أحدث الأخبار
  • 02:45 . بعد قصف سفن السلاح الإماراتية بالمكلا.. عبدالخالق عبدالله يفتح النار على السعودية والحكومة اليمنية... المزيد
  • 02:40 . الحكومة اليمنية ترحب بالقرارات الرئاسية بشأن خروج القوات الإماراتية من اليمن... المزيد
  • 02:38 . الصحة: تنفيذ أكثر من 150 ألف فحص للكشف المبكر عن السكري على مستوى الدولة... المزيد
  • 02:38 . الحكومة تصدر مرسوماً بقانون اتحادي لتنظيم حوكمة المنهاج التعليمي الوطني... المزيد
  • 12:37 . حضرموت وحِلف قبائل الساحل يؤيدان قرار خروج القوات الإماراتية من اليمن... المزيد
  • 11:37 . الرئيس اليمني: الدور الإماراتي أصبح موجهاً ضد اليمنيين ويدعم التمرد ويهدد وحدة الدولة... المزيد
  • 11:36 . صحيفة عبرية: الاعتراف بأرض الصومال قد يليه خطوة مماثلة جنوب اليمن... المزيد
  • 11:11 . السعودية: ما قامت به الإمارات في حضرموت والمهرة يهدد الأمن الوطني للمملكة... المزيد
  • 10:53 . تصعيد غير مسبوق.. قرار رئاسي بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات وإخراج قواتها من اليمن... المزيد
  • 10:40 . السعودية تستهدف سفينتين قادمتين من الإمارات إلى ميناء المكلا اليمني... المزيد
  • 08:41 . في الذكرى الأولى لاعتقاله.. مركز حقوقي: أبوظبي تواصل إخفاء القرضاوي قسراً "في عزلة تامة"... المزيد
  • 07:32 . "بعد عقدين من إغاظة الأعداء".. القسام تكشف عن اسم وصورة أبو عبيدة... المزيد
  • 07:25 . القسام تنعي محمد السنوار وأبو عبيدة وقادة بارزين... المزيد
  • 06:02 . كتائب القسام تعلن استشهاد متحدثها الرسمي "أبو عبيدة"... المزيد
  • 03:08 . عبدالله بن زايد ونظيره الإيراني يستعرضان الأوضاع في المنطقة... المزيد
  • 12:10 . "ديوا": 22 محطة نقل كهرباء جديدة في دبي خلال 2025... المزيد

تراجع علاقات القوة في مجتمعات العرب

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 02-11-2019


تراجع علاقات القوة في مجتمعات العرب | القدس العربي

ما العامل المشترك في ما يحدث من حراكات جماهيرية، بقيادة وتضحيات شبابية، على الأخص في مدن العراق ولبنان والجزائر والسودان، وفي هذه اللحظة التي تعيشها الأمة العربية؟
ما يحدث، هو تتمة لتغير ذهني وشعوري نفسي، بدأ منذ عشر سنوات، عندما كسر الإنسان العربي حاجزي الخوف من السلطة الاستبدادية واللامبالاة، تجاه ممارساتها الفاسدة الأنانية الاحتكارية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية العربية.
الآن تضيف تلك الحشود الجماهيرية انتقالا ذهنيا آخر، بالغ الأهمية والعمق، يتمثل في الرفض التام من قبل المتظاهر لكل أنواع الوسائل والألاعيب والأكاذيب التي كانت تستعملها مختلف السلطات المجتمعية، من أجل تدجينه الذهني والنفسي والسلوكي، ليقبل احتكارها للقوة السياسية والقوة الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي ليقبل، باقتناع أعمى وتضليل تجهيلي، لاحتكار رجالات تلك السلطات لكل الامتيازات المادية والمعنوية، ولكل مصادر القوة في المجتمع، بينما يقبل هو، المواطن المدجن، بالفتات من ثروات المجتمع بكل أشكالها، وبندرة الفرص الحياتية أمامه.
هاته الكتل البشرية، أفرادا وجماعات، إذن، قد بدأت تعي وتشعر بوجع تلك الأصفاد التي تكبلها، أصفاد الوسائل الإقناعية القمعية المخفية وراء ألف قناع وقناع،
دلائل الانتقال الذهني والشعوري الجديد يلاحظها الإنسان في الشعارات التي ترفع، وفي كتابات التواصل الاجتماعي، وفي تصريحات البعض لوسائل الإعلام المختلفة.

فشعار الرفض التام للمحاصصات الطائفية في السياسة هو إيذان بالتمرد على استعمال الدين كوسيلة انتهازية للهيمنة على السياسة، وهو رفض لعلاقة القوة الخفية الموجهه بين المواطن وهذا الفقيه أو ذاك القسيس، فالعمامة أو القلنسوة لن تقبل أن تكون رمزا ومدخلا لعلاقة قوة من قبل لابسها أمام ضعف واستسلام من قبل المواطن المتلقي لتوجيهات أصحابها. 

وشعار رفض المحاصصات القبلية والعشائرية والعائلية والإثنية، التي تحكم الكثير من الحياة السياسية العربية، هو إيذان برفض العلاقات الأبوية البطركية الاستبدادية، في كافة مؤسسات الدولة والمجتمع، ابتداء بالعائلة، حيث سيطرة الأب، وانتهاء بالدولة، حيث الاحتكار المحكم لمصادر القوة والسلطة والامتيازات لمصلحة طبقة أو نخبة أو أقلية، وعلى حساب ومصالح وحقوق مؤسسات وأفراد المجتمع المدني. وانتقال الجماهير إلى الاستعمال المكثف لوسائل ومناقشات التواصل الاجتماعي هو الآخر، محاولة للفكاك من هيمنة علاقة القوة مع الإعلام العربي. فوسائل الإعلام الرسمية على الأخص، التي كان لها تأثيرها الكبير في الإقناع والتوجيه والحفاظ على اللامبالاة، ستجد نفسها معزولة في ساحات الصخب التي نشاهدها أمامنا.
وحتى المؤسسات المدرسية والجامعية، ستجد أن قبضتها السابقة تضعف شيئا فشيئا، إن لم تجر تغييرات كبرى في أسلوب ومحتوى خطابها التعليمي والتثقيفي. علاقة القوة في ما بينها وبين طلابها في ضبط الفكر والسلوك، لن تصمد أمام الوعي التمردي الجديد. وإذا كانت المؤسسة العسكرية والأمنية ستظل تعتقد بأن الأوسمة على صدور قادتها ستحميها من التمرد، على علاقة القوة في ما بينها وبين مواطنيها فإنها واهمة وترتكب خطأ كبيرا. لن تكون هذه المؤسسة العريقة، التي وقفت على أرض صلبة عبر التاريخ الطويل، محصنة أمام هذا الوعي الجديد، لكسر كل علاقات القوة الظاهرة والمخفية.
نحن، إذن، أمام إمكانية ضعف وتراجع العوامل والعلاقات التقليدية التي شكلت في الماضي، وعبر قرون طويلة، الأسس الرئيسية التي قامت عليها المجتمعات والدول العربية، وعلى الأخص علاقات استغلالية المناصب ومواقع القوة. يتضح أمامنا تدريجيا أن الحشود الجماهيرية الصاخبة، لكن المنضبطة والمسالمة إلى حد كبير، قد حسمت أمرها بشأن تطوير الحاضر البائس إلى مستقبل أفضل، خصوصا بعد قرارها بالتمرد على علاقات القوة في مجتمعاتها. ما يبقى الآن هو أن تحسم مختلف سلطات الدولة العربية أمرها لتساعد على الانتقال إلى ذلك المستقبل بأقل الآلام والتضحيات.