إنَّ عجلة السلام التي تراوح في مكانها منذ عقود لا تسمح بإقامة دولة فلسطين على عجل، لأنّ كافة المعطيات الواقعية تذهب عكس ذلك وخاصة بعد مطالبة نتنياهو الطرف الفلسطيني الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، وهو ما يعني أن إسرائيل لليهود فقط لا غير، وفي ذلك سقوط لحق عودة اللاجئين قبل الوصول إلى أي حل يرضي أصحاب القضية أولاً وآخراً!
إنَّ السلام الذي يراد الانتهاء من بنائه في إطار الاتفاق على «الإطار» الذي من خلاله يتم البحث عن التفاصيل التي تزعج إسرائيل بالدرجة الأولى والتي يراد عدم طرحها الآن حتى لا يفسد ذلك مشروع السلام المرتقب. فالسلام المطلوب لا يمكن أن يحل بالشرق الأوسط بسلق الزيارات المبتسرة والمفاجئة أحياناً، كأنّ الأمر كله يتعلَّق بما يرِد على الخواطر في لحظتها ثم تنطفئ أو تنفجر كالبالونات الطائرة في الهواء الطلق.
فإذا كان السلام وتحقيقه معلقاً بيد إسرائيل من البداية وحتى النهاية، فلمَ الإسراع به في هذا الوقت الذي ينشغل العالم بمشاكل لا حصر لها سواء في الشرق أو الغرب.
فالجانب الإسرائيلي مثَّل دائماً جانب التعطيل رغم التنازلات الجمَّة التي قدّمت له طوال العقود الماضية من الطررف الفلسطيني حتى جاء الوقت الذي يضغط عليه للمضي في السلام بدون خريطة طريق ولا مطالب ولا حقوق هكذا والسلام.
فالسلام الذي يراد التوصل إليه هو على العظم الفلسطيني، أما اللحم المنزوع منه فلصالح إسرائيل بالطبع، فسلام منزوع الدسم هو الذي يذهب إليه كيري ومعاونوه في الاتحاد الأوروبي الذي يدعم مساعيه.
فجولات كيري تأتي في وقت لا يلتفت فيه العالم إلى القضية الفلسطينية التي تصفّى وسط هذا الانشغال بأكثر من بقعة ساخنة، سواء في أوكرانيا، أو في سوريا، وأفريقيا الوسطى مروراً بـ«الربيع العربي» الذي لم يصل إلى بر من الأمان حتى الآن.
ومن الظلم أن تذهب فلسطين في هذا الوقت غير المناسب ثمناً لما يمر به العالم من أحداث ينسي بعضها بعضاً، وتربك وضع الأمور في نصابها أو تحدد سلم الأولويات والاهتمامات والبدء فيها.
فالسلام بحاجة إلى تجميع الجهود حوله وليس تشتيتها كما هو الحاصل اليوم، فإذا كان العالم حريصاً على الانتهاء من هذا الملف بسلام فلابد من التركيز عليه بدل الالتفاف حوله ووضع العراقيل تلو الأخرى أمام الحل الواقعي.