قالت صحيفة "القدس العربي" اللندنية، إن الإمارات تتخندق مع أثيوبيا في أزمة سد النهضة ضد خيارات أشقائها المصريين والسودانيين، وتشكل خطراً على أمنهما الحيوي، وتصطف سراً وعلناً مع أديس أبابا.

وتقول الصحفية في تقرير لها، إنه في حين سارع الأردن والبحرين والكويت والسعودية، ومعظم الدول العربية للإعلان عن التضامن مع الموقف المصري والسوداني في هذه الأزمة، انتهزت أبوظبي فرصة تهنئة القاهرة بتعويم الباخرة العالقة في قناة السويس، لتتحدث عن أزمة سد النهضة ولكن بلهجة مختلفة ودون سقف التوقعات، وبدت أنها تغرد خارج السرب، وعبرت عن حرص غامض تجاه مصالح أديس أبابا".

وأوضحت الصحيفة، أن "الإمارات وضعت نفسها في موقع المحايد والوسيط بين الطرف الأثيوبي والمصري، مشيرة إلى أن الحياد الإماراتي كان أقرب لمناورة لدعم خطط أثيوبيا، ومساندتها في معركتها".

وحسب الصحيفة، فإن القاهرة وساستها لم يعد يخفون امتعاضهم من الحليف القديم (الإمارات) ومواقفها المتناقضة، والتي عززتها قضايا مختلفة اصطفت خلالها مع أنداد مصر، وتحديداً تل أبيب وأديس أبابا".

تحالف يستهدف القاهرة

وأكدت الصحيفة، أن التقارب الإماراتي الإسرائيلي على مستوى مشاريع إقليمية هامة وغيرها، تحديداً في قضية السويس، يعزز من مؤشرات حالة البرودة التي أصابت علاقات أبوظبي والقاهرة، مشيرة إلى أن تحالف أبوظبي مع سلطات الاحتلال بشأن ممر بديل لقناة السويس لنقل النفط والبضائع من الخليج نحو البحر الأبيض المتوسط عبر البحر الأحمر ومنافسة القاهرة في أحد أهم مجالاتها الحيوية طعنة واضحة لمصر".

وعقد عبر ساسة مصر ن امتعاضهم من إعلان الوساطة الإماراتية بشأن سد النهضة، وأدركوا أن "أبو ظبي لم تدعم القاهرة في مسألة السد الأثيوبي، رغم قدرتها على ذلك" ويعزز من ذلك أن أبو ظبي لديها أفكار ومصالح في منطقة البحر الأحمر، وتتحرك في جميع الاتجاهات وفق أجندتها الخاصة، من دون أي اكتراث لمصالح حليفتها القاهرة الحيوية.

ووفق الصحيفة، فإن المخاوف المصرية من تحركات الإمارات، تستند على وقائع ثابتة، ومن العلاقة الوثيقة التي تربطها بأثيوبيا، يعزز ذلك استثمارات أبو ظبي هناك بمليارات الدولارات، وحساباتها في المقام الأول تتمحور حول مد وبسط هيمنتها على مضائق المنطقة في جنوب البحر الأحمر، والقرن الأفريقي، وبالتالي التحكم في مياه أعالي نهر النيل.

وتابعت الصحيفة، بريبة الأنباء المتواترة عن إرسال الإمارات مساعدات إنسانية لأثيوبيا، في عز أزمتها مع دولتين عربيتين، وهي تحركات عبرت عنها صراحة عبر تأكيدات نقلتها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، عن سفير الإمارات لدى أثيوبيا، أن "هذه المساعدات تأتي في إطار توجيهات قيادة الدولة، بتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للشعوب الشقيقة والصديقة".

وأثارت صورة المساعدات الإماراتية غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، واعتبرها بعضهم رسالة سلبية واستفزازية للمصريين.

هذا النسق من التحرك ضد مصالح الأشقاء عبر عنه مقربون من دوائر صنع القرار في القاهرة وبلغة مباشرة وتأكيدهم أن دولة خليجية (يقصد الإمارات) تستثمر بقوة في أثيوبيا، و"لو أوقفوا استثماراتهم وقالوا إن محاولة خنق مصر مرفوضة، لكانت أديس أبابا قد انتبهت؛ لكن لم يفعل ذلك أحد".

كما كشف مسؤول مصري وفق الصحيفة، "إن موقف الإمارات لم يكن عند المستوى المأمول، وخالف توقعات الكثيرين، الذين كانوا يأملون في موقف أكثر وضوحا".

»وأضاف "أبوظبي لا تدعم مصر في مسألة سد النهضة على حساب أثيوبيا لعدة اعتبارات، من بينها وجود استثمارات إماراتية سواء في السد أو في مجالات أخرى، إضافة إلى دعم حكومة آبي أحمد، وبدا ذلك واضحا منذ 2018".

واستطرد: "كان ينبغي أن تدعم الإمارات موقف مصر في قضية مثل قضية المياه التي تعد حياة أو موت للمصريين؛ لكنها أحبطتنا".

وبالعودة للمبادرة التي أعلنتها الإمارات، يذهب المراقبون أن أبوظبي لم تقدم أي ضمانات لحمل أثيوبيا على الالتزام بالنقطة الأهم في مسار التفاوض، وهي ضرورة التوصل إلى اتفاق قبل الملء الثاني، خاصة وأن التقديرات الفنية على ضوء مستويات الأمطار المسجلة حالياً في هضبة الحبشة تشير إلى احتمالية تبكير موعد الفيضان، وبالتالي امكانية إنجاز الملء الثاني للسد قبل الموعد المحدد، ومن ثم وضع مصر والسودان أمام الأمر الواقع للمرة الثانية على التوالي.

أبوظبي تنافس الرياض

في السياق، تواصل الصحيفة، كشف مواقف أبوظبي المعادية للشعوب العربية، مشيرة إلى أن أبوظبي تلعب لصالح أديس أبابا وتصطف إلى جانبها في معركتها ضد القاهرة والخرطوم.

 يشير المراقبون أن الإمارات طرحت هذه المبادرة من منطلق التنافس مع السعودية، بعد إطلاق الأخيرة مبادرة، الشهر الماضي في الموضوع نفسه، ومباشرة بعد تحرك الرياض واقتراحها عقد قمة بين زعماء الدول الثلاث في المملكة وتباحث السفير السعودي في أديس أبابا مع القيادات الأثيوبية حول إمكانية تدخل بلاده للوساطة المباشرة وصولاً لحل، أو الوساطة المحدودة لتقريب وجهات النظر حول استئناف التفاوض تحت رعاية الاتحاد الأفريقي وحده، أو إقناع أثيوبيا بقبول آلية الوساطة الرباعية المقترحة من السودان ومصر، وثبت الإمارات وتحركت في الاتجاه المعاكس.

ويصنف الموقف الإماراتي الأخير، وفق الصحيفة، في سياق المناورات التي تنفذها أبوظبي في مناسبات مختلفة والتحرك عكس توجهات الرياض، والالتفاف على كل مصالحها، واللعب ضدها، وهو ما يخلق حالة غموض عن وجهة نظر الرياض حيال هذا الحليف الذي يخرب مساعيها في أكثر من ملف.