل)، وأظهرت فتاة العرب في عدد من هذه القصائد علاقات الصداقة التي ربطتها بعدد من شخصيات دبي، وذلك حتى بداية السجال الشعري الذي بدأ في مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي، بينها وبين الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إذ كانت هذه المرحلة هي الأبرز إعلامياً في حياة الشاعرة.
مدح ونقد وهجاء
وخصصت غباش مساحة مهمة في الفصل الثاني للكتاب لاستعراض المساجلات الشعرية بين الشيخ محمد بن راشد وفتاة العرب، موضحةً أهميتها وكيف أشعلت الحراك الثقافي في المنطقة لما شهدته من تفاعل ومتابعة؛ نظراً لما تتمتع به هذه المساجلات من غزارة شعرية ورصانة لغة وعذوبة معنى وبلاغة متفردة.
واستعرضت المؤلفة في هذا الفصل قصائد المجاراة كما نُشرت سابقاً في صحيفة «البيان» في صفحاتها المتخصصة بالشعر الشعبي.
واختتمت غباش هذا العمل التوثيقي لسيرة فتاة العرب وقصائدها باعتزالها الشعر.. فكانت قصديتها «يا واسع الغفران» التي نشرتها بصحيفة البيان في 2 مارس 1996، آخر قصائد الشاعرة.. وكانت هناك أيضاً مجاراة لها من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وختمتها بحمد الله على النجاة ولكونه حباها بفرصة للتأمل والتدبر لهذه الحياة.