أحدث الأخبار
  • 11:06 . أكدوا على براءتهم من جميع التهم.. الكشف عن تفاصيل الجلسة التاسعة في قضية "الإمارات 84"... المزيد
  • 10:21 . في تقريرها السنوي.. "العفو الدولية": أبوظبي تواصل عزل معتقلي الرأي وتقيّد حرية التعبير... المزيد
  • 10:19 . إصابة الوزير الإسرائيلي المتطرف "بن غفير" إثر انقلاب سيارته ونقله إلى المستشفى... المزيد
  • 05:45 . الإمارات والنمسا تبحثان مستجدات الشراكة الشاملة... المزيد
  • 04:49 . "حماس" تطالب بتحقيق دولي فوري في المقابر الجماعية في غزة... المزيد
  • 04:48 . لمساعدة الاحتلال على اقتحام رفح.. الجيش الأميركي يبدأ بناء رصيف المساعدات قبالة غزة... المزيد
  • 11:04 . ارتفاع عدد الطلبة المعتقلين ضد الحرب في غزة بالجامعات الأميركية إلى نحو 500... المزيد
  • 11:01 . "الصحة" تقر بإصابة عدد من الأشخاص بأمراض مرتبطة بتلوث المياه بعد السيول... المزيد
  • 10:59 . بلومبيرغ": السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غزة... المزيد
  • 10:57 . "تيك توك" تفضل الإغلاق على بيعه للولايات المتحدة... المزيد
  • 10:18 . علماء: التغيّر المناخي "على الأرجح" وراء فيضانات الإمارات وعُمان... المزيد
  • 09:32 . عقوبات أمريكية على أفراد وكيانات لعلاقتهم ببيع "مسيرات إيرانية"... المزيد
  • 09:02 . الاحتلال الإسرائيلي يسحب لواء ناحال من غزة... المزيد
  • 07:55 . حاكم الشارقة يقر إنشاء جامعة الذيد "الزراعية"... المزيد
  • 07:37 . استمرار الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية على حرب غزة والعفو الدولية تدين قمعها... المزيد
  • 07:33 . صعود أسعار النفط بعد بيانات مخزونات الخام الأمريكية... المزيد

الفاحش في قصة «داعش»

