أحدث الأخبار
  • 07:18 . قرقاش يدعو إلى "ضرورة استعادة مفهوم الدولة الوطنية" لمواجهة التحديات التي تهدد المنطقة... المزيد
  • 07:18 . السعودية ومصر ترفضان أي إجراءات تؤثر على سلامة وسيادة لبنان... المزيد
  • 11:44 . "طاقة" تستكمل تسعير سندات بقيمة 1.75 مليار دولار... المزيد
  • 11:43 . مجلس الأمن يدعم غوتيريش بعد قرار الاحتلال الإسرائيلي اعتباره "شخصا غير مرغوب فيه"... المزيد
  • 11:41 . دراسة: التخلص التدريجي من التدخين قد ينقذ حياة 1.2 مليون شخص... المزيد
  • 11:40 . الذهب يرتفع بدعم من الإقبال على الملاذ الآمن واستمرار التوتر بالشرق لأوسط... المزيد
  • 11:39 . أسعار النفط ترتفع وتحافظ على مكاسبها الأسبوعية القوية... المزيد
  • 11:38 . الدوري الأوروبي.. توتنهام يواصل انتفاضته ومانشستر يونايتد ينجو من الخسارة ولاتسيو يتصدر... المزيد
  • 11:38 . "طيران الإمارات" تلغي جميع رحلاتها من وإلى ثلاث دول في المنطقة بسبب التوترات... المزيد
  • 11:36 . الولايات المتحدة.. أكثر من 200 شخص لقوا مصرعهم جراء الإعصار هيلين... المزيد
  • 11:35 . 18 شهيداً في غارة إسرائيلية على مخيم طولكرم بالضفة الغربية المحتلة... المزيد
  • 11:32 . غارات إسرائيلية على محيط معبر المصنع تقطع الطريق الدولي بين لبنان وسوريا... المزيد
  • 11:31 . الاحتلال يشن أعنف قصف على الضاحية الجنوبية لبيروت وأنباء عن استهداف خليفة نصر الله... المزيد
  • 10:06 . وكالة: الخليجيون سعوا لطمأنة إيران عن حيادهم في حربها مع "إسرائيل"... المزيد
  • 09:58 . "فلاي دبي" تعلن استئناف الرحلات مع "إسرائيل"... المزيد
  • 09:05 . "تدوير" تعلن بدء أول الاستثمارات الخارجية في غضون عامين... المزيد

الفيروس والآثار المقبلة

الكـاتب : شفيق ناظم الغبرا
تاريخ الخبر: 04-04-2020

فتح فيروس كورونا الباب للكثير من المفاجآت التي تمس حياة الناس على كل المستويات. فالخوف ليس من المرض لوحده، فهذا طبيعي، لكن هناك خوفا كبيرا من أخطاء الحكومات والأنظمة والدول. هناك شعور يحيط بالناس على كل الأصعدة، فهل يكون خطأ الرئيس في هذه الدولة او تلك هو السبب في تأخر التغلب علي المرض؟ لهذا تعيش الناس مخاوف مضاعفة عندما تكتشف أن سوء إدارة وارتباك في أوج الوباء كان سببا لانتشاره.
لننظر مثلا للحالة الصينية. لقد عتمت الصين في البداية على المرض، ثم تصرفت بحزم للقضاء عليه. النظام الصيني الذي يقوده الحزب الشيوعي الصيني انعكاس لدولة حديثة صاعدة نحو مصاف دولة كبرى، لكنه بنفس الوقت نظام يتميز بالسرية وعدم التسامح مع الآراء المختلفة. إن التأخر في التعامل مع انتشار و باء كورونا في الصين في البداية ارتبط بعدم وجود وسائل تعبير ومنصات حرة في الصين، وبالفعل مات الطبيب الذي أنذر الصين والعالم، وتم إسكات كل صوت واخرجت الصين من أراضيها كبرى الصحف مثل الوول ستريت جورنال والنيويورك تايمز.
لكن الأزمة كشفت لنا مدى مقدرة الصين على تصحيح أخطائها. كما أن الصين لم تنكفئ على نفسها في ظل الوباء، بل انتقلت، بعد أن سيطرت على المرض، لمساعدة دول أخرى. لقد استطاعت الصين أن ترسل النجدة لإيطاليا، كما أرسلت الصين المساعدات والأطقم الطبية لصربيا، كما ولإيران، ودول أخرى. لقد أكد الرئيس ترامب منذ ايام بأن الصين أرسلت مساعدات للولايات المتحدة. هذا يوضح مدى الطموح الصيني للعالمية والقيادة.
في المقابل لم تقم الولايات المتحدة بأية مبادرة لمساعدة دول أوروبا، بل بالعكس انكفأت الولايات المتحدة على نفسها بينما قررت أوروبا ارسال مساعدات لإيران. وفي المقابل اشتكت كل من إيطاليا وإسبانيا وأيضا صربيا من التصرف الأوروبي تجاههم والذي شمل منع تصدير الأجهزة الضرورية للتنفس للمصابين بالفيروس.
كشفت الازمة أن الدول ليست موحدة، وان اوروبا الموحدة قد تتواجه مع نفسها بعد الأزمة، وكشفت ان العالم سيزداد فقرا، بسبب ازمة اقتصادية طاحنة. وسينتج عن ذلك احتجاجات كبرى ستطيح بأنظمة. كما وتؤكد الازمة المرضية بأن النفط العالمي دخل في مشكلة مبكرة، وان الأسعار المنخفضة قد تستمر كذلك. كما ان الصين قد تدخل بمأزق اقتصادي يؤثر على اليابان وكوريا ودول شرق اسيا، كما أن الاقتصاديات الصاعدة في العالم من نيجيريا للبرازيل ستواجه تعثرات كبرى. كما من الصعب ان تتجاوز الولايات المتحدة المأزق خاصة بعد أن رصدت 2 تريليون دولار لمساعدة الاقتصاد الامريكي. لكن الرقم سيخلق فجوات كبرى في هذا الاقتصاد، وسيزيد من الديون والخلل في ميزان المدفوعات.

