أحدث الأخبار
  • 11:06 . أكدوا على براءتهم من جميع التهم.. الكشف عن تفاصيل الجلسة التاسعة في قضية "الإمارات 84"... المزيد
  • 10:21 . في تقريرها السنوي.. "العفو الدولية": أبوظبي تواصل عزل معتقلي الرأي وتقيّد حرية التعبير... المزيد
  • 10:19 . إصابة الوزير الإسرائيلي المتطرف "بن غفير" إثر انقلاب سيارته ونقله إلى المستشفى... المزيد
  • 05:45 . الإمارات والنمسا تبحثان مستجدات الشراكة الشاملة... المزيد
  • 04:49 . "حماس" تطالب بتحقيق دولي فوري في المقابر الجماعية في غزة... المزيد
  • 04:48 . لمساعدة الاحتلال على اقتحام رفح.. الجيش الأميركي يبدأ بناء رصيف المساعدات قبالة غزة... المزيد
  • 11:04 . ارتفاع عدد الطلبة المعتقلين ضد الحرب في غزة بالجامعات الأميركية إلى نحو 500... المزيد
  • 11:01 . "الصحة" تقر بإصابة عدد من الأشخاص بأمراض مرتبطة بتلوث المياه بعد السيول... المزيد
  • 10:59 . بلومبيرغ": السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غزة... المزيد
  • 10:57 . "تيك توك" تفضل الإغلاق على بيعه للولايات المتحدة... المزيد
  • 10:18 . علماء: التغيّر المناخي "على الأرجح" وراء فيضانات الإمارات وعُمان... المزيد
  • 09:32 . عقوبات أمريكية على أفراد وكيانات لعلاقتهم ببيع "مسيرات إيرانية"... المزيد
  • 09:02 . الاحتلال الإسرائيلي يسحب لواء ناحال من غزة... المزيد
  • 07:55 . حاكم الشارقة يقر إنشاء جامعة الذيد "الزراعية"... المزيد
  • 07:37 . استمرار الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية على حرب غزة والعفو الدولية تدين قمعها... المزيد
  • 07:33 . صعود أسعار النفط بعد بيانات مخزونات الخام الأمريكية... المزيد

أميركا اللاتينية والعرب.. علاقات مهمة

الكـاتب : سالم سالمين النعيمي
تاريخ الخبر: 30-11--0001

هل سيكون القرن 21 قرن أميركا الجنوبية؟ وهل سيكون عدم الرهان الجدي على توطيد العلاقة بين العالم العربي وأميركا اللاتينية مغامرة غير محسوبة وفرصة ذهبية لا تعوض إنْ لم يتم مد يد التعاون بين العالمين، وتطوير منظومة تعاون دائمة تؤتي ثمارها في المستقبل القريب والبعيد؟ ولما لا وكل المؤشرات تشير نحو الزحف البطيء ولكن الواثق للقارة الأميركية الجنوبية لتصبح عملاقاً سياسياً وسوقاً اقتصادياً تفوق منتجاته وأرباحه اقتصاد القارة الأوروبية.

وبحلول عام 2050 ستكون البرازيل والمكسيك داخل نادي الكبار الحصري لأكبر ستة اقتصادات في العالم، وفرص جديدة لا حصر لها يمكن للدول العربية الاستفادة القصوى منها، بدءاً ببناء شراكات جديدة مستدامة وفق الأولويات للعالمين في عالم اقتصادي وسياسي متعدد الأقطاب والتحالفات وفق قراءة استشرافية فاحصة لانخفاض القوة النسبية للقوى التقليدية، وبروز قوة مهيمنة جديدة تأخذ في الظهور مع كل أزمة عالمية تطل بوجها على العالم، وسوف تستمر الولايات المتحدة في لعب دور محوري في تسيير بوصلة العالم بجانب الصين وأخواتها، كما أن الطبيعة الجديدة في شؤون السياسة الدولية والعلاقات والدبلوماسية تتطلب مشاركة أكثر نشاطاً من الدول الناشئة، كخيار لا تراجع عنه بحكم تكاملية المصالح بين الدول وضرورة الدخول في تحالفات مسؤولة ومرنة من أجل تجنب الوقوع خارج نطاق التقاطعات المنفعية الناتجة عن تجزئة القوى المهيمنة العالمية والسيطرة بالوكالة تارة عبر النظم السياسية طوعية التبعية، وتارة أخرى بالشراكة مع المؤسسات التجارية العالمية.

