عبر سلسة من الحلقات في برنامج "الصندوق الأسود " الذي يقدمه الإعلامي الكويتي عمار تقي على منصات صحيفة القبس المحلية، استعرض رئيس الاستخبارات السعودية بين عامي 1977 و2001 الأمير تركي الفيصل، جملة من الأحداث التي عاصرها في حياته العملية التي شملت أيضا عمله سفيرا لبلاده في المملكة المتحدة عام 2002، وكذلك سفيرا لدى الولايات المتحدة عام 2005.
سلطنة عُمان والسعودية
وتطرق المسؤول الأسبق عن الاستخبارات السعودية -وهو الابن الأصغر للملك فيصل- لكثير من الأحداث المتعلقة بمنطقة الخليج، ومنها ثورة ظفار في عُمان والتي بدأت قبل تولي السلطان قابوس الحكم.
وأشار إلى أنه خلال تلك الفترة لم تكن المملكة قد اعترفت بسلطنة عمان بعد، وأن التواصل مع السعودية كان من أولى الأمور التي قام بها السلطان قابوس عقب توليه الحكم، مما أنهى الخلاف بين البلدين وتبعه استقبال الملك فيصل للسلطان قابوس في الرياض وتقديم المملكة مساعدات للسلطنة، وبداية التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
السعودية وإيران
وفيما يخص علاقة المملكة بإيران، أوضح الفيصل أن شاه إيران كانت له طموحات في منطقة الخليج وخاصة في البحرين، لكن المحادثات التي جرت بين شاه إيران والملك فيصل أزالت هذا التوجه وانتهت إلى اعتراف إيران باستقلال البحرين على خلفية الاستفتاء الذي جرى وقتها.
وأوضح أن الشاه في نفس الوقت اتفق مع الإنجليز -عندما أعلنوا انسحابهم من المنطقة- على احتلال الجزر الإماراتية، وأن احتلال تلك الجزر تم بضوء أخضر إنجليزي، ورغم ذلك ظلت العلاقة السعودية مع نظام الشاه مستمرة حتى قيام الثورة الإيرانية عام 1979.
وأضاف أنه كان هناك عقد توريد كيروسين لإيران حرصت السعودية على إبقائه قائما وعدم إلغائه، بل إرسال بعض الإشارات لنظام روح الله الخميني لاستكشاف الوضع، حتى اتضح لاحقا التوجه المناوئ للمملكة من قبل نظام الخميني.
كما أشار إلى أن المملكة استمرت في تبادل المعلومات مع أميركا دون تردد أثناء أزمة الرهائن الأميركيين في إيران عام 1979، وخلال تلك الفترة وافق الرئيس جيمي كارتر على صفقة طائرات حربية لصالح المملكة.
حادثة الحرم المكي
وبشأن حادثة اقتحام جيهمان العتيبي للحرم المكي في نوفمبر/تشرين الثاني 1979، أكد الفيصل أنه لم يكن متوقعا أن يكون هناك من يفكر في احتلال الحرم المكي الشريف بقوة السلاح، وبالرغم من ذلك كان لتلك الفئة سوابق في سلوكياتها والتعامل الأمني معها في المملكة.
وذكر أنه قبل الهجوم على الحرم قام جهيمان ورفاقه بتوزيع منشورات تتحدث عن ظهور المهدي المنتظر، وتم استدعاؤهم لمراكز الشرطة وأخذت عليهم تعهدات بعدم تكرار ذلك، لكن لم يكن يتصور إقدامهم على احتلال الحرم.
وأوضح أن معلومات الأرشيف البريطاني التي ذكرت أنه (تركي الفيصل) أشرف على العملية غير صحيحة، إذ كان وقتها في تونس لحضور مؤتمر القمة العربية رفقة ولي العهد في ذلك الوقت الأمير فهد بن عبد العزيز الذي كلفه بالعودة ونقل ما يحدث له، وأن من أشرف على العملية هما الأمير سلطان بن عبد العزيز والأمير نايف بن عبد العزيز وزيرا الدفاع والداخلية وقتها.
ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية أشرفت على عملية التعامل معهم من بناية الأشراف المواجهة للحرم، وأنهم استعانوا برجال الدين لإصدار فتاوى بإطلاق النار واقتحام الحرم، وأن المهاجمين اختبؤوا في الأقبية الموجودة تحت أرضية الحرم عقب نجاح القوات في الدخول إلى ساحته.
وتابع أنه لصعوبة اقتحام تلك الأقبية والخلوات، طلبت المملكة من فرنسا تزويدها بغاز يشل حركة المقتحمين، وأن فريقا مكونا من 3 أفراد من الاستخبارات الفرنسية هبطوا بالفعل في الطائف، وقاموا بتدريب أفراد الاستخبارات السعودية على استخدام تلك الغازات.