قد يضحي النظام الديكتاتوري بملايين الناس دون أن يحاسبه أحد ودون أن يعلم أحد بما وقع. كما أن معظم الأنظمة الديكتاتورية ستصبح أكثر ديكتاتورية بسبب الفيروس

وستعاني الكثير من الدول التي تتميز بضعف وركاكة الادارة والقيادة فيها. بالطبع الدول الفقيرة ستواجه تحديات أكبر، فاقتصادها لن يتعافى بعد الازمة وستضربها الأزمات الخاصة بالبطالة والفقر والكساد بقوة. لكن المشكلة ستعبر عن نفسها بصورة واضحة في الدول الغربية. ستعاني كل دول العالم من ازمات بطالة وفقر وضيق، لكن الدول التي لا تمتلك الحد الأدنى من الضمان الاجتماعي والتشريعات الضرورية لحماية الطبقات الشعبية كما هو حال الكثير من الدول العربية والأفريقية ستصطدم بالعاصفة المعيشية والاقتصادية تلو العاصفة بعد تراجع الوباء.
إن استثمار الدول في السلاح والحروب، وسواد التفرقة والعنصرية والفساد على حساب الاهتمام بالبيئة والتعليم والبحث والمدن الطبية هو الذي انكشف بفضل فيروس كورونا. ومن لا يذكر كيف افتتح الرئيس ترامب عهده بالانسحاب من اتفاقية المناخ وإدارة ظهره لقضايا البيئة وطريقة تعامله مع الحلفاء والاصدقاء في الشرق والغرب. بل من شده حنقه على كل ما صنعه اوباما في البيت الأبيض أغلق الرئيس ترامب في العام 2018 المكتب المختص في البيت الابيض بالوباء والامراض. وهذا الجانب ساهم في عدم استعداد الولايات المتحدة للتعامل المبكر مع الوباء.
ان القول بأن النظام الديكتاتوري أقدر على مواجهة الفيروس ليس دقيقا.

فالنظام الديكتاتوري يخفي المعلومات، وليس مضطرا لشرح سياساته لأحد، بل قد يضحي النظام الديكتاتوري بملايين الناس دون ان يحاسبه أحد ودون أن يعلم أحد بما وقع. كما ان معظم الأنظمة الديكتاتورية ستصبح أكثر ديكتاتورية بسبب الفيروس، وهي لن تعرف كيف تنسحب من خصوصيات الناس بعد اختفاء الوباء. اما النظام الديمقراطي، فرغم فشله في التعامل مع بدايات الفيروس، الا انه بسبب حرية المعرفة يكشف لنا أخطاء السياسيين. كما ان النظام الديمقراطي بطبعه آيل لبناء جيوش من المتطوعين والمجتمع المدني. ومع ذلك ستعاني كل الأنظمة من تغول دور الحكومة التي ستجد صعوبة في الانسحاب من الحياة العامة بعد اختفاء الخطر. وما هنغاريا وبيلاروسيا الا نماذج من انماط القيادة الشديدة التغول. ففي هنغاريا يسعى رئيس الوزراء أوربان لصلاحيات مطلقة، بينما رئيس بيلاروسيا اليكساندار لوكاشينكو يرفض الغاء الرياضة وغلق الحياة العامة مصرا على ان سكان بيلاروسيا سيهزمون الفيروس من خلال شرب الفودكا.
ازمة الفيروس ليست فقط في المرض نفسه، فالجزء الثاني من المعضلة تعود للآثار الاقتصادية والانسانية والسياسية للفيروس والغلق الشامل للمدن والبلدان على الادارة والقيادة والصحة والعمل والبطالة والحياة والاقتصاد. بعد الحرب العالمية الثانية توفرت خطة مارشال الأمريكية التي انقذت اوروبا. حتى الآن لا تبدو ملامح خطة شبيهة مطروحة لإنقاذ العالم واقتصادياته.