أحدث الأخبار
  • 10:06 . وكالة: الخليجيون سعوا لطمأنة إيران عن حيادهم في حربها مع "إسرائيل"... المزيد
  • 09:58 . "فلاي دبي" تعلن استئناف الرحلات مع "إسرائيل"... المزيد
  • 09:05 . "تدوير" تعلن بدء أول الاستثمارات الخارجية في غضون عامين... المزيد
  • 07:51 . في زيارة هي الثانية خلال شهرين.. رئيس الدولة يصل مصر... المزيد
  • 07:49 . النهضة التونسية: لا يوجد أي مناخ ديمقراطي في الانتخابات الرئاسية... المزيد
  • 06:41 . وفاة عضو من الحرس الثوري الإيراني أُصيب في غارة إسرائيلية بدمشق... المزيد
  • 12:02 . وزير خارجية لبنان: نصر الله وافق على وقف إطلاق النار المؤقت قبل أيام من اغتياله... المزيد
  • 12:01 . أمير قطر: ما يجري في غزة إبادة جماعية... المزيد
  • 11:24 . ارتفاع أسعار النفط مع تزايد الصراع في الشرق الأوسط... المزيد
  • 11:23 . 30 مليار درهم تمويلات البنوك للقطاعين التجاري والصناعي خلال النصف الأول... المزيد
  • 11:23 . "هيئة المعرفة" تعلن تفاصيل استراتيجية التعليم 33 في دبي... المزيد
  • 11:19 . ليل الفرنسي يسقط الريال بهدف وينهي سلسلة اللاهزيمة للملكي في أبطال أوروبا... المزيد
  • 11:03 . مندوب الاحتلال بالأمم المتحدة: ردنا على إيران سيكون محسوبا... المزيد
  • 11:00 . بينها الكيوي والبطيخ.. أفضل 10 فواكه لفقدان الوزن... المزيد
  • 10:56 . دول الخليج تحذر من تداعيات التصعيد وتدعو لوقف إطلاق النار بغزة ولبنان... المزيد
  • 10:49 . لبنان.. مقتل 46 شخصا وإصابة 85 الأربعاء جراء العدوان الإسرائيلي... المزيد

ها قد وقع ما كنا نحذر منه

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 28-09-2019

ها قد وقع ما كنا نحذر منه | القدس العربي

ها قد وقع ما كنا نخاف أن يقع فيه مجلس التعاون، فالمشهد الذي يعرض نفسه في الخليج العربي أصبح شديد التعقيد، بالغ الخطورة، وينذر بأسوأ السيناريوهات المستقبلية. هذا المشهد المأساوي يتطلب استدعاء تاريخ مسيرة مجلس التعاون من جهة، ويتطلب التمعن في ما يمكن أن يأتي به المستقبل من جهة ثانية.
عبر مسيرة مجلس التعاون نادى الكثيرون بضرورة اتخاذ خطوات تنظيمية إدارية، ووضع تشريعات قانونية ملزمة من أجل صياغة سيادة مشتركة ملزمة في بعض الأمور الكبرى، تتخطى السيادة الوطنية وتعلو عليها. كنا نعلم أن ترك السيادة الوطنية «تخيط وتبيط» سيؤدي إلى مواقف متناقضة ومتصارعة بين دول المجلس، تؤدي إلى إضعاف المجلس وتفكك قدراته الوحدوية. فكان أن رأينا، بألم وهلع، مواقف مستقلة متناقضة تجاه احتلال العراق وتمزيقه من قبل التآمر الأمريكي ـ الصهيوني، والتدخلات الإيرانية السافرة في الساحة السياسية والأمنية العراقية المحلية والأقليمية.

 وها أن بعضا ساهم في جعل العراق دولة خليجية عربية، عاجزة عن المساهمة في جعل هذا الجزء من الوطن العربي مستقرا ومنيعا في وجه الأطماع والتدخلات الإقليمية والدولية الاستعمارية ـ الصهيونية. ولو أن قيادات المجلس استجابت لنداءات الكثيرين في دعوة العراق ليصبح شريكا فاعلا، إن لم يكن عضوا، في مجلس التعاون لما وصل إلى ما وصلنا إليه، إذ كان العراق في حينه قويا وغنيا ومستعدا وقادرا على العطاء والمبادرة.
وعبر مسيرة مجلس التعاون نادى الكثيرون بدعوة اليمن، الامتداد الجغرافي والسكاني والتاريخي للخليج العربي، ليكون شريكا، إن لم يكن عضوا، في مجلس التعاون، وباسم أخوة العروبة والإسلام، اعتبرنا مساعدة اليمن الشقيق في مواجهة الفقر والجهل والمرض وأطماع الخارج، واجبا وضرورة قومية وجودية.