ولكن لماذا يحتاج العرب التقارب النوعي مع أميركا الجنوبية؟ والجواب هو القفزة التنموية في المنطقة كسوق منتجة ومستهلكة، وصعود أسهمها كورقة ضغط دولي مؤثر في السياسة الدولية بجانب حجم الجالية العربية في أميركا اللاتينية، وهي جالية مؤثرة سياسياً واقتصادياً، وتتراوح وفقاً للتقديرات المختلفة بين 20 إلى 40 مليون نسمة ممن تعود أصولهم وجذورهم للوطن العربي، ورغم اندماجهم الكلي مع سكان تلك الدول فهو لوبي عربي لاتيني مهمل وغير مدعوم عربياً، دع عنك جانباً أهمية العمل سوياً للوطن العربي مع أميركا الجنوبية ككتلة موازية مقابلة لتجمعات القوى الأخرى هو جزء من تحول جيوسياسي أوسع يتزامن مع تخبط الغرب سياسياً وإخفاق البلدان الغربية مالياً.

وفي المقابل، فإن صعود الاقتصادات الناشئة ونقطة التحول المهمة التي يجب ألا تغفل هي حجم التقارب والاستثمار الإيراني والتبادل الثقافي والتصدير الفكري الروحي مع دول أميركا الجنوبية. ومربط الفرس الآخر يكمن في سياسات الولايات المتحدة الحالية، فهي تعمل على إعادة تحديد إستراتيجيتها لتناسب مصالحها على نحو أفضل، وهذا يتطلب التركيز على قاعدتها الاقتصادية والتكنولوجية، ونوعية التعليم، والابتكار، والبنية التحتية الخ.

وبعبارة أخرى؛ فإن الولايات المتحدة توجه طاقاتها نحو القضايا الداخلية، وبالتالي يجب على الدول العربية مراجعة نفسها في ما يخص متابعة تحول التركيز الأميركي على عمقها الأمني من أوروبا والشرق الأوسط إلى آسيا وبحر الصين الجنوبي وتعزيز واشنطن تحالفها مع الهند واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا والفلبين وفيتنام من أجل احتواء التوسع الصيني في تلك المنطقة ووجود دول تعمل كشركات حراسة أمنية للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وهي ستكفيها، مع سياسة لي الذراع، شر التورط المباشر مجدداً إلا إذا هددت مصالحها بصورة مباشرة مع حضور عسكري أميركي نوعي دائم بالرغم من محدوديته.

ومن اللافت للنظر في الشؤون الدولية اعتماد بلدان أميركا الجنوبية والوسطى ودول البحر الكاريبي موقفاً أكثر استقلالية حيال القوى الغربية، وهذا الأمر ظهر بشكل واضح عام 2012، والتصويت لصالح الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وعلينا ألا ننسى أيضاً أنه في عام 2001 صوتت المكسيك وتشيلي ضد اقتراح الولايات المتحدة في مجلس الأمن لغزو العراق، مما يجعلنا نتساءل عن استراتيجيات من يعملون في رسم السياسة الخارجية للدول العربية، ولماذا تحصر تلك العلاقة مع دول التعاون التقليدية تاريخياً أو القريبة نسبياً جغرافياً مقارنة مع دول أميركا الجنوبية والوسطى في خلل أدى لعدم تسهيل إجراءات مشتركة بين العرب والأميركيين اللاتينيين بعيداً عن بعض الزيارات والمنتديات والمؤتمرات لتقريب وجهات النظر والتبادل التجاري على استحياء شديد ولا يعبر عن فرص الاستثمار و التنمية الاقتصادية في الجانبين والروابط الاقتصادية بين المنطقتين، والتي لا تزال متواضعة جداً بالمقارنة مع التجارة مع أميركا وأوروبا وآسيا، كما يجب ألا ننسى تطور المعرفة الذكية والتكنولوجيا في بعض دول أميركا اللاتينية وأهمية نقلها إلى الشرق الأوسط لمواجهة القواعد الصارمة التي تتحكم في نقل التكنولوجيا من الولايات المتحدة وأوروبا وبعض الدول الآسيوية المتقدمة للعالم العربي.