الكـاتب : محمد كريشان
تاريخ الخبر: 07-07-2016

«لم أكن بحاجة لدليل كي أصدق أن هؤلاء لا علاقة لهم بالله، ربما بأعدائه. من لا تردعه حرمة الإنسان، في أي مكان وفي كل مكان، لن تردعه حرمة المكان»…
كان هذا من أجمل ما كتب من تعليقات على التفجير الانتحاري الأخير قرب المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة. صاحبته الصحافية الفلسطينية نجوان سمري لم تكن الوحيدة في صب جم غضبها على من قام بهذا العمل الجبان فقد حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بكل أصناف الإدانات ومنها ما توجه مباشرة إلى «كل دعدوش متدعدش مدعوش على عين أمه… أهديك بمناسبة أحداث اليوم وفي نهاية رمضان كل المسبات المعروفة وغير المعروفة وأيضا التي قيد الاختراع والبحث». كثيرون أيضا ذهبوا إلى ما ذهب إليه أحدهم من أن هذا التفجير»دليل قاطع على أن تنظيم داعش المشبوه ليست له علاقة بالإسلام ولا المسلمين حتى لو انتمى هؤلاء العملاء إلى المسلمين»، فيما حفلت كل المواقع بالدعاء الكثيرعلى «على الفاعل ومن أرسله وخطط ونفذ لعنة الله وملائكته والناس أجمعين».
وقع الصدمة هذه المرة مختلف، ماذا يريد هؤلاء الذين يضربون في كل مكان بلا شفقة ولا رحمة ولا عقل ولا حد أدنى من القدرة على التمييز، رغم أن هذا التمييز لا يعفيهم من جريمتهم ولا هو بمخفف عنهم دناءة ما يقترفون ؟؟!! تفجيرات تحول الناس إلى أشلاء متناثرة شرقا وغربا، في سوق أو مطعم أو مطار أو شارع أو ملهى أو مدرسة أو مسجد أو مستشفى أو موكب عزاء….أو أي مكان يخطر على بالك… والكل باسم الرب والإسلام.. حتى كُتب أنه «لم يبق في هذا الإجرام الفاحش سوى تفجير انتحاري داخل الكعبة المشرفة»!!.
وصلت الأمور إلى درجة أن الواحد بات يتنفس الصعداء لو حصل تفجير إجرامي ما واتضح لاحقا أن فاعله من غير المنتمين إلى دين الرحمة الذي ظهروا به على العالم دين نقمة.. ولكن الأمر مختلف هذه المرة ويدعو إلى بداية تأمل جادة في حقيقة هؤلاء الذين يسمون أنفسهم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» أو «دولة الخلافة». هنا وجب عدم التسرع في إطلاق أحكام انفعالية لا تقوم على معطيات أكيدة ولكن ما يتبدى إلى حد الآن هو أقرب ما يكون إلى الوصول إلى استنتاج مفاده أن هؤلاء ليسوا أصلا تنظيما بل هم أقرب إلى حالة جنون هستيري تنتقل من مكان إلى آخر، فتستهوي المعتوهين والمحبطين والمعقدين لكنها في المقاابل تعطي لغيرهم، داخل كل بلد وفي المنطقة وفي العالم، فرصة ذهبية للاستفادة منهم، كل لحسابات خاصة به، النذالة سمتها البارزة.
لا يهم الشعار الذي ترفعه هذه الحالة أو أي راية، سوداء كانت أو حمراء لون الدماء التي تعشقها، المهم الآن أن العالم بات أمام حالة تحولت إلى غول ضخم ومخيف يهدد الكل ويضرب الكل ويتلذذ بقتل مجاني أعمى لا هدف له ولا رسالة، على افتراض أن قتل المدنيين الأبرياء برسالة يمكن أن يـُــستساغ أو يفهم أو يبرر.
وعلى ذكر التبرير فبعضه قد يقع ببراءة ما في سياق محاولة الفهم، غير أن بعضه الآخر بات جزءا من ذهنية خطيرة يجب أن «نشفى» منها قريبا، ومن أبرز مظاهرها كلمة «لكن» التي تستطرد في التفسير فتقع في قبول ضمني لما لا يمكن قبوله. عن «لكن» هذه كتب بكل براعة الصحافي التونسي نصر الدين اللواتي يقول «تلك الــ (لكن) التي تعجنُ كل منطق بنقيضه، وتبحث في كل حقيقةٍ عن تخريجةٍ نحوية تبريرية: هناك قاتلٌ ولكن.. هناك ضحايا ولكن.. الهجوم مدان ولكن.. مع استدعاء أكثر الحجج تهافتا لتبديد حق القتلى الأبرياء ليكونوا على الأقل قتلى وأبرياء» ويضيف «البشاعةُ هي في سِجلّ الشيطنة والتحريض والشحن المفتوح فئويا وطائفيا وعرقيا وفي تقسيم العالم لأنقياء أو لقتلة دون قدرة ولا استعداد لتخيل أدوار أخرى ومواقعَ أخرى، إنه سِجلّ التحليلات والأساليب والحجاج الذي سينتهي إلى دمٍ حرامٍ وآخر أقلّ حرمةً، وقاتل مجرم هنا لكنه أقل إجراما هناك».
«داعش الأصلية»، إن كان لها أصل ما، كثيرا ما استفادت من مظالم هنا أو هناك لإضفاء وجاهة ما أو مشروعية متعسفة على «حفلات الموت الجماعي» التي تنظمها في كل مكان، أما «داعش الحالية»، أي حالة الجنون العابر للقارات فتبدو أقرب ما تكون إلى «شركة مساهمة دولية استخباراتية» الكل، في المنطقة وخارجها، يحاول اختراقها وتوظيفها والمتاجرة بها والتحجج بها. لقد تحولت إلى ما يشبه لباس الشبح التنكري الذي يرتديه في كل مرة شخص مختلف ليخيف به أو يهدد أو يبتز من يريد. هنا الكل مورط والكل لا يقل خسة وقبحا عن النسخة الأصلية من «داعش». يستمر المعتوهون وأصحاب السوابق في الالتحاق بها لــ «الجهاد» فيما يستمر الآخرون في العبث بهم وبآخرين في مسرح دُمى ودماء، الخيوط فيه ظاهرة لكن لم نعرف بعد، على وجه اليقين، تلك الأصابع التي تحركها.