 لكن قادتنا ظلوا يدورون في دائرة اعتبار مجلس التعاون للأغنياء، وللأنظمة السياسية غير الجمهورية ولذوي القربى من أصحاب الحكم.
وها نحن اليوم نحصد كارثة سياسية اقتصادية أمنية إنسانية يعيشها الشعب اليمني العربي الشقيق. لقد كان باستطاعة إدماج اليمن في منظومة مجلس التعاون أن تمنع كل ذلك لو كان هناك فكر سياسي موضوعي متوازن يحكم مؤسسة مجلس التعاون.
والأمر ينطبق على المواقف الخليجية المتناقضة الخطرة، بالنسبة لكوارث التدمير الإمبريالي ـ الصهيوني، والجهادي التكفيري المجنون الممنهج في سوريا وليبيا، وممارسات إضعاف الجامعة العربية وجعلها عاجزة غير فاعلة، وللتدخلات في الشؤون المحلية السياسية في بعض الأقطار العربية، ولجنون التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين العربية، والمستعبد لشعب فلسطين العربي الشقيق، وللانتقال الطفولي البليد إلى تدمير مجلس التعاون نفسه، وإدخال شعوبه في أوجاع الفرقة، وفي بناء الحواجزالمفتعلة ما بين أقطاره، حتى وصلنا إلى تفريق الزوج عن زوجته، وخسارة الكثيرين لوظائفهم، والتلاسن الإعلامي والاستخباراتي المبتذل.

وقد تم دخول ذلك الجحيم من دون أن تكون للشعوب كلمة في الموضوع، لكأن الأرض وما تحتها وما فوقها هي ملك لهذه الجهة، أو تلك تتصرف بثرواتها ومقدراتها ومستقبلها الوجودي كما تشاء، وقد خفقت الالتزامات القومية العربية العليا في كل ذلك المشهد، وأصبح الصوت الأمريكي المشبوه والصوت الصهيوني المتآمر هو المسموع. بالطبع فإن كل ذلك سينعكس على مستقبل جميع أقطار المجلس، وإذا كان البعض يعتقد بأنه سيكون في منأى عن هذا فهم مخطئون، لننظر ما يمكن أن يأتي من قضايا لم نستعد لها بسبب انغماسنا في ذلك العبث. 

هناك مشكلة الإمكانية المؤكدة لانتقال أجزاء كبيرة من العالم من سيارة البنزين إلى السيارة الكهربائية، والسيارة المؤتمتة التي لن تحتاج لسائق، وسيكون استدعاؤها واستعمالها من خلال الهاتف. وهذا سيعني أن نسبة تراجع استهلاك البنزين، الذي تصاعد خلال العقود الثلاثة الماضية ستتصاعد بوتيرة سريعة ومتنامية.
هل يحتاج الإنسان لأي جهد لاستنتاج إمكانية حدوث تراجع كارثي عند ذاك في المداخيل البترولية؟ وهل أن الصناديق الاستثمارية لأجيال المستقبل ستكون كافية لسد العجوزات، خصوصا وأنها تتآكل الآن بفعل زج غالبية دول مجلس التعاون في متاهات الصراعات التي تجتاح الوطن العربي كله؟ وخصوصا أيضا أن المثقفين الواعين نادوا وكتبوا عبر نصف قرن على الأقل، بضرورة بناء تنمية دائمة اقتصادية، غير ريعية، ومنتجة، وذلك باستعمال فوائض مداخيل البترول المتراكمة،
لكن الاستجابة لطلب بناء تنمية إنسانية شاملة، ظلت جزئية ومتناثرة في الماضي، بينما، وبصراحة تامة، لا يستطيع الإنسان التنبؤ بنتائج محاولات الحاضر، بسبب الصراعات الحالية والابتزازات الأجنبية في طول وعرض الخليج العربي التي تهدد باستنزاف ما بقى من فوائض الثروة البترولية.

 فإذا أضيف إلى ذلك امتثال الكثير من أنظمة الحكم لمطالب قوى النيوليبرالية العولمية في تقليص الخدمات الاجتماعية التي كانت تقوم بها الدولة الخليجية سابقا، وترك القيام بتلك الخدمات، من تعليم وصحة وثقافة، للقطاع الخاص، أدركنا كم ستواجه مشروعات التنمية الإنسانية تلك من عقبات في المستقبل. 

دول مجلس التعاون تحتاج أن تراجع فكرها السياسي والتنموي الاقتصادي، وما ارتكبته من أخطاء في الماضي، قبل أن تواجه مستقبلا مظلما، عند ذاك لا ينفع ندم من قادوا إلى ذلك المستقبل.