كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن كلاً من السعودية والإمارات تتقاسم بشكل دائم مع إسرائيل الكثير من المعلومات الاستخبارية التي تتعلق بالمخاطر الأمنية القادمة من طرف إيران.
وفي تحقيق من خمس حلقات حول السعودية، أشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استنفر للدفاع عن محمد بن سلمان في أعقاب اغتيال خاشقجي، مبينة أن نتنياهو يراهن على دور الرياض في إنجاح استراتيجية إدارة ترامب في عزل إيران.
وقالت الصحيفة: إن "التقاء المصالح السعودية الإسرائيلية أسفر عن تشكل واحد من أهم المحاور الإقليمية في الشرق الأوسط، على الرغم من أنه لا يتم الحديث عنه بتوسع"، مشيرة إلى أن منظومة العلاقات التي تربط الرياض بتل أبيب بالغة الحساسية.
التحقيق الذي أعده عاموس هارئيل ويردين ميخائيل، لفت النظر إلى أن مساعي الرياض لتعزيز العلاقة مع إسرائيل تواجه "تحدياً كبيراً؛ يتمثل في حقيقة أن الحاجة إلى مواجهة إيران تدفعها إلى التقرب من تل أبيب، وفي الوقت ذاته فإن السعودية التي تقدم نفسها زعيمة العالم العربي لا يمكنها الإفصاح عن علاقات الصداقة مع إسرائيل، في الوقت الذي تزداد أوضاع الفلسطينيين سوءاً تحت الاحتلال".
وحسب التحقيق، فإن العلاقات بين السعودية وإسرائيل تقوم على مصالح أمنية واقتصادية متشابكة، مشيراً إلى أن بنيامين نتنياهو يراهن على الدور السعودي في إنجاح الاستراتيجية الأمريكية الهادفة إلى عزل إيران.
التحقيق لفت النظر إلى أن العلاقات بين الرياض وتل أبيب تطورت لدرجة أن نتنياهو بات من الزعماء القلائل في العالم الذي يخرج للدفاع عن النظام بعد إقدام عملاء سعوديين على اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية، في أكتوبر الماضي.
واستدركت الصحيفة: إن "أهم الأسباب التي تدفع إسرائيل للقلق من تداعيات سقوط نظام الحكم السعودي تتمثل في أن هذا التطور سيفضي إلى تسرب الكثير من السلاح والمنظومات القتالية التي تملكها السعودية، بحيث يمكن أن تصل إلى أيدي جهات معادية لتل أبيب؛ الأمر الذي يجعل سقوط النظام ينطوي على تهديدات كبيرة وجدية على الأمن القومي الإسرائيلي".
هآرتس ذكرت أن أحد أبرز مظاهر التقارب بين إسرائيل والسعودية يتمثل في التعاون الاستخباري الذي بات يربط تل أبيب والرياض، مشيرة إلى أن رئيس الموساد، يوسي كوهين، عقد لقاءات مع قادة أمنيين سعوديين عدة مرات.
وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أن الشراكة الاستراتيجية بين السعودية وإسرائيل تطورت إلى حد التنسيق السياسي؛ الذي تمثل بشكل خاص في الاتصالات التي أجريت بين الجانبين في أعقاب الاتفاق على تسليم جزيرتي "تيران" و"صنافير" المصريتين للسعودية.
وبينت أنه في أعقاب تعرض المنظومات المحوسبة في شركة النفط الرسمية السعودية "أرامكو" لهجوم إلكتروني، عام 2012، توجهت الرياض إلى شركات سايبر إسرائيلية بهدف الحصول على برمجيات حماية، مشيرة إلى أن هذا التطور شكل نقطة تحول فارقة في التعاون بين السعودية وشركات السايبر الإسرائيلية.
وذكرت هآرتس أن السعودية أبدت اهتماماً كبيراً بالتواصل مع شركة السايبر الإسرائيلية "NSO"، مشيرة إلى أنه بالاستناد إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان ومراكز تفكير غربية، فإن السعودية اشترت برمجيات تجسس من الشركة الإسرائيلية ساعدت المخابرات السعودية على التجسس على نشطاء حقوق الإنسان السعوديين، قبل بدء حملة الاعتقال التي طالتهم في أعقاب صعود بن سلمان للحكم.
الصحيفة العبرية استرسلت تقول إن السعودية عمدت مؤخراً إلى إصدار تأشيرات دخول خاصة لرجال أعمال إسرائيليين، بحيث لا يضطرون إلى عرض جوازات سفرهم عند الدخول؛ وبهدف تمكينهم من التعاون مع رجال أعمال سعوديين.
وأشارت الصحيفة إلى أن اثنين من كبار مساعدي بن سلمان كانا مسؤولَين عن إدارة العلاقة مع تل أبيب؛ وهما نائب مدير المخابرات السابق أحمد عسيري، والمستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، مشيرة إلى أنهما فقدا موقعيهما في أعقاب تفجر قضية خاشقجي.
الصحيفة نقلت عن مصدر سعودي كبير قوله إن قضية خاشقجي "أفضت إلى تقليص قدرة السعودية على مواصلة تطوير العلاقة مع إسرائيل؛ خشية أن يسفر نشر التقارير التي توثق تنامي هذه العلاقة إلى المساس أكثر بمكانة السعودية في العالمين العربي والإسلامي"، مشيرة إلى أن الرياض تحاول تجنب تفجر أزمة أخرى.
وخلصت الصحيفة إلى أن مستقبل العلاقات بين الرياض وتل أبيب يتوقف على مدى قدرة بن سلمان على الحفاظ على نفوذه داخل المملكة، مشيرة إلى أنه في حال تمكن ولي العهد من استعادة قوته فإن فرص تطوير العلاقة مع تل أبيب ستتعاظم.