فكيف للدول العربية أن تتغلب على عقبة عدم وجود معلومات محدثة باستمرار وذات مصداقية كبيرة وتبادل ثقافي كاف مع دول أميركا اللاتينية ومواجهة التشوهات في وسائل الإعلام في ذلك الجزء من العالم، وتحيزها وإظهار العربي بالصورة السلبية النمطية والتصور السائد عن العرب التي رسمها الغرب له وجعلها ماركة مسجلة وخطر الإرهاب والتعاون غير المفعل بصورة تُذكر؟ وجد مثل ذلك التعاون في الأساس لمواجهة خطر الشبكات الإرهابية التي وجدت لها موطئ قدم من المكسيك إلى أوروغواي دون أن تثير الانتباه لها بشدة، كما لم نسمع عن وجود محطات إعلامية عربية مؤثرة موجهة لأميركا اللاتينية لنقل الحقائق وتسويق العالم العربي بصورة إيجابية في تلك المنطقة وكسب الرأي العام لديهم لدعم القضايا العربية والإسلامية. ولا أعلم سر غياب الاهتمام باستضافة فروع للجامعات اللاتينية الرائدة في المنطقة العربية أو ابتعاث عدد كاف من الطلاب لتلك الدول، ومنح بعث دراسية للطلبة المتفوقين في تلك الدول، فيجب علينا زيادة تبادل الطلاب الجامعيين لحضور الحلقات الدراسية على المدى القصير على الأقل، وإجراء البحوث وتعلم اللغة الإسبانية، والأمر الأسهل والأسرع هو تأسيس محطات تبادل ثقافي ومعرفي افتراضية بها ترجمة فورية بجانب استخدام اللغات الدولية السائدة التي يتقنها الكثير في الجانبين.

وعلى المدى المتوسط أرى جدوى في إنشاء أسواق حرة لاتينية في الدول العربية تكون بمثابة منصات تبادل تجاري مستدامة، فقد حان الوقت لتسريع اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين، وبالتالي اعتماد اتفاقات أخرى لتسهيل الاستثمارات وعدم إغفال أهمية دعم الحكومات العربية التي أصبح يُشار لها بالبنان كحكومات ذكية غير تقليدية لمؤسسات الفكر والرأي القائمة في الجانبين.

ومن جهة آخر أرى أن الأمن الغذائي هو مجال رئيسي آخر للتعاون في المستقبل بين الطرفين، وتبني برامج مشتركة بشأن الإنتاج والخدمات مثل سلسلة التبريد والنقل والتجهيز وكذلك البحث العلمي والتكنولوجي على البذور والنباتات وتكييفها لظروف الصحراء، وتغير المناخ، والتكنولوجيا الحيوية بصفة عامة، وربط ذلك بمدى تطور التعاون بين الجانبين في ما يتعلق بمشاريع الخدمات اللوجستية وتأسيس شركات شبه حكومية أو خاصة تتبنى تحسين هذه الخدمات لتحسين التبادل الاقتصادي والتقني والتكنولوجي بين المنطقتين وتحسين البنية التحتية والنقل والموانئ والمطارات والاستفادة من النمو السريع في شركات الطيران لبناء القدرات الجديدة التي قد تؤدي إلى مشاريع مشتركة نوعية وخلاقة لتوفير تلك الخدمات اللوجستية، وتلك تطورات واعدة لتذليل العقبات المحتملة لمستقبل التبادل والتعاون بين أميركا اللاتينية والعالم العربي لا تضمن نقلة ومكاسب سريعة ولكن على المدى الطويل ستُحدث الفارق المنشود سياسياً واقتصادياً ومعرفياً.